الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والوسواس بشكل أفقدني تركيزي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: أشكركم على هذا الموقع.

سأطرح مشكلتي النفسية، عانيت من مرض ألم بي في الأعوام الماضية، ولا أدري كيف أصفه، بدايته وساوس أظل أفكر بها ولا تذهب، راجعت طبيب نفسي، تشخيصه كان قلق واكتئاب، كتب لي دواء على شكل كبسولات، وطلب أن آخذ حبة في كل صباح بتوقيت ثابت، الساعة الثامنة صباحاً، أخذت الدواء وشعرت بقيء وغثيان، وفكري مشتت، تركت أخذ العلاج خوفاً، أفكار غريبة عجيبة كانت تأتي، وخفت الإدمان، وقلت لنفسي: ربما تأتي أوقات لا أذهب للطبيب نظراً للظروف. وبفضل من الله -سبحانه وتعالى- تماثلت للشفاء.

بعد فترة أصبحت أقرأ عن القلق والاكتئاب بعد جهد جهيد، لأنني فقدت نوعاً ما التركيز، أو أكثر من السرحان، أحياناً أغمض عيني حتى أرتاح، حتى اللوحات في الشارع أجدني أقرؤها بشكل مختلف، ثم أغمض حتى أبعد تفكيري عن الفكرة، الفكرة الوسواسية التي تأتي تشل كل جوانب الحركة، ربما تكون ظناً أكثر منها وسواسا، حتى الجلوس مع الآخرين يُتعبني كثيراً، أجدني أفكر بكل كلمة وكل تصرف، هذا ليس جيداً، أستطيع صرف النظر عما يدور، ولكن أحياناً لا أستطيع، حتى الحركة، أجدني أقف على موضع دون حركة أخاف أن أؤذي أحداً بحركة ما، أو يعرف ما داخلي، حتى الذهاب لنزهة لا أستمتع به، أجدني أشغل تفكيري بأشياء مقلقة جداً على من حولي من الصغار حد الإرهاق، وشديدة التأثر بالمواقف، كل ما يدور في رأسي مؤلم، أفكاري وما تذيعه أفكاري مؤلم، ومؤلمة الظنون في داخلي، حساسة جداً، وسريعة التأثر، ومزاجي متقلب ، وعندي تأنيب ضمير مستمر، ما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مطرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حين شعرت بأعراض ذهبت إلى الطبيب، وشخّص حالتك، وقام بإعطائك العلاج الذي كان في شكل كبسولات، لكن الدواء سبب لك الغثيان، ولذا توقفت عنه، أعتقد أن هذا الدواء هو بروزاك، هو دواء ممتاز جدًّا وفاعل جدًّا، لكن في الأيام الأولى ربما يسبب غثياناً لبعض الناس، لذا دائمًا ننصح بأن يتم تناوله بعد تناول الأكل، وهو ليس دواءً إدمانيًا أبدًا، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، عمومًا أنت -الحمد لله تعالى- تعافيت من تلك العلة في ذاك الوقت، ودون أن تتناولي الدواء.

التشخيص في ذاك الوقت كان هو القلق والاكتئاب، وأنا الآن أرى أن الصورة التي عرضتها -أي صورة الأعراض-، تُشير إلى الجانب الوسواسي أكثر، والوساوس كثيرًا ما تكون مصحوبة باكتئاب ثانوي، يعني يمكن أن نسمي حالتك (قلق الاكتئاب الوسواسي البسيط)، وكلمة البسيط مهمة جدًّا، لأن فعلاً حالتك بسيطة، ويجب أن تفهميها على هذا المنوال.

سرعة التأثر، والمزاج المتقلب، والحساسية، وحتى الظنون، كثيرًا ما تكون هي من سمات حالات القلق الوسواسي المصحوب بالاكتئاب، ونعتقد أن هذه الحالة جعلتك تكونين في وضع أقرب ما نسميه إلى (هشاشة نفسية)، وهذا لا يعني أبدًا ضعفًا في شخصيتك، أو قلة في إيمانك، لكن التطور القلقي المستمر جعلك في هذا الوضع، -فإن شاء الله تعالى- ينتهي هذا الأمر، أو هذه الأعراض تختفي تمامًا، وتعيشين حياة طيبة وهانئة.

أنا أفضل أن تراجعي الطبيب، هذا هو الأفضل، ومراجعة الطبيب دائمًا ذات فوائد كثيرة، أهمها التأكد من التشخيص، ووضع خطة العلاج، ثم المتابعة، ومن ناحيتي أقول لك: إذا كان ذهابك إلى الطبيب ليس بالسهل، هنا يمكن أن تحصلي على أحد الأدوية من الصيدلية، هنالك دواء سليم جدًّا يعرف باسم (لسترال)، واسمه العلمي هو (سيرترالين)، الجرعة المطلوبة في حالتك إذا كان عمرك عشرين عامًا أو أكثر ،هي أن تتناولي الدواء بجرعة نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء، أما إذا كان عمرك أقل من عشرين عامًا فلا أنصحك أبدًا أن تتناولي الدواء إلا بعد أن تقابلي الطبيب.

التحوطات السلوكية العامة التي ننصحك بها هي: تدبير نمط حياتك بصورة أفضل، أن توزعي وقتك بصورة فعّالة، أن تكون لك أنشطة، أن تحقري فكرة الوساوس، أن تتواصلي مع أسرتك وصديقاتك، يجب أن تكون لك خطة واضحة، وأهداف واضحة، شخصية الإنسان لا تُبنى إلا من خلال تطوير المهارات، ضعي لنفسك هدفًا كما ذكرت لك، وطوري من مهاراتك، مثلاً: مشروع حفظ القرآن الكريم، هذا مشروع عظيم وممتاز، متوفر جدًّا في المملكة العربية السعودية بفضل الله تعالى، فلماذا لا تنضمين لأحد مراكز التحفيظ مثلاً، الانخراط في أي عمل نسوي اجتماعي خيري أو دعوي، هذا حقيقة يبني شخصية الإنسان، ويصرف عنه شوائب القلق والتوتر، والوساوس وعدم الطمأنينة، عليك أيضًا بممارسة أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وهكذا.

إذًاً تغيير نمط الحياة، وجعلها أكثر حيوية وإنتاجية، هذا يساعد الناس، وأعتقد أنه هو الوسيلة التي تجعل في قلبك شيء من الثبات، وهذه الشفقة الكبيرة على الصغار، وسرعة التأثر ليست أمرًا سيئًا، -إن شاء الله تعالى- هي رحمة في قلبك، لكن حتى لا تكون مزعجة لك، صرّفي طاقاتك النفسية كما ذكرت لك في بعض الأعمال الخيرية، هذا يفيدك كثيرًا، ويبني شخصيتك، ويطور من مهاراتك -بإذن الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً