الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يرفض أن أتزوج إلا بعد إكمال دراستي، هل أستجيب له أو أترك الدراسة؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 25 عاماً، تأخر زواجي بسبب رفض والدي لجميع المتقدمين، كان مطلبه الوحيد هو إكمال دراستي، إلا أنها متوقفة منذ سنتين بسبب الحروب القائمة في بلدي، هذه السنة أراد والدي إدخالي لجامعة خاصة في المملكة، واشترط أن لا أقبل بالزواج حتى أنتهي من الدراسة، أي أنه سيصبح عمري حينها 29 عاماً، منذ تلك اللحظة أصابني إحباط شديد، ويأس من الحياة، لم أعد أرى لذة للعيش، إلا أني مؤمنة بقضاء الله وقدره، ومداومة على الأذكار والتسبيح، وقراءة القرآن.

أصبحت كثيرة البكاء، مجرد ذكر أن هناك عرساً في بيت فلان، أو فلانة خطبت أبكي بلا شعور، من هن بعمري وأصغر قد أنجبن أطفالاً، أما أنا سأبقي وحيدة، ومن أشهر كثيرة لم أخرج خارج المنزل، ولم أقابل أحداً، أشعر بنقص شديد في شخصيتي واكتئاب، لم يسبق لي أن مررت بمثل هذه الحالة، طلبي من حضرتكم أن تساعدوني، كيف أخرج من هذه الحالة؟ وكيف يمكنني أن أتأقلم مع واقعي المرير؟ وهل أرفض الجامعة الجديدة بسبب الزواج؟ أم أستجيب لأمر والدي وأكمل دراستي والزواج نصيب؟

ساعدوني في اتخاذ قراري، أبعد الله عنكم الحزن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بداية نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يُبعد الحروب والشرور عن بلدكم وعن بلاد المسلمين، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونؤكد لك أن هذا ظرف استثنائي، وأن ما قدَّره الله سيكون، وندعوك إلى التأقلم فعلاً مع هذا الوضع، وإذا جاء الخاطب المناسب فأرجو ألا تترددي، ونحن على يقين أن الوالد لن يتردد، ولكن أيضًا السعي في إكمال والاهتمام بالدراسة، هذا بالعكس يزيد فرص النجاح في الحياة ولا يؤثر على الفتاة، ليس خصمًا.

نحن بدورنا نعتقد أن الزواج لا يمنع الدراسة، بل يعطي الدارسة أبعادًا جديدة، وروحا جديدة في دراستها، ولذلك نتمنى أن تبدئي في الدراسة، وتلبي رغبة الوالد، وإذا جاء الخاطب بعد سنة أو بعد سنتين فعند ذلك لكل حادثة حديث، الإنسان ما ينبغي أن يستبق الأحداث ويبدأ يضع صورة قاتمة أمامه، ونؤكد لك أن النجاح ليس في الزواج وحده، وأن السعادة ليست في الزواج وحده، فهناك متزوجات وغير سعيدات، وهناك عانسات سعيدات، وهناك متعلمات سعيدات، وهناك جاهلات وسعيدات، ونعم الله مقسمة، فهذه يعطيها عافية، وهذه يعطيها زوجا، وهذا يعطيها نجاحا، وهذه يعطيها شهادة، وهذه يعطيها أموالا، والسعيدة هي التي تنظر نعم الله التي تتقلب فيها لتؤدي شكرها، وتنال بذلك الشكر المزيد، لأن الله يقول: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.

اجتهدي في التأقلم مع الوضع، وعليك الإقبال على الدراسة، ونؤكد لك مرة أخرى أن الدراسة لا تضر الإنسان إن لم تنفعه، وأمر الزواج سيأتي في الوقت الذي قدره الله تبارك وتعالى، فالكون هذا ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله تبارك وتعالى، واحرصي دائمًا على الحشمة والآداب، والتأدب بآداب هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ولا تعزلي نفسك في البيت، بل ادخلي في مجتمع النساء، اذهبي إلى المحاضرات، وحفظ السور والآيات، وشاركي في مجتمعات النساء، واختلطي مع من حولك من الفاضلات، واعلمي أن لكل واحدة فاضلة منهنَّ أخ أو ابن أو محرم يبحث عن صالحة من أمثالك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية والسداد.

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونتمنى أن تتفهمي مشاعر الوالد، لأن ذلك يعين على احتمالها، فهو يريد لك الخير، وإن كنا لا نوافق على مسألة تأجيل الزواج وتأخيره، خاصة عندما يطرق الباب الشاب المناسب صاحب الدين والخلق.

نسأل الله أن يهيأ لك من أمرك رشدًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً