الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتقاص الشخصية والخجل وتهويل الأمور.. كيف أتخلص من كل ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

يا دكتور أنا أعاني من مجموعة اضطرابات:

1- أنتقص من شخصيتي.

2- إذا كنت مع مجموعة من الزملاء لا أتحدث، وإذا أردت التحدث أحس بصعوبة في الحديث، وأحس بأنه لا يوجد لدي معلومة للحديث، مع العلم أن عندي معلومات عن الموضوع المتحدث فيه.

3- لا يوجد لدي أصدقاء.

4- لا أستطيع الرد في المواقف المحرجة والصعبة، ويؤنبني ضميري طوال اليوم؛ لأنني لم أرد على الشخص الذي يتكلم علي.

5- تهويل أبسط الأمور.

6- عدم المقدرة على رفع الصوت في المكان العام، وأحس أن صوتي مخجل.

7- أقارن نفسي بأشخاص آخرين شخصياتهم قوية، وأقول في داخلي: لماذا لست مثل ذلك الشخص.

علما أني شاب يا دكتور، ولا أريد أن أستخدم أدوية، وأعلم أن أسئلتي كثيرة، ولكني أتألم كثيراً من شخصيتي.

أرجو مساعدتي، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا، وأكيد أن الكتابة لم تكن بالسهولة.
لقد ذكرت في جواب سابق بأننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة، كأن تكون شخصيتنا ضعيفة أو أن ثقتنا في أنفسنا ضعيفة، والعادة أن مصدر هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا أن عندنا خجلا أو تردد أو ضعف الثقة في أنفسنا، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل.

وقد تمر سنوات وسنوات قبل أن نكتشف، وربما فجأة، بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤلم أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار القابعة في نفسه عن نفسه!

لابد لك أخي الكريم: وقبل أي شيء آخر أن تبدأ "تحب" هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبلها كما هي، فإذا لم تتقبلها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!

مارس عملك بهمة ونشاط، وارع نفسك بكل جوانبها، وخاصة نمط الحياة، من التغذية والنوم والأنشطة الرياضية والعبادات طبعا، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، واعط نفسك بعض الوقت لتبدأ تقدّر نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعر بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك.

ولهذا يقول لنا الله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم}، فنحن -أخي الكريم- مكرّمون عند الله، وقد قال الله تعالى لنا هذا ليشعرنا بقيمتنا الذاتية، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف، وكما يقال "فاقد الشيء لا يعطيه" فكيف أطالب الآخرين بضرورة احترام نفسي وتقديرها، إذا كنت أنا لا أقدرها حق قدرها.

ومن الطبيعي أن يشكك الإنسان أحيانا في قدراته، وخاصة عندما يكون على وشك القيام بعمل هام يتطلع إليه، فمثلا قبل الامتحان بيوم أو يومين يبدأ يشك في إمكاناته، وتراوده فكرة عدم قدرته على اجتياز الاختبار، ويأتيه شعور وكأنه لا يعرف شيئا عن المادة التي قضى أياما طويلة في دراستها، وكما هو الحال معك، حيث تشعر مع اقتراب موعد زواجك، بعدم قدرتك على الزواج أصلا، فمثل هذه الشكوك طبيعية، وهي ستختفي تلقائيا مع الوقت، وخاصة إذا كنت لا تعاند مثل هذه الأفكار.

بعض الأعراض التي ذكرتها في سؤالك كعدم الردّ على الآخرين، وضعف القدرة على رفع الصوت، فغالبية هذه الأعراض إنما هي نتيجة طبيعية لهذه الصورة السلبية عن الذات.

من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الأعراض من تلقاء نفسها، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبك فيها كالخروج من المنزل، والاجتماع بالناس، وإذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض، فقد يفيد مراجعة طبيب أو أخصائي نفسي، ممن يمكن أن يقدم لك العلاج النفسي، أو حتى الدوائي لما تعانيه.

وفقك الله ويسر لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً