الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أراقب تصرفات الآخرين من حولي لدرجة التركيز، فما تشخيصكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 22 سنة، أعاني من حالة بدأت منذ حوالي خمسة أشهر تقريباً، وهي أنني أنتبه لحركة الأشخاص أمامي عند انشغالي بعمل ما ويتشتت انتباهي, فمثلاً عندما أعمل على الحاسب -وإذا كان شخص يجلس أمامي- فحتى وأنا أنظر إلى الحاسب أحس أني أراقب أي حركة يتحركها الشخص أمامي وأتأثر بها؛ فإذا تحرك حركة ما قد ترف عيني فيحس بأني أنظر إليه بالرغم من أن عيني غير موجهتين إليه، وهذه الحالة لا تحدث في حال كان الأشخاص أمامي من المقربين إلي. وإذا كنت أتحدث إلى شخص وحرك يده بحركة ما؛ فإن عيناي تلتفتان إلى يده ويتشتت انتباهي معها.

بدأت هذه الحالة خفيفة؛ حيث كانت تحدث معي في مواقف قليلة، ولكن الآن تزداد المواقف التي تحدث فيها، فإذا دخلت إلى مكان ما فإن دماغي يحدد شخصا ما وينتبه لحركاته, وإذا كنا نتناول الطعام أراقب حركات الآخرين ويتشتت انتباهي معهم، وإذا كنا نقرأ أراقب تحركات الآخرين على الرغم من أني لا أنظر إليهم، ولكنهم ما داموا في مجال رؤيتي؛ فإن دماغي يراقب حركاتهم ويتشتت انتباهي معهم. وعندما أتناول مشروبات منبهة كالقهوة تزداد هذه الحالة.

قد لا تسمح لي ظروفي بمراجعة طبيب، فأرجو المساعدة والإفادة، وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Salem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك هذه أرى أنها تأتي تحت ما يسمى بالطيف الوسواسي، لديك علة واحدة، وهي الربط ما بين حركة الأشخاص ومجال البصر لديك، وهذا الأمر يشد انتباهك حتى ولو كنت مشغولاً بفعل آخر.

الذي أراه أن هذا نوع من الربط الوسواسي الذي تطبعت عليه، ولا شك أن التطبع الوسواسي إذا لم يُوقفه الإنسان في وقت مبكر سيظل عادة مكتسبة، قد يتقبلها الإنسان جزئيًا، لكن في ذات الوقت يراها ليست صحيحة أو منطقية أو سليمة، وعليه أخي الكريم: تعامل مع هذا الأمر على هذا النطاق، أريدك أن تصرف انتباهك تمامًا بأن تحقّر الفكرة، هذا في الأساس.

الخطوة الثانية هي: أن تنهي نفسك عن هذا الفعل، فأنت تمتلك إرادتك بصورة كاملة، خاطب نفسك، وقل لنفسك (لماذا أقوم بهذا الأمر؟ هذا لا داعي له) ومن ثم تحقّر الفكرة وتتجاهلها.

النقطة العلاجية الثالثة هي: أن تلجأ إلى ما يسمى بفك الارتباط الشرطي، تمرين بسيط جدًّا، تصور أنك سوف تقوم برؤية شخص ما دخل عليك وبدأ ذهنك في التشتت وأصبحت لا تُركز على الفعل الأصلي الذي تقوم به. تأمل وتصور هذا الموقف، وفجأة قم بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب كسطح الطاولة مثلاً. الهدف هو أن تحس بالألم حين تضرب على يدك، وهذا الألم حين يُربط مع الفعل الوسواسي الأصلي سوف يُضعفه.

هذا التمرين يتطلب جدية في التنفيذ والتطبيق وقناعة به، وتكرار التمرين عشر مرات صباحًا وعشر مرات مساءً.

بعد ذلك - أخي الكريم – حاول دائمًا أن تكون في حالة استرخائية، مارس الرياضة، مارس تمارين الاسترخاء (2136015)، ومن الواضح أن النواة القلقية عندك قوية بعض الشيء، لأن تناول المنبهات كالقهوة يزيد عندك هذا الربط الوسواسي، فحاول أن تخفف منها، وأن تكون أكثر استرخاءً.

لا بأس أيضًا أن تتناول أحد الأدوية المضادة للوساوس التي على هذه الشاكلة، من أفضل الأدوية عقار يعرف تجاريًا باسم (فافرين) ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين) الجرعة هي أن تبدأ بخمسين مليجرامًا ليلاً، تتناولها بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها مائة ليلاً لمدة خمسة أشهر، ثم خمسة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، والذي هو سليم جدًّا وفاعل جدًّا وغير إدماني، أسأل الله تعالى أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً