الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني صداعاً مزمناً شكل إعاقة حقيقة، ما علاجه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه لنا من خدمة جليلة، جعلها الله في ميزان حسناتكم.

لقد راسلتكم قبل سنة بخصوص الرهاب الاجتماعي، وأعتذر لعدم إدراجي لرقم الاستشارة السابقة لأني لا أتذكر رقمها، وقد وصفتم لي عقار الـ (باروكسيتين)، وانتهيت لتوي من البرنامج العلاجي، والحمد لله رب العالمين على هذا التحسن، وجزاكم الله خيراً.

مشكلتي الآن هي الصداع المزمن الذي يلازمني منذ سنين، فهو إعاقة حقيقية لي، لا يأتيني على شكل نوبة، بل هو صداع معي 24 ساعة، غير أنه يزيد وقت العشاء، كثيراً ما أشعر برغبة في الموت لكي أرتاح من هذه الحياة وتبعاتها، لا أستطيع فعل شيء يا دكتوري، كلما أردت فعل شيء من قراءة كتاب، أو أي عمل، يزيد الصداع، إنه إعاقة حقيقية لي، أتمنى أن أقوم بأعمالي بحرية لكن أشعر بالعجز، وشد شديد، وعدم الرغبة في فعل أي شيء، إنه العجز، أتمنى أن تساعدوني رجاء.

كما أن عندي إمساك مزمن، وكنت قد أصبت سابقاً بالبواسير، دائماً أعاني من انتفاخ البطن بشكل ملفت، أصبحت أستحي منه، وانتفاخ أسفل السرة، وعندي مشكلة أخرى، وهي كثرة التردد على دورة المياه، فأي شيء أشربه أحتاج بسرعة لدورة المياه، وأحياناً أرجع إليه بعدما أكون قد خرجت منه للتو، وأستغل الفرصة لكي أذكر لكم مشكلتي الأخرى، وهي التهاب المهبل، فإني أتأذى من الماء، ويأتيني الالتهاب كثيراً، فما العمل.

بوركتم وبورك مسعاكم، وآسفة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هالة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نحن سعداء جدًّا أن نتلقى رسالتك الطيبة هذه، ونحمد الله تعالى على شفاءك من الرهاب الاجتماعي، والآن بقيت لديك هذه الأعراض، الصداع يظهر أنه هو المزعج تمامًا لك، وهو من منذ سنوات كما تفضلت وذكرت، ثم يأتي بعد ذلك موضوع الإمساك وانتفاخ البطن، وربما التهابات المهبل، وكذلك التردد على دورة المياه بكثرة.

الصداع -أيتها الفاضلة الكريمة- يحتاج لبعض الاستقصاء الطبي، وأقصد بذلك أن يُحدد سببه، وأسباب الصداع كثيرة جدًّا، وأنواع الصداع كثيرة، لا أعتبر أن الصداع الذي تعانين منه هو صداع نصفي، ربما يكون صداعاً قلقياً، بمعنى أنه مستمر معك لفترات طويلة، وربما يكون نتيجة لمشكلة بسيطة في العينين، أو الأذن، أو الأسنان، أو في الجيوب الأنفية، فلا بد أن تراجعي الطبيب لتتأكدي من سلامة هذه الأعضاء التي ذكرناها لك.

الأمر الثاني: حاولي أن تعرفي الأطعمة التي تُثير هذا الصداع، هنالك أطعمة معينة تحتوي على مادة تسمى بالـ (تيرامين Tyramine) قد تُثير الصداع، ومن هذه المواد: الأجبان، الشكولاتة، هذه قد تكون مثيرات لهذا النوع من الصداع.

أمر آخر: استعمال الحبوب المسكنة كثيرًا كالـ (بنادول Panadol) وخلافه له نتائج عكسية جدًّا، وهو أنها قد تزيد من الصداع إذا تناولها الإنسان لفترات طويلة.

هنالك أمور بسيطة جدًّا يجب أن تتأكدي منها: وهي وضعية نومك، بعض الناس ينامون على وسائد مرتفعة، أو بطريقة غير سليمة، فأرجو أن تنامي النوم الصحيح، نامي على شقك الأيمن، احرصي على أذكار النوم دائمًا، واجعلي الوسائد من النوع الخفيف جدًّا، هذه هي الطريقة الصحيحة للنوم والتي تخفض بصورة واضحة مستوى الانشداد العضلي، لا سيما لعضلات فروة الرأس، وكذلك عضلات الرقبة، لأن انشداد هذه العضلات هو من أكبر أسباب هذا النوع من الصداع.

أرجو أن تأخذي بهذا الاسترشاد الذي ذكرته لك، وإذا حاولتُ أن أربط ما بين الصداع وأعراضك الأخرى، وهي كثرة التردد على دورة المياه والإمساك، أرى أن هنالك علاقة مهمة جدًّا، وهي أنه غالبًا يكون لديك ما نسميه بالميول العُصابي، يعني أنت قلقة بطبعك، ويظهر أن قلقك هو نوع من القلق المقنع، لا يظهر في شكل قلق وتوتر، وتسارع في ضربات القلب وشيء من هذا القبيل، لكن يظهر في شكل هذه الأعراض النفسوجسدية.

فأنا أعتقد أنك في حاجة لممارسة أي نوع من الرياضة، أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة سوف تساعدك في علاج الإمساك والانتفاخ، حتى موضوع الإكثار من الذهاب إلى دورة المياه سوف يتحسن كثيرًا، لأن عضلات البطن سوف تقوى، وعضلات المثانة سوف تسترخي، وهذا قطعًا يزيل منك ما نسميه بالمثانة العُصابية، إذاً الرياضة علاج أساسي وأساسي جدًّا في حالتك.

أما بالنسبة لالتهاب المهبل فهذا يجب أن تتأكدي من خلال مقابلة طبيبة النساء والولادة، وربما تحتاجين لبعض الفحوصات البسيطة.

هذه هي وجهة نظري حول هذا الموضوع، وحتى نسهل عليك بعض الشيء، أعتقد أن تناولك لأحد الأدوية المضادة للقلق سيكون جيدًا، وأنا أفضل عقار قديم جدًّا يعرف باسم (إيميبرامين Imipramine) هذا اسمه العلمي، واسمه التجاري (تفرانيل Tofranil)، أنت تحتاجين أن تتناوليه بجرعة صغيرة، وهي حبة واحدة -خمسة وعشرين مليجرامًا- يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.

لكن أعتقد أن الرياضة، ووضعية النوم الصحيحة، والتفكير الإيجابي، والاستفادة من الوقت بصورة صحيحة، والحرص على نظامك الغذائي، بمعنى أن تتجنبي الأطعمة التي تسبب الإمساك والصداع، خاصة أنك أصبت سابقًا بالبواسير، هذه النمطية من الحياة الجديدة أعتقد أنها سوف تزيل كل ما بك، وأسأل الله لك العافية، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

*******************************
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الدكتور محمد مازن استشاري باطنية وكلى.
*******************************
بالنسبة للإمساك، وانتفاخ البطن والبواسير، فإن الأعراض الثلاثة مرتبطة ببعضها البعض، لأن البواسير تسبب ألماً عند التبرز، مما يؤدي لاإرادياً لتجنب دخول الحمام، وذلك لتجنب الشعور بالألم، مما يؤدي مع الوقت إلى حدوث الإمساك، كما أن العكس يمكن أن يحصل، وهو أن الإمساك المزمن، والضغط أثناء التبرز، يؤدي لحدوث البواسير، وكلتا الحالتين تؤديان إلى زيادة الغازات في البطن، وانتفاخ البطن، والنصيحة هنا هي بمعالجة الإمساك والبواسير بالوقت نفسه كما يلي:

معالجة الإمساك:

- أهم خطة لمعالجة الإمساك هي بالإكثار من الأطعمة التي تحتوي على الألياف، كالخضراوات ذات الأوراق الكبيرة، كالخس والسبانخ، والملوخية والجرجير، وتناول السلطة بصورة يومية ومنتظمة، وكذلك الفواكه الطازجة.
- تناول السوائل بكثرة وخاصة العصائر الطازجة، فهذا يساعد أيضاً على التخفيف من الإمساك.
- الاستجابة لأي رغبة بالتبرز، وعدم التأخر في دخول الحمام.
- ممارسة التمارين الرياضية بصورة يومية ومنتظمة.

وبالنسبة للبواسير، فإن الحمية السابقة تعتبر مفيدة لها، ولكن يجب تجنب الأطعمة الحارة، لأنها تزيد من الاحتقان، ومن آلام البواسير، وكذلك يفيد استعمال المسكنات العادية، كالـ (بروفين brufen) لتخفيف الآلام، واستعمال المراهم المعالجة للبواسير مثل: (هيلار Healar) أو (بروكتوهيل Proctoheal)، ومرهم الـ (ليدوكايين Lidocaine)، وعند عدم التحسن على هذا العلاج يفضل المتابعة مع طبيبك المختص، لإجراء الدراسة اللازمة.

بالنسبة لتكرار مرات التبول، فهو غالباً مرتبط بالتهاب المهبل -كما ذكرت-، لذلك الأفضل المتابعة مع طبيبتك لأمراض النساء للمعاينة، وأخذ العلاج اللازم.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً