الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس أن ذكائي واستيعابي أقل من أقراني... كيف أرفعه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة تمريض في جامعة عريقة، اجتزت السنة الثانية على التوالي، وأنا الآن في السنة الثالثة، وعلى أبواب الامتحانات النهائية، عندي ضعف استيعاب، وقلة في التركيز، والنسيان، وقلة في سرعة البديهة، مع العلم أن عملي المستقبلي مرهون على تلك الميزات، حيث إني لاحظت على نفسي بأني ليس لدي القدرة للرد على أوامر الأطباء والأشخاص المسئولين بسرعة.

وإذا ركزت في شيء (كتابة، أو قراءة شيء معين..الخ) لو اهتزت الأرض لن أنتبه بذلك؛ لعل سبب ذلك أني منذ أن كنت صغيرة، كنت أعتمد على الحفظ، وكانت الدراسة منذ كنت صغيرة تأخذ مني الوقت الكثير)، إلا أني كنت أحصّل علامة ممتازة، وحتى في الثانوية، كذلك الأمر، وأيضا في الجامعة كذلك، حيث إني كنت متفوقة من ناحية العلامات، إلا أني أرى اختلافًا كبيرًا في القدرات العقلية بيني وبين زملائي في الدفعة من حيث منهجية التفكير، القدرة على المزاح، والسرد القصصي، واتضحت معاناتي أكثر باحتكاكي بزملائي أثناء عملنا كفريق، حيث إنني لا أتساوى معهم في سرعة التفكير والبديهة، كما أنني لا أستطيع التفاعل معهم بالطريقة المناسبة، ولا أستطيع على مجاراتهم، وأثناء حديثهم لو ركزت معهم أبقى صامتا؛ لأني لا أجد أي شيء أقوله (العلاقات الاجتماعية بين الأشخاص قائمة على إدراك العلاقات بين الأشياء والتذكر...الخ)، وأنا لا أقدر على فعل ذلك!

كما أني ضعيفة الإدراك لمن حولي، وسرعة استجابة حواسي مثل: كبار السن بالضبط(ضعف في المراكز السمعية والبصرية)، كما أنني أعبر عن الذي بداخلي بكلمات بسيطة جدًا، وأحيانًا لا أجد شيئًا أقوله.

زملائي وأساتذتي حاليًا يعاملوني كشخصية (غبية، بلهاء) أقولها وبكل صراحة- معهم حق، كما أن سرعتي في المشي بطيئة جدًا، وكذلك في العمل وكل شيء، وذلك بسبب بطء العمليات الدماغية التي عندي.

حاولت أن أعرف أسباب ذلك، هل هو من منهجية الدراسة الخاطئة؟ أم عوامل وراثية تحد من قدرات الإنسان الذكائية (أقلة من أقاربي من يتمتعون بالذكاء)؟ أم استغراقي لمدة طويلة في أحلام اليقظة والسرحان في الفترة السابقة؟ أم من النقص في الفيتامينات والحديد كما أشارت لي الفحوصات؟

أنا الآن في عزلة عن زملائي، ولا التواصل في علاقاتي الاجتماعية، كما أن حياتي تزداد سوءًا يومًا بعد يوم؛ لأني أشعر أن نفسي أقل بكثير من أبناء جيلي؛ ولأن طبيعة عملي المستقبلي يرتكز على هذه السمات(الذكاء، وسرعة الاستيعاب، والتركيز)؛ الحياة بشكل عام تتطلب هذه الأشياء وأنا خائفة بكل صراحة من أن يتضرر أحد مني مستقبليًا، وخائفة أيضا على مستقبلي على المستوى العملي، والشخصي، ولذلك حاليًا لا أدرس (أحفظ) كما من قبل؛ لأني أدركت تمامًا أني مهما درست لن يفيدني ذلك في شيء، وأنا الآن على أبواب الامتحانات النهائية، ودائم التفكير في هذا الشأن.

وعندي سؤال يحيرني دائمًا، هل يمكنني تطوير معدل ذكائي؟ لأن مستقبلي مرهون بتلك السمة، وهل عند التزامي بالمدعمات بسبب النقص في الفيتامينات (بي 12) وحديد- هيموجلبين الدم=10.4، البي 12=156، سيجعلني أكثر ذكاءً وتركيزًا.

(مستعد أن أفعل أي شيء لتطوير قدراتي تلك)، هذه الرسالة مثلاً أخذت في طباعتها حوالي 40 دقيقة.

أرجوا الرد من سيادتكم، ومساعدتي في الإجابة على افتراضياتي(السبب في قلة الاستيعاب والتركيز)، ولن أنساكم من دعائي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بنت فلسطين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك واضحة جدًّا ومعبرة، والذي استخلصته من خلالها أنه ليس لديك مشكلة حقيقية في الإدراك، بل على العكس تمامًا مقدراتك المعرفية عالية جدًّا، لكن ربما تعانين من شيء من البطء، البطء الوسواسي، وهذه الحالة وإن كانت نادرة، لكنها معروفة.

الإنسان قد تأتيه مشاعر بالبطء، وعدم الكفاءة، وضعف التفاعل الاجتماعي، وضعف الاستذكار، هذه في مجملها نعتبرها نوعًا من البطء الوسواسي، وليست علة عضوية حقيقية.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت بفضل الله تعالى اخترت مهنة راقية جدًّا من وجهة نظري، مهنة تفاعلية، مهنة إنسانية عظيمة جدًّا، وهذا يجب أن يحسِّن قناعاتك حول مستقبلك المشرق -إن شاء الله تعالى-.

والخطوات التي يجب أن تتخذيها كالآتي:
1) عليك أن تقرئي حول علم الذكاء الوجداني، أو ما يعرف بالذكاء العاطفي، ومن أفضل الكتب التي يمكن قراءتها الكتاب الذي ألَّفه الدكتور دانييل جولمان، وهو الذي أتى بهذا العلم عام 1995.

الذكاء الوجداني هو الذي من خلاله يفهم الإنسان ذاته ويتعامل معها إيجابيًا، ويفهم الآخرين ويتعامل معهم أيضًا إيجابيًا، هذه نقطة أساسية مهمة.

2) اقضِ أكبر وأطول وقت ممكن مع المرضى، في الحديث معهم، التواصل معهم، هذا سوف يجعلك تفاعلية جدًّا.

3) عليك بالنوم المبكر؛ لأن النوم المبكر والاستيقاظ لصلاة الفجر، ثم بعد ذلك استذكار بعض المواد في ذاك الوقت يعطيك شعورًا بقوة الاستيعاب، وهذه حقيقة ثابتة؛ لأن النوم هو أكبر مرمِّم ومحفز للخلايا الدماغية.

4) عليك بممارسة أي تمارين رياضية تناسب الفتاة المسلمة.

5) لا بأس أبدًا أن تتناولي أحد الأدوية التي تساعدك في التخلص من البطء الوسواسي، والمشاعر السلبية حول تقدير الذات، منها عقار (فلوكستين)، والذي يعرف تجاريًا باسم (بروزاك)، أراه دواءً رائعًا جدًّا.

الجرعة التي تحتاجين لها كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهر، ثم تتوقفي عن تناوله.

الدواء ممتاز وسليم جدًّا وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية.

وإن استطعت أيضًا أن تقابلي طبيبًا نفسيًا فهذا أمر جيد، لكن أعتقد أن النقاط الخمسة التي ذكرتها لك إذا أخذت بها سوف تكونين بإذن الله تعالى أكثر ثقة في مقدراتك وتأكيدًا وفهمًا لذاتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً