الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت فتاة وأريدها زوجة لي ولكن ظروفي غير مهيأة، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب جامعي، وقع في قلبي محبة إحدى الزميلات، وهي ذات أخلاق ودين وجمال, والحمد لله أنا ممن يلتزمون بالفروض والنوافل قدر استطاعتي، ومنذ حدوث ذلك اجتهدت أكثر في أداء صلاة الجماعة وغض البصر، وفي الحفاظ على الدعاء لي ولها بالخير، واجتهدت بأداء صلاة قيام الليل للدعاء عسى أن يجعلها ربي من نصيبي، وفي المواظبة على الاستغفار والذكر، عسى أن يفرج ربي عني، وفي نيتي الاستمرار على الطاعات سواء أجعلها ربي من نصيبي أم لا, وقد أخبرت والدتي بحالي ولقيت قبولا من والدتي.

واستخرت ربي بالتقرب منها وفق الحدود والضوابط، وكنت أجد توفيقا غير طبيعي في ذلك، وشاهدت العديد من المنامات مما يصح تفسيرها بأنها ستكون من نصيبي، كالإمساك بين يدي بكتاب منها، ومشاهدتي لها بحجاب أسود وكحلة سوداء (وكان المنام الأول في رمضان الماضي، وعلى ما أذكر قبل المغرب ) وغيرها من المنامات التي يصح تفسيرها بأني سوف أتزوج, وأُشهد الله بأني أحبها في الله، ولا أطمح إلا للزواج الحلال، وأنا قرأت أحد الأحاديث النبوية لسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقول: "لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة "، ومما قرأت أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر التفت إلى أصحابه وقال : " هل رأى منكم أحد رؤيا " كي يفسرها لهم, وكذلك سورة سيدنا يوسف التي بدأت برؤيا وانتهت بحقيقة.

وسؤالي: هل أستمر على ما أنا عليه تجاه هذه الفتاة؟ وهل يمكن الاعتماد ولو قليلا على المنامات في أمور حياتي, خاصة أنني أرى العديد من المنامات في العديد من جوانب حياتي والعديد منها يتحقق, وأنا لا أنام إلا وأنا طاهر، وغالبا متوضئ.

مع العلم أن الفتاة في فترة خطبة وهي تشعر بي، وتعرف أخلاقي والتزامي, لكني أشعر بأنها تريد الخطبة ممن هم أقدر مني، وأنا بحاجة لسنة حتى أستطيع خطبتها؛ فنحن على أبواب تخرج، ولن أتجرأ على طلب الانتظار منها لتوفر العديد حولها ممن هم أقدر مني على خطبتها في هذه الفترة، ولشعوري برغبتها بالارتباط بمن هم في وضع مستقر وأفضل من وضعي الحالي، كما أسلفت سابقا.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك ابننا الفاضل، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونؤكد لك أن من مناقب الشاب أن يختار صاحبة الدين والخلق، ومن مناقب الفتاة أن تقدم الدين والأخلاق في مَن يتقدم لخطبتها، وإذا كان في زواجها والارتباط بها خيرًا نسأل الله أن يسهل لك ذلك.

وأعجبنا وأسعدنا أنك أشركت الوالدة، ونتمنى أن يكون لها دور، بأن تصل إلى أهل الفتاة وتكلمهم، حتى تُصبح الأمور واضحة بالنسبة لك، وحتى لا تنتظر السراب، ولا نريد لك أن تنتظم مع المشاعر والعواطف (العواصف) دون أن يكون هناك غطاء شرعي، ودون أن تتأكد أن الأمر يسير بالطريقة التي تُريدها، وأن الفتاة ليست مرتبطة.

إذا كانت الفتاة الآن في فترة خطبة؛ فلا يحل للإنسان أن يخطب على خطبة أخيه حتى يأذَنَ أو يدعَ.

ولذلك ينبغي أن تتوقف، وتسيطر على مشاعرك، لأنا لا نريد للشاب أن يكون قلبه مع فتاة ويتزوج بغيرها، ولا نريد للفتاة أن ترتبط بشاب عاطفيًا ثم تتزوج من غيره، لأن هذا أولاً مخالفة شرعية، والأخطر من ذلك – وفي الخطورة أيضًا – أنه لا يجلب السعادة، بل يظل الإنسان في تعاسة وفي شقاء، ولا يكون الزواج سببًا للعفَّة المطلوبة.

لا مانع من أن تستمر في الدعاء، ونسأل الله أن يزيدك حرصًا وخيرًا، ولكن من المصلحة أن يُحسم هذا الأمر حتى لا تظل معلقًا، وحتى تعرف الأمر إذا كان لك أو عليك، وأسعدنا أنك ستستمر على الطاعات في كل الأحوال، وهذا مما ينبغي أن يحرص عليه الإنسان، حتى لا يكون ممن (يعبد الله على حرفٍ، فإن أصابه خيرٌ اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه، خسر الدنيا والآخرة).

نشكر لك هذه الاستشارة الرائعة، ونتمنى تحويل هذه الأحلام إلى واقع، ولا شك أن الأحلام مبشرات لصاحبها، وإذا وجدت من يُحسن تعبير هذه الأحلام – أو المنامات – ففيها خيرٌ للإنسان، وهي جزء – كما ذكرت – من ستٍّ وأربعين جزءا من النبوة.

نسأل لك التوفيق والسداد، وأن يُقدِّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً