الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكرار الذنوب مع الاستغفار هل يعد معصية؟

السؤال

السلام عليكم

أنا ككثيرين؛ أقع في الذنوب، وأستغفر ربي، ثم أعود، ثم أستغفر، هل أنا بهذا أرتكب معصية؟

مع العلم أن أي ذنب يجعلني في حالة ضيق شديدة، وأود الثبات على التوبة، وألا أعود إلى الذنوب أبدًا مهما كانت صغيرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamed حفظه الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير، وأن يرضيك به، ونشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله أن يفرج عنك وأن ييسر أمرك.

وبخصوص ما تفضلت بالحديث عنه، نحب أن نجيبك من خلال النقاط التالية:

أولاً: لا شك أن ما فعلته -أخي الفاضل- جرم عظيم ويزداد حرمة وجرمًا إذا كان منك وأنت الشاب المتدين كما يظهر من ثنايا حديثك، ما كان ينبغي لمثلك أن يقع في الذنب، ثم يتوب، ثم يرجع، فاستغفر ربك -أخي الفاضل- ولا تكن كالمستهزئ بربه.

واحمد الله -أخي الفاضل- أن سترك الله، وأمد في عمرك حتى تحدث توبة لله صادقة قبل أن يسارعك أجل الله، أو يكشف الله عنك غطاء ستره، نسأل الله لك السلامة والعافية.

ثانيًا: نريد منك ابتداء -أخي الحبيب- أن تحدث توبة صادقة لله عز وجل، واعلم أن باب التوبة مفتوح، ولا تظن أن الله لن يقبل توبتك وقد فعلت ما فعلت، فالله كريم غفور رحيم، وهو القائل جل شأنه: { ‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} فانظر بارك الله فيك كيف هي رحمة الله مع من أسرف في الذنوب، لكنه عاد إلى الله تائبا نادما، بشره الله بالمغفرة متى ما كان صادقا في توبته، ولعلك تلحظ في صيغة النداء أن الله نسب العاصي إلى نفسه فقال: ( يَا عِبَادِيَ)ثم قال: {الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} أي: أكثروا في الخطايا، {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} لا تيأسوا من رحمة الله، { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} أي: إنه يغفر الذنوب جميعاً عظمت أم صغرت، كثرت أم قلت، فبادر بالتوبة إلى الله وأقبل على ربك، لتخرج إلى الطمأنينة والسكينة.

ألا تريد طمأنينة القلب؟ إنها ها هنا في التوبة. ألا تريد فرحة الروح وسعادتها؟ إنها هنا في التوبة، ألا تريد أن تعيش قرير العين سعيدًا في دينك ودنياك؟ إنها ها هنا في الإنابة إلى الله، قال تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } بل زاد فضل الله وكرمه حين يبدل السيئات والموبقات إلى حسنات كريمات فاضلات، قال الله جل وعلا: { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}.

ثالثًا: نريد منك كذلك أن تتعرف على أناس من أهل الصلاح والدين، فالمرء بإخوانه، وإخوانه بدونه، وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن الذئب إنما يأكل من الغنم القاصية.

رابعا: أعرف -أخي الحبيب- أسباب الوقوع في المعاصي، واجتهد في إزالة تلك الأسباب، واستعن بالله على ذلك.

خامسا: اطلب العلم الشرعي، واحرص على حضور دروس الوعظ، فإن هذا مما يزيد في الجانب التديني، وهذا عامل هام جدًا، لذا نوصيك بكثرة النوافل، والحرص على قيام الليل، أو جزء منه على أن يكون ذلك بصفة مستمرة، واحرص على أن يكون لك ورد من ذكر الله عز وجل.

وختامًا -أخي الحبيب- نوصيك بتذكر اللقاء على الله يوم العرض، وزيارة المقابر للتعرف علي أهلها، ومحاسبة النفس، وأكثر من الدعاء لله عز وجل، وثق أن الله قريب مجيب الدعاء -أخي الحبيب-، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك كل شر، وأن يثبتك على الحق.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • محمد

    جزاك‏ ‏الله‏ ‏كل‏ ‏خير‏ ‏أنا‏ ‏مش‏ ‏صاحب‏ ‏السؤال ولأكن أقع في نفس المعصي ووالله أحب الله ورسوله

  • أمريكا ضياء الدين محمد

    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً