الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاناة بعد تعاطي الحشيش... ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب مبتعث عمري 20 سنة، وكنت أتعاطى الماريجوانا لمدة سنتين، ولكن قليلا جداً، قبل شهرين تعاطيته أنا وزملائي، وأصبت بحالة غريبة جداً، أحسست أني أدور في مكان مظلم، وفقدت وعيي لمدة 10 دقائق تقريباً، وصرت أصارخ، ولم أعرف الناس حولي، وبكيت وأخرجوني وأخذوني للمستشفى، واليوم التالي أصبحت طبيعيا، وبعدها حرّمت أن أحشش مرة ثانية.

المهم قبل 3 أسابيع كنت مجتمعا مع أصدقاء، وكانوا يتعاطون الماريجوانا، وقررت أن أجربه، مع أني حرمت أن أجربه بعد الحالة التي صارت لي قبل شهرين، ولكن مع الأسف جربته، وأتتني الحالة مرة أخرى، ولكن لم أصارخ، ولا شيء، بل ذهبت إلى فراشي فوراً ونمت، بعدما صحوت وإلى يومك هذا شعرت بشعور غريب جداً، وأسأل نفسي أسئلة غريبة مثل ماذا نفعل بهذا الكون؟ لماذا نحن موجودون هنا؟ أين سأكون لو أني لست أنا، وماذا سيحدث بعد الموت؟ فكرة أن جميعنا سنموت كانت تخوّفني كثيراً، ولا زالت ولكن بشكل أقل بكثير الحمد لله، ودائماً أذكّر نفسي بأدعية الإيمان، وهذا كان يريّحني كثيراً.

اليوم أكملت 3 أسابيع بعد ما تعاطيت الماريجوانا آخر مرة، وكانت من أصعب أيام حياتي، كانت تأتيني أفكار مرعبة، وأتعوّذ من إبليس دائماً، وأقرأ القرآن، وأستمع إلى الرقية الشرعية.

أستطيع أن أقول بأن الأفكار المرعبة أصبحت لا تسيطر علي مثل الأيام السابقة، ولكن الآن أعاني من اكتئاب وحزن شديد لا يعلمه إلا الله، لا أدري هل هذا عقاب من الله أم هو ندم بأنني كررت نفس الخطأ مرتين أو أنني أريد أن أكون بجوار أهلي في الفترة الصعبة هذه، ولكنني حزين جداً جداً ولا أستطيع فعل أي شيء منتج إلا بصعوبة، وأصبحت غير متحمس للحياة أبداً، الأفكار المرعبة لم تؤثّر علي مثل أوّل -بفضل الله- لأنني أقنعت نفسي بأنها من الماريجوانا، وأنها ستزول مع الوقت؛ لأني بحثت عن الموضوع وقالوا بأن الماريجوانا يجلس بالدم لمدة 40-60 يوما، ولكن ما سبب الاكتئاب؟

مع العلم أنني مواظب على الصلاة والدعاء والأذكار وقراءة القرآن -يا رب لك الحمد- فأرجو مساعدتي وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالعزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالمادة النشطة الموجودة في المرجوانة تُسمى (تترا هيدرو كنابلول) (THC) وهذه المادة يتباين تفاعلها من إنسان إلى آخر، وهي تعمل من خلال إفراز مادة تُسمى بـ (الدوبامين) هذه المادة هي التي تتحكم في التحفيز والمردود الإيجابي عند الإنسان.

والذي حدث لك أعتقد أنه تسممّ مفاجئ جدًّا أدى إلى إفراز كمية كبيرة من هذه المادة (دوبامين) وربما موصلات عصبية أخرى، وليس من الضروري أبدًا أن تكون كمية الحشيش التي تناولتها كبيرة أو تركيز هذه المادة عاليا، فالذي أراه أنه في الأصل لديك الاستعداد للتفاعل السلبي مع مادة الحشيش، وهذه من وجهة نظري نعمة من نعم الله عليك ورحمة كبيرة، ويجب أن تأخذ هذا الأمر بجدية، وتجعله بابًا لتوبتك، وأن تقلع إقلاعًا تامًا عن هذه المادة التي تسبب الضرر والوبال.

وأقول لك وبكل علمية ومهنية: انخراطك في تناول مادة الحشيش يجعلك قابلاً وبصورة واضحة جدًّا للأمراض العقلية الذهانية مثل مرض الفصام، وما حدث لك هو مجرد مقدمات، هذا التهيج الكيميائي الكبير أدى إلى التهيج الجسدي والنفسي، ومن ثمَّ ظهرت عندك الوساوس، هذه التساؤلات الغريبة التي تحدثت عنها.

فيا أيها الفاضل الكريم: أريدك أن تدرك نفسك إدراكًا صحيحًا، وأن تبعد عن هذه المادة المحرمة قطعًا، وأن تحافظ على نفسك وصحتك ودينك، هذا هو العلاج، وهذا هو الذي سوف يفيدك.

وأعتقد أنه لا بأس أبدًا أن تتناول دواءً بسيطًا مثل العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل) ويسمى علميًا باسم (سلبرايد) ويسمى في المملكة العربية السعودية تجاريًا باسم (جنبريد) هذا الدواء - إن شاء الله تعالى – ينظم إفراز مادة الدوبامين ويُرجعها إلى مستقرها الطبيعي، الجرعة هي كبسولة صباحًا ومساءً، وقوة الكبسولة خمسون مليجرامًا، تناولها لمدة شهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة ليلاً لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بالنسبة لمدة بقاء المرجوانة في الجسم: لا تبقى في الدم لفترة طويلة، إنما في بعض الأحيان تترسب المادة النشطة – وهي: THC – على الشحوم الموجودة في داخل الجسم، ومن ثم يبدأ إفرازها تدريجيًا، وقد تستمر هذه العملية حتى لمدة ستة أسابيع لدى بعض الناس.

لكن في نهاية الأمر مهما طالت المدة أو قصرت التي تظل فيها المرجوانة ملتصقة أو مترسبة على الشحوم الجسدية، ففي نهاية الأمر سوف تنتهي - إن شاء الله تعالى – وقطعًا الدواء الذي وصفته لك سوف يُريحك كثيرًا.

أخِي الكريم: الحمد لله الذي جعلك تواظب على صلواتك والدعاء والذكر وتلاوة القرآن، هذا أمر جميل ومُفرح، واسأل الله تعالى أن يثبتك على هذا الطريق، وفي ذات الوقت احذر من أن تفتح أي باب للشيطان حتى لا يدخل من خلاله وتبدأ في تناول الحشيش مرة أخرى، لا تستسهل هذا الأمر، يجب أن تعطيه الغلظة، واجعل التفريق ما بين الحلال والحرام واضحٌ في حياتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • لبنان غير معروف

    اشكركم جزيل الشكر على المبادره الجميله

  • رومانيا انا

    رائع

  • محمد ماهر

    بارك الله فيك واعطاك الله العافيه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً