الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بين الحيرة في القبول بأي شخص يرضي والدي وانتظار الزوج الصالح

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا، ونفع الله بكم أمة محمد -عليه الصلاة والسلام- على إتاحة الفرصة لنا في تلقي كل ما هو مفيد ونافع.

أود نصيحة ورأيا فيما سأطرحه لكم، أنا فتاة في إحدى خانات العشرينات من العمر، مطلقة حديثاً بسبب عدم استطاعتي أن أعيش مع رجل لا يصلي ويستمع للمحرمات وبعض من الأمور، نسأل الله له ولنا الهداية والمغفرة.

يشهد لي الجميع -ولله الحمد- بالدين والخلق، ويتقدم لي شباب للزواج وهذا بفضل الله ومنة، ولكن سرعان ما يتم الرفض إما مني أو من والدي أو والدتي، والسبب الذي هو مني أني لا أريد أن أرتبط إلا برجل صالح ذو دين وخلق، وللأسف لا يأتي من أرغب به، فجميع من أتى للخطبة هم مثل الزوج السابق تقريبا، ونادرا قد يأتي رجل لا بأس فيه، ولكن الوالد -حفظه الله- يرفضه بسبب نسبه لأنه يهتم بشكل كبير بزواجي برجل من قبيلة معروفة، أحتار دائما، هل علي إثم حين أرفض من يتقدم لخطبتي وهو غير صالح بشكل كبير؟

هذه الأيام تقدم لي شاب من قبيلة معروفة ومن عائلة جدا فقيرة، الشاب محترم جدا وذو قلب طيب وأبيض صاف، ولكن عيبه أنه غير منتظم في الصلاة، متهاون فيها يصلي فرضاً ويترك فرضا، والدي معجب به كثيرا لأنه محترم ومن قبيلة معروفة، ووالدتي غير معجبة به لأنه فقير فقط، ودائما تذكر لي أني إذا تزوجته لن تهتم بي ولن تسأل عني، وأنا محتارة لأنه متهاون في صلاته، فكيف ستكون تربية أطفالي؟ وحديث والديّ وتعارضهما يقلقني بشدة لأني لا أرفض طلبهما.

أخاف أن يذهب قطار عمري وأنا أنتظر الشاب الصالح، ولكن للأسف نحن في زمن أصبح الإسلام كما كان غريبا، لا أعلم ما علي فعله، دائما أصلي الاستخارة ولا أفهم ما في قلبي، أحيانا أفكر بالمواقع التي تتيح لنا التسجيل للزواج الشرعي ولكن أخاف منها في عدم المصداقية، ومن الدردشة التي تعتبر نوعا من الخلوة غير الشرعية، وغير ذلك والديّ لن يسامحانني إن تزوجت عن طريق تلك المواقع، فلا أريد أن أفعل شيئا من غير إذنهما، أريد أن أوافق على هذا الشاب ولكن التجربة السابقة أتعبتني بشدة ولا أريد إعادتها، لذلك أرغب بالزوج الصالح ولكن لم نجده، هل علي الانتظار أم الموافقة على هذا الشاب؟

أتمنى نصحي وطرح رأيكم السديد، كنت مترددة في طرح هذا المكتوب، لأنه قد يكون بالنسبة للآخرين أمرا عاديا جدا، ولكن أحببت استشارتكم في هذا، لأنه بالنسبة لي شيء أتعبني بشدة وضاق صدري منه، فما خاب من استشار ولو كان بكلمة واحدة.

وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم، وأسعدكم المولى أينما كنتم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الداعية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الكريمة- في الموقع، ونشكر لك الحرص على صاحب الدين، وقد أسعدنا الرغبة في رضا الوالدين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

وأرجو أن تعلمي أن قرار الزواج قرار بيد الشاب وبيد الفتاة، ولكن الشريعة تُعطي موجهات، فتريد صاحب الدين وتريد صاحبة الدين، والمسألة ما ينبغي أن تكون في مجاملات، فإما أن تجدي صاحب دين تُقبلين عليه ويُقبل عليك، وتشعرا بالانشراح والارتياح فعندها سنقول (لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح)، وإما أن تكون المسألة قائمة على المجاملات وإرضاء الآخرين، فإن هذا لن يكون فيه مصلحة إلا إذا سبقته قناعة وارتياح ورضا وقبول، وتحديد للمهام والأدوار المطلوبة.

ولذلك ينبغي أن تُحسني الاستماع للوالد وللوالدة، ولكن من حقك أن تشترطي الدين، وأول خطوات الدين وأهم عبادات الدين بعد توحيد رب العالمين هي الصلاة، التي فيها سجود وركوع لله تبارك وتعالى، فإذا تاب هذا الشاب وأقبل على الله وانتظم في الصلاة، ثم جاء لبيتكم من الباب وقابل أهلك الأحباب، فعند ذلك لا مانع من أن تقبلي به، لأننا لا نهتم بمسألة الأموال، فالأرزاق بيد الله، ولكن نهتم بأن يكون الشاب صاحب دين وخلق، وممن يتمسك بآداب هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.

ليس هناك داعي للانزعاج، ولكن عليك أن تُقدمي صاحب الدين، وبعد الدين والخلق ينبغي أن يكون بينكما ارتياح وانشراح، وأرجو أن يأتي الشاب بأسرته ويتعرفوا عليكم بعد ذلك حتى توسعوا الدائرة، كما أرجو أن تسألوا عنهم، ومن حقهم أن يسألوا عنكم، لكن نريد قواعد ثابتة، لا نريد مجاملة في هذه المسألة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً