الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري وما يسببه من قلق واكتئاب

السؤال

السلام عليكم

أعاني من مرض الوسواس القهري, ومن اضطراب ثنائي القطبية الحاد, وحالة قلق حادة, هذا حسب تشخيص الطبيب المعالج الذي أراجعه منذ الشهر الثاني من 2013، وفي الحقيقة أنا أفكاري الوسواسية تتمثل في اتهامات لا منطقية تجاه شخص، متهماً إياه أنه سبب كل سوء بالنسبة لي, حتى وصل بي الحد من المعاناة إلى قول أنه سبب ثقب الأوزون.

يصاحب أفكاري تصرفات قهرية للرد على الوسواس، حقيقةً إنها معاناة، أقلعت عن الطعام والدراسة, وأصبحت في حالة اكتئاب, وساء هندامي, مع الإشارة أن خالي يعاني أيضا من الوسواس القهري, وساءت علاقتي مع الشخص الذي كنت أتهمه باطلا، والعلاقة منفصلة الآن.

قبل قطعي لعلاقتي مع الشخص كنت أتحدث معه ليلا, فيتحسن وضعي, وأصبح في حالة انشراح، وأقوم صباحا منشرحا, ولكن أغفو قليلا للنوم ثم أقوم مكتئبا، أفكر في مشاكلي, وأستمر في الفراش لساعات طويلة, وأنا على تلك الحالة, حتى وصل بي الحال إلى الذهاب إلى المقبرة ليلاً.

مع العلم أنه يصاحب الوسواس نوع من الآلام في الجانب الأيمن من الرأس، وهذه الآلام تتفاقم عند الغضب أو التوتر، وكانت لدي رعشة في يدي, والآن في فمي.

وصف لي الطبيب دواء (EFFEXOR 75 MG) و (OLANZA) و (prazin)

تحسنت حالتي, ووصلت إلى الاستقرار, ولكن الآن أقلعت لوحدي عن دواء (OLANZA)، وفي الأيام التي مضت لم أستعمل دواء (EFFEXOR) لمدة يومين؛ فانتابتني حالة غضب وتوتر, وعدم قدرة على النوم المنتظم.

كذلك ومنذ مرضي تنتابني حالة هستيرية, أحيانا أضرب فيها نفسي, وتكررت منذ أيام, والآن وفي الوقت الذي أكتب فيه هذه الكلمات؛ أعاني من ألم خفيف في الجانب الأيمن من الرأس.

هل من تشخيص إضافي لحالتي؟ وهل هي خطيرة؟ وهل تؤثر كما أثرت سلفا على دراستي؟ خصوصاً أن عمري 20 سنة, وقررت أن أزور طبيبا جديدا، فهل أذهب لطبيب نفسي؟ أم لطبيب نفسي وعصبي؟ وأنا متخوف على مستقبلي ودراستي خاصةً, وأنا لم أكمل دراستي العام الماضي بسبب المرض.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ghazi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد أحسنت حين شعرت بهذه الأعراض النفسية وذهبت إلى الطبيب النفسي، هذا هو الأمر الصحيح، الأمر الإيجابي جدًّا، لأن التدخل المبكر في علاج الحالات النفسية هو من أهم الطرق والآليات والأسباب التي تؤدي إلى علاج الحالة والتعافي منها إن شاء الله تعالى.

أما الذين يتباطؤون لسبب أو آخر ويترددون في الذهاب إلى الأطباء حتى تُطبق عليهم الحالات هذه، فهؤلاء ربما تكون فرص شفائهم ضعيفة بعض الشيء، فأنت قد أحسنت وذهبت إلى الطبيب هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية: أنا لا أريدك أن تنزعج للمسميات، (اضطراب ثنائي القطبية، ووسواس قهري) من حقك أن تعرف طبيعة حالتك وتشخيصها، لكن يجب ألا تكون هذه المسميات محبطة لك أو تسبب لك أي نوع من الوصمة الاجتماعية، هذه المسميات وضعت فقط من أجل توجيه العلاج واختيار الدواء الصحيح، وفي ذات الوقت أن يعرف الإنسان مصادر قوته ومصادر ضعفه، مصادر سلبياته ومصادر إيجابياته، ليقوي ما هو قوي وإيجابي، ويضعف ما هو سلبي وغير مفيد.

هاتان النقطتان على قدر كبير من الأهمية، فأرجو أن تركز عليهما.

النقطة الثالثة هي: ضرورة الاستمرار على العلاج، وحقيقة أحزنني بعض الشيء أنك توقفت عن الأولانز (OLANZA) وسبب انزعاجي أن الالتزام بالدواء وتناوله بالجرعة الصحيحة وللمدة المطلوبة هو الشرط القطعي المطلوب أيضًا لنجاح العلاج النفسي، فأرجو أن تستدرك هذا الأمر، إما أن تذهب إلى طبيبك السابق، أو إن أردت أن تذهب إلى طبيب جديد تثق فيه فهذا لا مانع أبدًا، المهم أن يكون هنالك تدخل طبي مبكر، أن يكون هنالك التزام بتناول العلاج حسب التعليمات، وأن تكون هنالك متابعة طبية.

هذا هو المطلوب منك، أما بقية الأمور من حيث مسميات التشخيص أو نوعية الأدوية فهذا أمر من وجهة نظري ثانوي جدًّا.

كما تفضلت وذكرت فإن حالتك فيها الطابع الوسواسي، لكن أرى أيضًا أن أفكارك نحو صديقك ربما تكون أفكارًا ظنانية شكوكية، وهذه قد تكون جزءً من القطب الهوسي المصاحب بما يعرف بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، ولذا يعتبر الأولانز هو جوهر العلاج بالنسبة لك، والإفكسر يأتي في المقام الثاني، فأرجو أن تبدأ في تناول دوائك، وكما ذكرت لك سلفًا: راجع طبيبك، أو طبيبا جديدا، هذا أمر مطلوب ومطلوب جدًّا.

أنت محتاج أن تذهب لطبيب نفسي، حالتك لا علاقة لها لطبيب مختص في أمراض الأعصاب أو الباطنية، إنما الطبيب النفسي هو الشخص الذي يستطيع إن شاء الله تعالى أن يُقدم لك كل النصح والإرشاد، ويضع لك البرنامج العلاجي.

ومن جانبك حين تتناول أدويتك بانتظام هذا إن شاء الله تعالى يفتح لك آفاق المستقبل من حيث موضوع الدراسة وإدارة الوقت، وأن تكون لك أهداف، وأن تكون لك أمنيات، وأن تضع الآليات التي توصلك لهذه الأهداف.

لا تتخوف -أيها الفاضل الكريم– لكن يجب أن تلتزم بما ذكرناه لك لتصل لما تصبو إليه، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله طاعاتكم في هذه الأيام الطيبة التي نسأل الله تعالى أن يعيدها علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية قاطبة بالخير والبركات.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ص.م.ك

    ذوق جدا الصراحة يادكتور رينا يبارك فيك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً