الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من فقد الفرح وتقلب النفسية

السؤال

السلام عليكم
أنا لم يسبق لي الزواج، ومن 6 سنين صدمت من وفاة عمي -الله يرحمه- وجاءتني وسوسة، وما كنت أدري وقتها أنها وسوسة موت، وتعبت كثيرا، وأثرت على نفسيتي وجسدي، وخلال السنتين الماضيتين -الحمد لله- تغلبت عليها عن أول بكثير، وتأتيني عندما أتعب -والحمد لله- أبعدها عن تفكيري منذ سنتين، ولا أتحمل أي هواء أتعرض له، سواء في الصيف أو الشتاء، وجسمي يتعب، وتأتيني أعراض البرد كثيرا، وصرت أخاف الخروج من البيت، وأحبس نفسي بالغرفة، وصرت أفكر كثيرا كلما أخرج أخاف وأتعب، نفسيتي تعبت جدا، وصرت -الحمد لله- أنظم أكلي وتغذيتي، وأحاول أن أكتسب وزنا، وفي بالي لو أني زدت من وزني أتحسن، ونفسيتي في أيام أكون حزينة، وبعد الوسوسة صرت أفكر كثيرا ولا أحس بطعم الفرح، وعندما نجتمع مع الأهل لا أحس أني مرتاحة كأول، كل همي أخاف التعب بالبرد.

قالوا لي أنه اكتئاب، وهذه أعراضه، وأحتاج لمشورتك ومساعدتك وطريقه علاج أمشي عليها؛ لأني تعبت، وصار أصحابي يشتكون مني أني نكدية أو سريعة الزعل، والمصيبة أني أعرف أني أجيب الشيء هذا لنفسي، ولا أدري كيف أرجع كأول أضحك، أحس بطعم الفرح، أكتسب وزنا، أحس أني مرتاحة، لا أشيل هم المستقبل، لا أخاف من الوسوسة والتفكير من الموت الذي صار يأتي على فترات، وأتمنى الحل!

وهل البرد الذي يأتيني ولا يتحمله جسمي وأتعب منه، ولازم -الله يكرمك- أستفرغ لأرتاح من أعراض الاكتئاب؟ أنا أعاني من الداخل، وأرجو الحل -بعد الله عزو وجل- أن أجده عندكم، وهل توجد طريقة سريعة لأزيد وزني بها؟ حالتي الاجتماعية -الحمد لله بخير- وأعيش مرتاحة لكن نفسيتي تخرب علي جدا.


ودمتم بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تغريد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بدأت معك حالة الوسوسة بعد وفاة عمك – عليه رحمة الله – ويعرف أن الوساوس وكثير من الحالات النفسية قد تكون لها مثيرات أو روابط أو بدايات، وفي حالتك الرابط واضح جدًّا، وأتتك هذه الوسوسة والتي هي في شكل مخاوف من الموت، بعد ذلك تطور الأمر وظهرت لديك أعراض عسر المزاج، وهو درجة بسيطة من الاكتئاب النفسي، وأصبحت حالتك تتأرجح ما بين التحسن وما بين ظهور هذه الانتكاسات الوسواسية الاكتئابية.

الذي أراه أنه في الأصل ربما يكون لديك استعداد للقلق وللوساوس، ويعرف أن حوالي أربعين إلى ستين بالمائة من الذين يعانون من الوسوسة يأتيهم اكتئاب نفسي، خاصة إذا حاولوا أن يدخلوا في تفسيرات وتحليلات لهذه الوساوس، وبعض الناس يُجرون حوارات دقيقة جدًّا مع وساوسهم، ليس بهدف معرفة المزيد، ولكن يعتبرون أن هذه هي الطريقة الأفضل للتخلص من الوساوس، لكنها طريقة خاطئة، فالطريقة الصحيحة هي ألا يناقش الإنسان الوسواس، إنما يغلق عليه من خلال تجاهله وتحقيره واستبداله بفكر أو بفعل مخالف.

أنا أعتقد أن حالتك تحتاج لأحد الأدوية النفسية البسيطة، الحالة ليست معقدة - إن شاء الله تعالى – واضحة جدًّا، والاكتئاب له مكونات بيولوجية، بمعنى أن تأثر كيمياء الدماغ ربما يكون هو أحد الأسباب التي لا يمكن تجاهلها، ومن هنا تأتي أهمية الأدوية، فإن شئت أن تقابلي طبيبا نفسيا فهذا أفضل، وهذا أنصح به، وإن لم تستطيعي فهنالك أدوية كثيرة كلها طيبة وجيدة، وإن شاء الله تعالى تزيل هذا الخوف وتحسن مزاجك، وفي ذات الوقت تؤدي إلى زيادة في وزنك - بإذن الله تعالى – حيث إن نقصان الوزن كثيرًا ما يكون مرتبطًا بحالات القلق والوساوس، وكذلك الاكتئاب النفسي.

من الأدوية الممتازة جدًّا والمفيدة في حالتك عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) وهو مطلوب بجرعة صغيرة، البداية هي نصف حبة، يتم تناولها يوميًا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفع إلى حبة كاملة، وتستمرين عليها لمدة خمسة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، هذه المدة – أي مدة العلاج – ليست مدة طويلة، هي مدة معقولة جدًّا، والجرعة التي وصفناها لك جرعة صغيرة، حيث إن الزيروكسات يمكن تناوله حتى ثلاث حبات في اليوم، لكن قطعًا أنت لست في حاجة لمثل هذه الجرعة.

بجانب العلاج الدوائي: لابد أن تكوني متفائلة دائمًا، والحمد لله تعالى أنت لديك حياة طيبة وهانئة، وليس هنالك ما يضايقك. فإذن إيجابية التفكير دافع أساسي نحو التخلص من سلبية التفكير، وحاولي أن تنظمي وقتك وتستثمريه بصورة طيبة، شاركي أسرتك في كل الأنشطة الخاصة بالمنزل، ويجب أن تكون لك مساهمات إيجابية في هذا السياق.

موضوع البرد ربما يكون مرتبطًا بحالتك النفسية، لكن أعتقد أيضًا أنه من الأفضل أن تقومي ببعض الفحوصات الطبية الأساسية، تأكدي من مستوى الدم لديك، وكذلك كرويات الدم البيضاء، ووظائف الكبد ووظائف الكلى، وكذلك وظائف الغدة الدرقية. يفضل أن تكون لك قاعدة طبية رصينة وصحيحة، وذلك من خلال إجراء هذه الفحوصات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً