الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس القهرية جعلتني أسأل عن كل شيء.

السؤال

السلام عليكم..

أعاني من كثرة التفكير منذ الصغر، كنت أجلس وحيدا في الغرفة وأتحدث مع نفسي، وأسجل حديثي أحيانا بجهاز التسجيل، واستمرت حالتي هذه إلى الكبر، حيث إني لا أستطيع التوقف عن التفكير في كل صغيرة وكبيرة، لماذا حدث هذا؟ ولو كان هكذا كيف كان؟ وماذا سيحصل في المستقبل؟ وخاصة عند محادثة الناس، أراجع جميع التفاصيل بعد المحادثة، وأؤنب نفسي لماذا قلت كذا؟ ولو قلت كذا لكان أفضل، وهكذا..، حتى أشعر بإرهاق فكري شديد وأنام بسرعة، ولكن حتى في المنام أعاني من كثرة الأحلام وأحاديث النفس.

أنا -بفضل الله- التزمت بأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والصلاة في المسجد وطلب العلم الشرعي، ولكن هذا الالتزام ما زادني إلا تفكيرا في الأحكام الشرعية لكل صغيرة وكبيرة؟ وكل كلمة تكلمت بها, وما كانت نيتي منها؟ ثم التزمت بإعفاء اللحية فازددت وسوسة في أفكار الآخرين، وما يظنون بي؟ وغير ذلك.

فهل هذا نوع من الوسواس القهري؟ وهل من حل أو دواء نافع لهذه الحالة؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك جميلة وواضحة جدًّا، وبالفعل أنت لديك طابع وسواسي فيما يتعلق بتفكيرك، وهذا منذ الصغر، والوساوس حين تكون بدرجة معقولة مطلوبة، بل هي وسيلة من وسائل النجاحات في الحياة، لأن الشخص الذي لديه طابع وسواسي صحي دائمًا تجده منضبطًا، تجده ملتزمًا، تجده صاحب قيم ومنظومات للفضيلة قوية وعالية، وتجد أن أموره مترتبة ويُدير وقته بصورة ممتازة مما يساعده على إدارة حياته.

لكن الفكر الوسواسي والنمط الوسواسي في الحياة قد يزداد، وهنا يتحول إلى الضد، بمعنى أنه يُقلق الإنسان ويُوتر الإنسان، ويصيبه بشيء من عسر المزاج ويجعله غير مستقر.

رحلتك الحياتية التطورية من حيث الفكر ومحادثات النفس هي ذات طابع وسواسي، ويظهر أنك أصبحت تؤوّل الأمور دائمًا على هذا السياق الوسواسي، وأتفق معك أن هذا الأمر قد يكون متعبًا بعض الشيء، لكن حالتك ليست خطيرة، وأنا أعتبرها من الحالات البسيطة جدًّا، أي أنه لديك ظاهرة وسواسية لم تصل إلى مرحلة القهرية المطلقة، لكن -إن شاء الله تعالى– لن ندعها لتصل لهذه الدرجة، ولذا أقول لك تناول عقار (بروزاك) والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين) دواء ممتاز جدًّا يثبط الفكر الوسواسي، ويحسِّن المزاج، وهو سليم وغير إدماني.

الجرعة هي كبسولة واحدة في اليوم -وقوة الكبسولة عشرون مليجرامًا– ابدأ في تناولها بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ارفعها إلى كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء, هو دواء سليم وفاعل -كما ذكرت لك– وتوجد أدوية غيره، وإن أردت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا -إن شاء الله تعالى– يعتبر إضافة إيجابية ويكمّل لديك الصورة.

الجانب الآخر هو: دائمًا لا تحاور الوساوس بقدر المستطاع، حاول أن تكبحها وتُلجمها من خلال عدم حوارها, الوسواس يتلذذ جدًّا للمحاورة مع صاحبه، ليتشعّب، ومن خلال هذا الاستدراج يسيطر على الإنسان، لذا يجب أن نغلق الأبواب أمامه من خلال تحقيره وعدم اتباعه وعدم مناقشته.

تطبيق تمارين الاسترخاء أيضًا ذو فائدة عظيمة، فأرجو أن تحرص على تطبيق أي نوع من تمارين الاسترخاء ذات الطابع النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً