الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس قهري بأني غير عذراء.. كيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من وسواس قهري منذ 5 أشهر تقريبا بأني لست عذراء بالرغم من عدم حدوث أي شيء لي في حياتي يستدعي ذلك، أنا أبكي ليلا ونهارا، وكلما ذكرت لأمي تضحك فهي تثق بي، ولكن لا أريد أن تسخر من مشكلتي.

سبب معاناتي أني كنت لا أعرف بوجود ما يسمى بغشاء البكارة، والآن عرفت وحتى أني أخاف أن أنظف هذه المنطقة خوفا على نفسي فلا أعرف ماذا أفعل؟

الدراسة بدأت، ولا أستطيع تحصيل أي شيء، فأنا طوال حياتي من الأوائل، أخشى النتيجة هذا العام؛ لأني لا أستطيع أن أذاكر مطلقا من التفكير، فهل لهذا علاج كيماوي موجود في مصر؟ أو أي علاج، فأنا أريد أن أتخلص من هذه الحالة، وأريد أن أعيش حياتي كباقي البنات، وأريد أن أذاكر، أرجوكم ساعدوني، مع العلم أني حافظة للقرآن كاملا، ولكن الثانوية العامة ألهتني عن مراجعته، وأخشى أن يكون هذا عقاب من الله عز وجل بسبب تركي لمراجعة القرآن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ noname حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فما شاء الله تبارك الله، فأنت بنت القرآن، ولن يصيبك - إن شاء الله تعالى – مكروه، ما أتاك هو نوع من الابتلاء البسيط - إن شاء الله تعالى – وأنت إن شاءَ الله قادرة على تجاوزه، هذا وسواس قهري، وأنا أجد لك العذر فيما حدث لك من ألم نفسي، لأن الوساوس من قبحها أن محتوياتها الفكرية تكون في معظم الأحيان في أمور حساسة وعزيزة على نفس الإنسان.

وأنا أريدك أن تتفهمي هذه النقطة بوضوح شديد، وهي أن الوساوس من طبيعتها أن تكون أصلاً سخيفة المحتوى، ومؤلمة للنفس، وفي أمور حساسة كما ذكرت لك.

أمك – جزاها الله خيرًا – تساندك من خلال أن تضحك حول هذا الأمر، وهذا حقيقة مساندة عظيمة من جانبها، هذا هو اجتهادها، لكن قد لا يكون العلاج في ذلك، العلاج - أيتها الكريمة الفاضلة – يتمثل في الآتي:

أولاً: أبشرك أن الدواء موجود، وسوف يفيدك كثيرًا، وسوف أتحدث عن ذلك لاحقًا.

ثانيًا: الفكر الوسواسي يجب أن يُحقّر، ويجب ألا تتخذي التحوطات التي تُشعرك أن غشاء البكارة لديك لم يمسه سوء ولم يُخدش، لا تتخذي هذه التحوطات أبدًا، عيشي حياتك بصورة طبيعية، موضوع الاستنجاء والاستبراء والغسل والأشياء هذه يجب ألا تحجمي عنها أبدًا، إن اتخذت تحوطات غير منطقية، ولا داعي لها هذا سوف يثبت لديك الوسواس، اقتحمي هذا الوسواس وحقريه وقومي بفعل ما هو مضاد له.

ثالثًا: لا أريدك أبدًا أن تُحللي هذا الوسواس، لا تشرحي الفكرة، لا توسوسي حول الوسواس كما نقول، إنما خاطبي الفكرة حين يأتيك الشعور بأنك لست عذراء قولي: (أنت فكرة وسواسية قبيحة وحقيرة لن أهتم بك، لن أناقشك، لن أحللك، أنت هنا تحت قدمي). خاطبي نفسك هذه المخاطبات.

تمرين سلوكي آخر بسيط، وبالتأكيد قولي لنفسك: (الحمد لله تعالى أنا عذراء، أنا فتاة طاهرة نقية، أنا أحفظ كتاب الله، وأسأل الله تعالى أن يرزقني الزوج الصالح) كرري هذه الجملة عدة مرات مع نفسك.

رابعًا: يجب أن تصرفي الانتباه - وهذا أمر ضروري – وصرف الانتباه نعني به ألا تتركي للفراغ مجالاً، أن تشغلي نفسك بما هو أفضل وأفيد، وأن تديري وقتك بصورة سليمة وصحيحة.

خامسًا: الوساوس تؤدي إلى القلق وهي في حقيقتها قلق، لذا الاسترخاء مطلوب، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن تطبقي ما بها من إرشاد، وسوف يفيدك كثيرًا.

تأتي النقطة الأخيرة وهي نقطة العلاج الدوائي: الوساوس تستجيب للعلاج الدوائي خاصة في مثل عمرك، لكن أنا أريدك أن تناقشي أمر الدواء مع أسرتك – مع والدتك مع والدك – وأن الأدوية بالفعل مفيدة، لأن الوساوس في حقيقتها قد ينتج عنها تغيرات كيميائية في الدماغ، أو يكون هذا التغير الكيمائي هو السبب فيها، وهنالك مادة تعرف باسم (سيروتونين) وجد أنه يحدث اضطراب في إفرازها، وعدم انتظام مما ينتج عنه الوسواس، لذا يجب أن يُستعمل العلاج الدوائي كمضاد لهذا الاضطراب الكيميائي، وإن شاء الله تعالى توضع هذه الموصلات والناقلات العصبية في مساراتها الصحيحة بعد تناول الدواء.

إن أراد أهلك أن يعرضوك على طبيب نفسي فهذا هو الأفضل، وإن رفضوا فكرة الطبيب أرجو ألا يرفضوا فكرة تناول الدواء، ومن أفضل الأدوية التي نصفها عقار يعرف باسم (بروزاك) ويسمى في مصر (فلوزاك) واسمه العلمي (فلوكستين) وهو متوفر ولا يحتاج لوصفة طبية، كما أنه دواء لا يسبب الإدمان، ولا يسبب التعود، وليس له تأثيرات سلبية على الهرمونات النسائية.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا، يتم تناولها بعد الأكل صباحًا أو مساءً، وبعد شهر ترفع الجرعة إلى كبسولتين – أي أربعين مليجرامًا – في اليوم، وهذه هي الجرعة المطلوبة في حالتك، والتي يجب أن تستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

إذن حالتك - إن شاء الله تعالى – يمكن علاجها والشفاء منها تمامًا.

وفقك الله وسدد خطاك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً