الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أشعر بمراقبة الله لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو توضيح كيف يشعر العبد بمراقبة ربه له والخوف من عذابه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamed mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أيهَا الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك دوام مراقبته والخوف من عقابه، ونشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك حرصك على معرفة المراتب والمنازل التي تقربك إلى الله تعالى، ومراقبة الله تعالى هي الإحسان الذي هو مقام أعلى مقامات الدين، كما قال جبريل عليه السلام للنبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) فالمراقبة معناها استشعار العبد أن الله تعالى يراه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه شيء من أمره.

فاستحضار العبد لهذه المعاني على الدوام يدفعه نحو الإحسان في عمله، بأداء ما فرض الله عليه واجتناب ما حرم الله عز وجل، كما يدفعه إلى الإحسان في ذات العبادة فيؤديها على الوجه المطلوب منه، مخلصًا فيها لله، متابعًا فيها لشريعة الله.

ومما يعين العبد على استحضار المراقبة دوام المطالعة والتفكر في أسماء الله تعالى وصفاته، فمن عرف الله تعالى علم أنه لا تغيب عنه غائبة ولا تخفى عليه خافية، يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، وهو على كل شيء رقيب وعلى كل شيء شهيد، وكفى به حسيبًا ورقيبًا.

فمطالعة أسماء الله تعالى وصفاته تُغذي القلب بهذه المعرفة، وننصحك بدوام المطالعة والقراءة في صفات الباري تعالى وأسمائه.

وأما الخوف من الله تعالى فهو الزاجر للإنسان عن الوقوع فيما حرم الله تعالى عليه، فكما أن الحب لله يدفعه إلى الطاعة والمزيد منها، فإن الخوف من العذاب يمنعه ويحول بينه وبين الوقوع في المعصية، فهو كالسوط الذي تُساق به الدابة، فتخاف إذا انحرفت أن تُضرب به، والخوف يغذيه في القلب استشعار واستحضار العقوبات التي أعدها الله تعالى للذنوب والمعاصي، أي لمرتكبيها إذا ارتكبوها.

ومما يولِّد الخوف في القلب أيضًا استشعار الإنسان واستحضاره أنه قد يموت ويباغته الأجل قبل أن يُصحح ويتوب مما جنى وأسرف، فإن الموت قريب وأقرب إلى أحدنا من شِراك النعل الذي يلبسه، فإذا استحضر الإنسان هذا المعنى وعلم أنه ربما يُباغته الأجل قبل أن يتوب تولَّد في قلبه الخوف من أن يقبضه الله تعالى فيوافي ربه بتلك الذنوب والمعاصي.

ومما يزرع الخوف أيضًا في القلب استحضار الإنسان لحقيقة مهمة وهي أنه قد لا يوفق لتوبة ولا يُرزق حب الإنابة والرجوع إلى الله تعالى بعد ذنبه، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فلا يستطيع الإنسان التحكم في قلبه على الدوام، كما قال الله عز وجل: {يا أيهَا الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تُحشرون}.

فهذه الأمور الثلاثة تزرع في القلب الخوف من الله تعالى، وإذا وُجد الخوف حسن العمل وصحح المسير، واجتنب الإنسان ما حرم الله عز وجل عليه، حتى يأتيه الموت فيرفع الله عز وجل عنه الأحزان كما قال سبحانه: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يرزقنا وإياك حسن التوبة والإنابة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا hamood

    جزاكم الله خيرا

  • رومانيا مصطفى

    جزاك الله خيرالجزاء ونفعنا بعلمك

  • أمريكا عبد الله

    نسأل الله ان يعينكم على تذكير الناس با الله ويتقبل منكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً