الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقاومتي النفسية أصبحت ضعيفة .. فكيف أعود طبيعيًا؟

السؤال

السلام عليكم..

أسعد الله أوقاتك - يا دكتور - أينما كنت، وكيفما كنت.

أنا شاب عمري 31 سنة، أعزب، وأعيش مع أسرتي في حالة مستقرة - ولله الحمد - ولا أعاني من أمراض مزمنة - والحمد لله - ولكن عندي مشكلة بدأت تكبر مؤخرًا, وهي: أن مقاومتي النفسية أصبحت ضعيفة؛ حيث أصبحت عرضة للوسواس والقلق والهلع عند مواجهةِ أبسط مشكلة أقع فيها, على عكس تجارب سابقة عديدة؛ حيث لم أكن أعير هذه القلاقل الكثير من الاهتمام.

قبل شهرين تسرعت في موضوع خطبة, وأدركت بعدها أني أخطأت خطأً فادحًا، وأنه لا يجب الاستمرار فيها، وبقيت ضحية للقلق والوسواس والهلع 12يومًا؛ حتى استجمعت قواي وفسخت الخطبة، ثم تغيرت حالتي 180 درجة في نفس اليوم، وعدت طبيعيًا منشرحًا كأن شيئًا لم يكن.

منذ حوالي سنتين أصبحت أعاني من الوسواس والنظرة السوداوية، وأن الأمور سوف تتجه دائمًا للأسوأ.

منذ حوالي أسبوع تراكمت عليَّ أكثر من مشكلة في البيت والعمل، وأخذت أفكر فيها كثيرًا؛ حتى بدأ القلق يكبر ويكبر، ثم استفحل على شكل حالة هلع وذعر، وفقدان تام للشهية، ورغبة في البكاء، وعدم شعور بالأمان, لكني ما إن أجلس مع أي شخص ونتحدث سويًا، أو أخرج للتنزه، حتى يزول كل شيء كأن شيئًا لم يكن!

لا أجد صعوبة في النوم حاليًا، ولكني عندما أصحو أعاني من الكدر الشديد، وصعوبة العودة للنوم مرة أخرى، كما يداهمني دوار شديد وإعياء - ربما بسبب قلة التغذية؛ حيث إني أقضي اليوم بأكمله دون أن أتناول فيه سوى حبتي تمر, وعلبة زبادي فقط -.

توكلت على الله، وذهبت لطبيب نفسي وشرحت له كل شيء، وشخَّص حالتي أنها اكتئاب يصاحبه قلق وتوتر، ووصف لي (سيروكسات سي ار) 25 ملجم حبة يوميًا، وطلب مني مراجعته بعد أسبوعين.

فقدت الكثير من وزني، وأحاول جاهدًا استعادته، ولكن الشهية لا زالت ضعيفة جدًا.
أصاب أحيانًا برجفة في جسمي، وما يشبه التشنج في أعلى اللسان؛ مما يسبب صعوبة في نطق الحروف.

أجد صعوبة في التركيز، فذهني مشوش تمامًا، والمشكلة أن القلاقل في عملي قد تستمر بضعة أسابيع، فهل سأظل أعاني من القلق والتوتر معها؟! كما أني على وشك البدء في مشروع خطبة جديدة خلال الأسابيع القادمة، فهل سأعيش نفس الحالة مجددًا؟!

ماذا إن انتهى كل شيء وعاد الوضع طبيعيًا كما كان، فهل سأكون في مأمن من تكراره؟ وهل أكتفي بجرعة الدواء لمدة أسبوعين فقط، وأتركه دون معاناة؟

قرأت أن (للسيروكسات) أعراضًا انسحابية مزعجة خطيرة، وقد قيل إن الشركة قد أَقَرَّتْ بذلك، فهل هذا صحيح؟

آسف للإطالة، ولكني أرجو تقبل المشاركة بصدر رحب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ع س ن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إذا أخذنا أعراضك بمنهجية متدرجة - حسب ما أوردتها – فإننا نستطيع أن نقول: إن حالتك هذه قد بدأت بنوع من القلق النفسي الذي أصبح يأتيك أيضًا في شكل وساوس ومخاوف، ومن ثم تطورت الأمور نسبيًا لتُصاب بما يمكن أن نسميه (درجة بسيطة إلى متوسطة من الاكتئاب النفسي).

هذا التدرج – أو التطور – طبيعي جدًّا بالنسبة لكثير من الحالات النفسية - لا أقول إنه ينطبق على جميع الحالات النفسية - لكنا نعرف أن هنالك ما يمكن أن نسميه بـ (سُلَّم الأعراض).

أخي الفاضل الكريم: فالتشخيص النهائي لحالتك - من وجهة نظري - هو القلق الاكتئابي، والحالة - إن شاء الله تعالى – ليست صعبة أبدًا، وعلاجها – إن شاء الله تعالى – سهل.

عقار (زيروكسات) - الذي وصفه لك الأخ الطبيب - عقار ممتاز جيد فاعل - لا شك في ذلك – وإذا كانت فترة العلاج أسبوعين فهي غير كافية، ولا أعتقد أن الأخ الطبيب سوف يقوم بإيقاف الدواء، إنما يريد أن يعرف كيفية تفاعلك مع الدواء، ومن ثَمَّ سوف يطلب منك الاستمرار عليه، وأقل مدة للعلاج في مثل هذه الحالات هي ستة أشهر، وهذه المدة ليست مدة طويلة، ودائمًا ما نحاول أن نقسم جرعة العلاج إلى مرحلة تمهيدية – أي مرحلة البداية – ويمكن أن يُبدأ (الزيروكسات) بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا – أو 12.5 مليجرام – وقد يشتكي الإنسان من بعض الأعراض الجانبية, مثل: الشعور بالغثيان, أو عسر الهضم، والذي قد يحدث في الأيام الأولى، وإن كان (الزيروكسات CR) يتميز على (الزيروكسات) العادي بأن أعراض الغثيان واضطرابات المعدة أقل كثيرًا مع هذا المركب.

بعد الجرعة التمهيدية تكون الجرعة العلاجية، وخمسة وعشرون مليجرامًا – من وجهة نظري – جرعة ممتازة جدًّا، وأقل مدة تتناول فيها هذه الجرعة هي ثلاثة أشهر، وبعدها يمكن أن تخفض الجرعة إلى 12.5 مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم 12.5 مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

فيا أخِي الكريم: أنا أطمئنك تمامًا عن هذا العلاج وعن سلامته، وأنه ممتاز جدًّا.

أما بالنسبة لتخوفك من الأعراض الانسحابية: فإذا تم التوقف عن الزيروكسات فجأة فقد يُؤدي إلى ما نسميه بأعراض الانقطاع المفاجئ - أنا أفضل أن أسميها بأعراض الانقطاع المفاجئ, وليست أعراض الانسحاب - وذلك لنفرق بين (الزيروكسات) والأدوية التخديرية الإدمانية التي تؤدي إلى أعراض انسحابية حقيقية.

لتجنب آثار وأعراض الانقطاع المفاجئ يجب أن يتم تناول (الزيروكسات) بصورة متدرجة - خاصة عند التوقف منه - بعد أن ينتقل الإنسان من الجرعة العلاجية إلى الجرعة الوقائية، ومن ثَمَّ ينتقل إلى مرحلة التوقف التدريجي، وهذا - إن شاء الله تعالى – يقيك من كل الآثار الانقطاعية أو الانسحابية – إن أردت أن تسميها بذلك- .

(الزيروكسات) دواء ممتاز، وأقول لك - للتحوط فقط -: إنه في بعض الأحيان قد يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، وهذه يمكن التحكم فيها من خلال ممارسة الرياضة، وترتيب النظام الغذائي.
بالنسبة للمتزوجين: فالزيروكسات قد يؤدي إلى تأخير بسيط في القذف المنوي، لكنه قطعًا لا يؤثر مطلقًا على هرمونات الذكورة أو الإنجاب.

أخي الفاضل الكريم: بجانب العلاج الدوائي أريدك أن تكون متفائلاً، فحاول أن تتحكم في الأفكار السيئة غير الجميلة، وذلك من خلال تحقيرها، والإكثار من الاستغفار، وأن تستبدلها بأفكار إيجابية، فأنت لديك أشياء طيبة جميلة في الحياة.

على النطاق الاجتماعي أريدك أن تكون شعلة متقدة، وذلك بأن تُكثر من التواصل الاجتماعي مع أرحامك وذويك وأصدقائك وجيرانك ومجموعة مسجدك، فهذا كله علاج ممتاز جدًّا.

وأريدك أيضًا أن تجعل للرياضة نصيبًا في حياتك، وكذلك وُجِدَ أن تمارين الاسترخاء مفيدة جدًّا لعلاج هذه الحالات، ولدينا في إسلام ويب استشارة رقمها: (2136015) فيمكنك الرجوع إليها للاستفادة منها في تطبيق هذه التمارين.

بارك الله فيك - أخي الكريم – ونشكرك على ثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً