الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من غازات تخرج مني دون إرادتي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم...

أنا طالبة عمري 20 سنة... أعاني من وجود غازات كثيرة، تخرج مني بدون إرادتي، أثناء الصلاة وغيرها، وأقل شيء أعيد وضوئي ثلاث مرات يومياً، وقبل أشهر كنت أستغرق ساعه لكل صلاة، حتى أكمل صلاتي بدون غازات كنت أتوضئ أكثر من عشرين مرة، كما أنني لا أستطيع قراءة القرآن لذلك.

وكنت أمارس العادة السرية، وتبت منها -والحمد لله-، لكنني لم أكن أعرف أنها تبطل الصلاة والصوم، ولا أعرف عدد الأيام التي فعلت فيها ذلك، وبطل فيها صومي. وأعاني كذلك من الخوف الشديد جداً من الاختبارات، فعندما يبدأ الامتحان، فإن جسمي يرتجف، وكذلك يداي، ولا أستطيع أن أمسك القلم لأختبر، مع أن الله لم يتركني يومآ، فرغم كل هذا الخوف، فأنا متفوقة بدراستي -ولله الحمد-.

سؤالي: ماذا أفعل بخصوص الغازات؟ وهل أعيد الصلاة والصوم؟ وكيف أتغلب على الخوف من الاختبارات؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لديك نوع من القلق النفسي العام، والقلق النفسي أدى إلى وساوس من وجهة نظري.

موضوع الغازات الذي يشغلك قد يكون هنالك فعلاً زيادة في الغازات لديك، لكن في ذات الوقت أصبحت مخاوفك وسواسية، بمعنى أنك تفترضين أن مشكلة الغازات سوف تمنعك من الصلاة، أو تدفعك نحو إعادة الصلاة، وتُبطل صلاتك -وهكذا-، إذًا الجانب القلقي الوسواسي هو الجانب المهيمن.

ويظهر قلقك من خلال ما ذكرته في الجزء الأخير من استشارتك، حول موضوع الخوف وعدم القدرة على مواجهة الامتحانات، وضعف التركيز والتردد، إذًا لديك درجة بسيطة مما يسمى بقلق المخاوف الوسواسي.

هذا يعالج عن طريق الدواء، إذا استطعت أن تقابلي طبيبًا نفسيًا فهذا جيد جدًّا، وإن لم تستطيعي فهنالك دواء يعرف باسم (زولفت)، والذي يعرف أيضًا تجاريًا باسم (لسترال)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، دواء متميز لعلاج (قلق المخاوف الوسواسي)، أعتقد أنه سوف يفيدك كثيرًا، تشاوري مع أهلك في خصوص الذهاب إلى الطبيب النفسي، أو تناول الدواء.

جرعة (السيرترالين) المطلوبة في حالتك هي جرعة بسيطة، وهي أن تبدئي (بخمسة وعشرين مليجرامًا) –أي نصف حبة، حيث إن الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا– تناولي هذه الجرعة الصغيرة لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها حبة ليلاً، أي (خمسين مليجرامًا)، تناوليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء، هذا الدواء سليم ومفيد وغير إدماني، والجرعة التي وصفناها لك جرعة صغيرة جدًّا.

الأمر الثاني هو: التجاهل، يجب أن تتجاهلي موضوع الغازات هذا تمامًا، وتحاولي أن تمارسي أي نوع من التمارين الرياضية التي تناسب الفتاة المسلمة، الرياضة تزيل القلق والتوترات، وتزيل عنك أعراض القولون العصبي إن كانت لديك.

وموضوع الغازات هذا أيضًا قد يكون لديه علاقة بالطعام، فحاولي أن تلاحظي وتراقبي إن كان الطعام مساهماً، أو نوعية الطعام تساهم في هذه الغازات، فيجب أن تتجنبي الأطعمة التي تُثير عندك هذه الغازات، وبهذه المناسبة كثيراً من الناس لديهم حساسية للحليب، تعرف (حساسية اللاكتوز)، وفي هذه الحالة يجب أن يتوقف الإنسان عن تناول الحليب.

بالنسبة لموضوع العادة السرية: لا شك أنها عادة قبيحة، ومذلة للنفس، ومهينة للذات، و-إن شاء الله تعالى- إقلاعك وتوبتك عنها هي أكبر مكافأة تقدمينها لنفسك، فأهنئك على ذلك تماماً، أما في الجانب الشرعي فسوف يتفضل أحد الأخوة المشايخ بالإجابة على سؤالك.

بصفة عامة أريدك أن تكوني أكثر تفاؤلاً وأكثر ثقة في نفسك، وأن تُحسني إدارة الوقت، لأن إدارة الوقت سوف ييسر عليك تماماً إدارة حياتك بصورة إيجابية، لا بد أن يكون لك آمال وتطلعات وأهداف، وأن تضعي الآليات التي سوف توصلك إلى هذه الأهداف، وقطعًا الاجتهاد هو الآلية، أو الطاقة المهمة التي لا بد للإنسان أن يهتم بها حتى يُنجز.

بالنسبة لتنظيم الوقت: نحن نركز عليه كثيرًا، لأن الإنسان الذي ينظم وقته بالفعل يستطيع أن يدرس، يستطيع أن يرتاح، يستطيع أن يرفه عن نفسه، يستطيع أن يؤدي عبادته في سكينة وطمأنينة، فأرجو أن تسعي نحو هذه الآليات البسيطة والمهمة في ذات الوقت.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
---------------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-،
ويليها إجابة: الشيخ/ أحمد الفودعي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
---------------------------------------------------------------------------
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك حرصك على معرفة ما يهمك من أمر دينك وعباداتك، وهذا دليل على حسن في إسلامك، نسأل الله -تعالى- أن يأخذ بيدك لكل خير.

أولاً نحن نحب أن نطمئنك -أيتها البنت العزيزة– بأن شريعة الله -تعالى- سهلة سمحة، وأن تكاليفه يسيره، فإنه سبحانه لا يكلف نفسًا إلا ما آتاها، ولا يكلف نفسًا إلا وسعها، وقد قال نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (إن هذا الدين يُسْر) وقال: (ولن يُشاد الدين أحد إلا غلبه).

وبهذا كله تعلمين، أن ما يحاول الشيطان أن يقذفه في قلبك من تثقيل العبادة عليك، إنما هو جزء من مكايده، وكيده ليصدك عن ذكر الله، وعن الصلاة، ودواء هذا وعلاجه -أيتها البنت الكريمة– أن تأخذي بنصيحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم– فهو الرؤوف الرحيم، وقد شرع لنا أبواب الخير ودلنا عليها، ومن هذا ما دلنا فيه -عليه الصلاة والسلام– في كيفية التعامل مع الوسوسة في الطهارة، وفي غيرها من أمور الدين، فقد شرع لنا -عليه الصلاة والسلام– ألا نلتفت إلى الوسواس والشكوك، ولا نبني عليها حُكمًا، ولا نعول عليها، فقد شُكي إليه الرجل ليقوم في الصلاة، فيُخيَّل إليه أنه قد خرج منه شيء –يعني ريح أو غازات– فقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا).

وأصَّل العلماء على هذا الحديث قاعدة عظيمة، قالوا فيها: (اليقين لا يزول بالشك)، وأنت إذا علمت بهذا فإنك ستستريحين -بإذن الله تعالى– كثيرًا، فالأمر سهل يسير.

فإنك إذا توضأت ينبغي أن تغسلي أعضائك غسلة واحدة، هي الواجبة، والغسلة الثانية مستحبة، ومثلها الثالثة، فإذا اقتصرت على غسلة واحدة للعضو، وصليت بهذا الوضوء، فإن وضوئك صحيح، فاغسلي أعضائك بلا تنطع ولا تكلف، ولو اقتصرت على غسلة واحدة –كما قلنا– ولا تلتفي بعد هذا إلى ما سيقوله الشيطان، ويقذفه في صدرك أنك ما استكملت غسل العضو، أو أنك ما نويت، ولا تلتفتي إليه أيضًا إذا قال لك بعد الوضوء، بأنك قد أحدثت أو خرج منك شيء من الغازات، أو أنك تريدين إخراج شيء من الغازات، كل هذا لا تلتفتي إليه، ولا تحكمي ببطلان وضوئك بمجرد وساوس، وإيحاءات الشيطان، حتى تتيقني يقينًا جازمًا كيقينك بوجود الشمس في النهار، يقينياً تستطيعين الحلف عليه بأنه قد خرج منك شيء، إذا حصل لك هذا اليقين الجازم حينها تتوضئين وتصلين صلاتك بيسر وسهولة.

نحن على ثقة -أيتها البنت الكريمة– من أنك إذا سلكت هذا السلوك، وجاهدت نفسك عليه، فإنك ستُشفين -بإذن الله تعالى– عن قريب مما تعانينه، واعلمي تمام العلم أن الله تعالى لا يحب منك هذا التنطع ولا يرضاه، وأن هذا التنطع من سبيل الشيطان، لكنه يحاول أن يلبسّه لك بلباس الورع والخوف على الدين، والحفاظ على الفريضة والصلاة، وكل هذا من تزيينه وكيده، فالله -عز وجل- نهاك عن اتباع خطوات الشيطان، قال سبحانه: {يا أيهَا الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.

فإذا دعاك الشيطان إلى الاحتياط والحرص والخوف على الوضوء، فلا تلتفتي إليه، واعملي بما أرشدناك إليه، تسلمين -بإذنِ الله تعالى.

وأما ما فاتك من الصلوات بسبب الجنابة، التي كنت لا تعلمين حكمها، فإن كثيراً من العلماء يرون بأنه لا يجب قضاء الصلوات الفائتة، بسبب جهل المصلي بشرط من شروطها، وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى– ووافقه كثير من أهل العلم.

ويسعك أنت أن تعملي بهذا القول، لا سيما مع ما أنت مُبتلاة به من الوسوسة، وقد قال العلماء أن الموسوس يسعه الأخذ بأيسر الأقوال، وأسهلها حتى يمُنَّ الله -عز وجل- عليه بالشفاء.

نسأل الله -تعالى- بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك لكل خير، وأن يصرف عنك كل سوء ومكروه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • روسيا الإتحادية استغفر الله العظيم واتوب اليه

    استغفر الله

  • السعودية hh333

    الحمدلله على كل حال تقريبا نفس حالتي

  • العراق ابو احمد

    جزاكم الله خير الجزاء على ماتقدمونه من خدمه مجانيه جعلها الله في ميزان حسناتكم وبارك بكم وبجهودكم لخدمه الاسلام والمسلمين والناس جميعا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً