الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يعاني من ذهان متوسط واضطرابات نفسية فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزيتم خيرًا على ما تقدمونه من نصح وإرشاد وحلول للآخرين، وجعلها الله في ميزان أعمالكم.

بدأت تظهر على أخي الذي يبلغ من العمر 24 سنة أعراض، مثل: الشك بأخي الذي يشاركه الغرفة، والذي يكبره بخمس سنوات بأنه يعتدي عليه جنسيًا أثناء نومه وهو لا يشعر بذلك؛ بحجة أن النائم لا يشعر بما يحدث له، وأنه يؤذيه في ملابسه وأغراضه، وانتقل من الغرفة التي يتشاركها مع أخي إلى أخرى، وأصبح يستيقظ فزعًا: هل دخل فلان الغرفة عليّ؟ ويقوم بتفتيش ملابسه، ويمكث فترة طويلة بالحمام، ويقول: إنه يشعر بألم في رجليه وأسفل ظهره، وكل هذا لأن أخي اعتدى عليه -جميعها تخيلات-، فقام يؤذي أخي بحجة الدفاع عن النفس، ويتلفظ عليه بألفاظ نابية، وأخي لا يسمع أصواتًا -والحمد لله-، ولا نراه يتحدث مع أحد، لكنه يفكر كثيرًا وينسى.

تم عرضة على طبيب نفسي خلال ثلاثة أشهر من ظهور الأعراض، وشخّص حالته باضطرابات نفسية وذهان متوسط، وصرف له جنبريد200 جم مرتين في اليوم، وزيبراكسا 5 جم مرة باليوم، ورغم أنه لم ينتظم على الدواء في بداية الأمر وعانينا كثيرًا من ذلك لكن - الحمد لله - تحسنت جميع الأعراض ما عدا الشك، وهو منتظم تمامًا على العلاج منذ أربعة أشهر - والحمد لله- لكنه في الفترة الأخيرة أصبح يهمل نظافته الشخصية، ويعاني من صداع شديد في منطقة (اليافوخ).

هل وصف الطبيب للحالة صحيح؟ وهل نعرضه على طبيب آخر؟ وهل جرعات الدواء الذي يستخدمه كافية للشفاء - بإذن الله - من المرض؟ وهل إهماله لنظافته تدل على أن الدواء لا يعطي مفعوله؟ أم هي انتكاسة للمرض أم ماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على اهتمامك بأمر أخيك هذا، وأضيف صوتي إلى صوت الطبيب الذي قام بفحصه، وأقول لك: إن هذا الأخ يعاني بالفعل من حالة ذُهانية، فلديه الشكوك الظنانية، أو ما يسمى بـ (الأفكار الاضطهادية البارونية)، وهذه حالة عقلية تشبه مرض الفصام لدرجة كبيرة، والعلاج يعتبر في هذه الحالة ضرورة ملحة؛ لأن هؤلاء الأشخاص بالفعل يمكنهم الاعتداء على الآخرين.

الفكر الظناني حين يكون مُطبقًا وشديدًا يتحرك الإنسان من خلاله، ويستجيب له كأوامر؛ لذا تحدث الكثير من حالات الاعتداء، وأنا لا أريد أن أخيفكم كأسرة، لكن لا بد أن أوجه هذا النصح، وأذكر هذه الحقيقة، فأرجو -أيتها الفاضلة الكريمة– الاحتياط التام بأن يتناول هذا الأخ علاجه.

العلاج الذي وُصف له علاج جيد وفاعل، وإن كان هنالك أي تردد في أن هذا الأخ لن ينتظم على العلاج فأنا أرشح العلاج عن طريق الحُقن، فهنالك إبر دوائية تُعطى مرة كل أسبوعين مثلًا، وهذه تضمن لنا تمامًا أنه قد تلقى علاجه، أما إن كان متعاونًا في أخذ الدواء فهذا أمر جيد، وكما ذكرتُ لك: الأدوية جيدة، وربما يحتاج أن تُرفع جرعة الزبركسا إلى عشرة مليجرامات يوميًا، لكن يُعاب على الزبركسا أيضًا أنه قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في الوزن، ونترك هذا الموضوع للطبيب النفسي الذي يُشرف على علاجه، وأهم شيء هو المتابعة مع الطبيب.

إعطاء الدواء مهم، لكن التعديلات في نوع الدواء وجرعته قد يطرأ من وقت لآخر، وذلك حسب حالة المريض؛ لذا نحن نعتبر المتابعة مهمة وضرورية جدًّا.

الشيء الإيجابي في حالة هذا الأخ هو أن التدخل العلاجي كان مبكرًا؛ لأن الدراسات الآن تُشير أن أهم عاملين مؤثرين في مآلات الأمراض الذهانية والعقلية هو وقت التدخل، والتزام المريض بالعلاج، فمتى ما كان التدخل العلاجي مبكرًا كانت النتائج والمآلات إيجابية، وكذلك التزام المريض بالدواء يعتبر من المتطلبات الهامة جدًّا لنجاح العملية العلاجية.

بالنسبة لإهماله نظافته الشخصية، فهذا دليل على التدهور المرضي، فكثير من هؤلاء المرضى تجدهم يفتقدون الدافعية تمامًا، ويُصابون بنوع من الاضمحلال الاجتماعي، وتدهور شخصياتهم للدرجة التي يهمل فيها الإنسان مظهره ونظافته الشخصية وصلاتِه الاجتماعية؛ فالمطلوب في مثل هذه الحالة أن نذكرهم، وأن نحثّهم، وأن نحفزهم من أجل الاهتمام بنظافتهم ومظهرهم، وهذا بالطبع يكون توجيهًا بصورة لطيفة مقبولة معقولة.

بالنسبة للصداع، ربما يكون انشدادات عضلية، فإنِ استمر معه فلا بد أن يُعلم الطبيب المعالج بهذا الصداع، وإن رأى الطبيب القيام بإجراء فحصي - مثل عمل صورة مقطعية - فهذا أيضًا أمر مطلوب ومرغوب.

أما بالنسبة للإجابة عن أسئلتك: فأعتقد أننا قد تعرضنا لها، لكن لا مانع أن أُجيب عليها تحديدًا مرة أخرى.

1- هل وصف الطبيب للحالة صحيح؟ الوصف صحيح، ولا داعي لعرضه على طبيب آخر.

2- هل جرعات الدواء الذي يستخدمه كافية للشفاء - بإذن الله - من المرض؟ الجرعات معقولة جدًّا، وقد اقترحتُ أن تُرفع جرعة الزبركسا إلى عشرة مليجرامات، لكن هذا يجب أن يتم بواسطة الطبيب المعالج.

3- هل إهماله لنظافته تدل على أن الدواء لا يعطي مفعوله؟ أم هي انتكاسة للمرض أم ماذا؟ هي حقيقة تطور طبيعي في هذا المرض، فبعض المرضى حتى لو تحسنتْ أعراضهم الذُّهانية -التي نسميها بالأعراض الإيجابية، وهي الأفكار الاضطهادية – قد تظهر لديهم أعراض سلبية، وهي إهمال النظافة الشخصية، فهي جزء من العملية المرضية؛ ولذا تُعالج سلوكيًا من خلال تحفيزه وتشجيعه وتذكيره بأمر الاهتمام بالنظافة الشخصية، وكذلك المظهر الشخصي, والترابط الاجتماعي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً