الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي تزوج علي وبنى حياة أخرى.. ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أحب أن أشكركم جزيل الشكر، وأتمنى أن يكون ذلك في ميزان حسناتكم.

مشكلتي تتلخص في أني يتيمة الأب, ولا أخ عندي أو أعمام فأبي - الله يرحمه -هو وحيد جدتي, وقد تزوجت دون رضىً كامل من أبي وأمي بحكم أن زوجي لم يكن حسن الأخلاق، فقد كان لعوبا، وكان اعتقادي أن الزواج سيغيره للأفضل.

أنا متعلمة تعليما عاليا، وذات جمال، وأخلاق، أحرص على بيتي ونظافته، وأحب أن أعمل كل شيء بيدي حتى الطبخ، مع العلم أن لدي خادمة تساعدني, حريصة على تعليم أولادي بنفسي، وتلبية طلباتهم، وطلبات زوجي، يشهد الجميع على ذلك, وقد خاب ظني فبعد أول 3 أشهر من زواجنا تغير ورجع إلى محادثة النساء عبر الهاتف أو لقائهن، وكان كثير السفر والخروج من البيت, وقد صبرت كل هذه الفترة ورزقنا الله بـ 4 أطفال رائعين.

وحاولت بكل ما أستطيع أن أغير سلوكه وأفكاره من دون فائدة, أهله رفضوا التدخل؛ لأنهم حسب قولهم تعبوا منه, ووصل الأمر إلى أنه تزوج 3 مرات لفترات قصيرة، ثم طلقهن, إلى أن وصلت حالتي النفسية إلى حافة الهاوية, أخدش وجهي بأظافري إلى أن يخرج الدم، أبكي دائما, كرهت زوجي وأهله والناس، وبت لا أخرج من البيت، لا أريد أن يراني أحد, ووصل وزني إلى 90 كج بعد أن كان مثالا للرشاقة والجمال, بت لا أتحدث إلى زوجي وأكرهه كرها شديدا، فهو السبب الذي أوصلني إلى هذه الحالة, وبدلا من أن يقف بجانبي ويساعدني تزوج امرأة أخرى، ولديهما طفلة الآن.

لا أريد الطلاق، لا أفكر بنفسي أفكر بأولادي أريدهم أن يعيشوا حياة طبيعية بين أم وأب, مع العلم أن الأولاد لا يعلمون شيئا مما سبق ذكره؛ لأنني حريصة على نفسياتهم، وحتى خلافاتي مع زوجي تتم في أوقات هم غير موجودين فيها.

المهم أني الآن استجمعت قواي، وعدت رشيقة وجميلة مثل الأول, ولكن زوجي لا يتحدث معي كما يفعل الأزواج، فقط إذا أراد شيئا, أريد رجلا في حياتي بمعنى الصديق، فلا أخ ولا أب عندي افتقدت هذا الجانب، مع العلم أن زوجي يبيت عندي كل ليلة، ويريدني في فراشه كل ليلة، ولكن لماذا لا يتحدث معي أصبحت وحيدة طوال الوقت مع أولادي, أريد أن أسامحه، ولكني لا أستطيع أن أنظر إليه، وإلى نفسي، لقد هدم نفسيتي، وبنى له حياة أخرى، هل هذا عدل؟

ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

نحن نشكر لك -أيتها الكريمة- حرصك على بقاء بيتك، وقيامك بحقوق أبنائك، ونحن على ثقة تامة بأن ثواب كل ما تعانينه وتقاسينه مدخر لك عند الله تعالى، فينبغي أن تستبشري وأن تتأمّلي خيرًا، وأن الله عز وجل لن يضيع أجرك، وأنه سيُخلف عليك كل غائبة وكل ما فقدته بخير منه.

أحسني الظن بالله تعالى، وأبشري بسعادة مستقبلاً في دنياك وفي آخرتك.

نحن نشاركك أيتها الأخت الأحزان التي وجدتها من زوجك، وقد أساء هو بتصرفاته تلك، ولكن يبدو من خلال كلامك أن هذا الزوج قد رجع عما كان عليه - وإن لم يكن رجوعًا كليًّا – وأحواله الأخيرة تُنبئ عن تعلقه بك، وأنك لا تزالين تتمتعين بمنزلة كبيرة في قلبه، ولذا فنصيحتنا لك -أيتها الكريمة- أن تستشعري مكانتك الحقيقية في بيتك وأسرتك وعند زوجك، وأن تُقدري نعمة الله تعالى عليك في هذا الوضع الذي أنت فيه، وأن تقارني حالك بحالات الملايين من النساء اللاتي يفتقدن الزوج بالكلية، ويتمنين الذرية، فإذا ما رأيت حال من هو دونك - وهنَّ كثيرات يفقن العد – فإنك ستدركين أنك في نعم كثيرة جليلة، وهذا سيدفعك إلى الاستمتاع بهذه النعم والفرح بها، وأداء شكر الله تعالى عليها.

أنت -أيتها الكريمة- لا تزالين في نعم عديدة، فأنت -ولله الحمد- صحيحة الجسم، معافاة في بدنك، آمنة في بيتك، رزقك الله عز وجل الأولاد الذين تقر بهم عينك، ورزقك الزوج وإن كان به قصور، فإن الناس لا يزال فيهم النقص والقصور، ومن ثم فينبغي أن تستشعري هذه النعم العديدة التي أنت تعيشينها وربما غفلت عنها.

وزوجك يمكن أن يتعدل سلوكه إذا بذلت وسعك في سبيل ذلك، ومن ذلك -أيتها الكريمة-: أن تحاولي التقرب إليه بعد أن حاول التقرب إليك أخيرًا، وتجاهدي نفسك على ذلك، وألا تجعلي من زواج زوجك بأخرى حائلاً فعلاً بينك وبينه، فحاولي أن تنالي من زوجك حظك كاملاً، بأن تعطيه حقوقه عليك، ومن أجل هذه الحقوق حسن العشرة بالمعروف، فتجاهدي نفسك على التودد إليه والحديث معه، وإجابته إلى الفراش إذا دعاكِ، وأنت بذلك تنالين رضا الله تعالى؛ لأنك تؤدين الواجب عليك، وفي الوقت ذاته تكسبين زوجك، وتستميلينه إليك.

وكوني على ثقة تامة -أيتها الكريمة- بأنك بغير هذا السلوك لن تستفيدي شيئًا، فإن زوجك لن يزداد منك إلا بُعدًا، فحاولي أن تستغلي الظروف الممكنة، وأن تصنعي منها سعادة لك، وخير ما يعينك على ذلك ويخفف عنك هذه المأساة أن تعلمي بأن الله سبحانه وتعالى قدر لكل إنسان قدرًا في هذه الحياة، فلا ينبغي للإنسان أن يتسخط ما وضعه الله تعالى فيه، فالرضا بقضاء الله تعالى وقدره جنة الله عز وجل العاجلة، فلا تتمني أكثر مما أعطاك الله تعالى، وارضيْ بما قسمه الله تعالى لك، تجدين الراحة والسعادة واللذة، فلا تحزني كثيرًا لكون زوجك قد تزوج بأخرى، وحاولي أن تنالي حظك منه في قسْمك على الوجه الأكمل الأتم، فهذا خير لك من فَقْدِ زوجك بالكلية.

وبهذا السلوك -أيتها الكريمة- ستعيشين حياة هادئة مطمئنة، إذا رضيت بقدر الله تعالى، وما قسمه لك، وإذا حاولت استغلال النعم التي أنت فيها، واستشعرت اللذة بها، فإنك ستعيشين حياة سعيدة.

نحن نشد على يديك -أيتها الكريمة-، ونتمنى منك أن تواصلي الطريق في الاهتمام بأولادك وزوجك، ومحاولة إصلاح ما بينك وبين زوجك قدر الاستطاعة، فإن ذلك هو الطريق السديد الذي به تصلين - بإذن الله تعالى – إلى ما تتمنين.

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية الله يصبر قلبك ان شاءالله

    الله يصبر قلبك يارب

  • السعودية لطيفة

    لماذا لا تتمني أكثر مما أعطاك الله لربما هي تتمنى رجل افضل وين الغلط

  • السعودية ع ت

    عيشي حياتك ولاتهتمين فيه مثل قبل

  • مجهول ام يوسف

    فوضى امرك لله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً