الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكرار العصيان بعد التوبة.. هل هو دليل على أن لا أمل في الرجوع إلى الله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1- أعصي الله ثم أعود إليه، ثم أعود إلى العصيان، وهكذا، فهل هذا دليل على أنه لا أمل لي بالرجوع؟
2- أعاني من النسيان بشدة؟
3- وأيضا أحلام اليقظة، هل هي حرام أم حلال؟ وكيف أستطيع تركها؟
4- استخرت الله كثيرا في أمر ولم يحدث شيء؟

وشاكرة لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك من الصالحات القانتات المتفوقات.

وبخصوص ما ورد في رسالتك من أنك تعصين الله تعالى، ثم تعودين إليه، ثم تعودين للعصيان، وتتمنين بأنك لا تعصينه مرة أخرى؟

أقول لك: هذه أمنية كل إنسان، ولكن في البداية أحب أن أخبرك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، وكوننا نتمنى أن نكون بشرًا بلا أخطاء فهذا صعب جدًّا، وهذا يخالف الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لأن الله تبارك وتعالى خلق الناس يُخطئون فيتوبون فيتوب عليهم، ولكن المشكلة في الاستمرار في التوبة، ثم العودة إلى المعصية كأن الأمر أصبح لا قيمة له ولا وزن؛ ولذلك على الإنسان أن يحاول، بمعنى أنه إن تاب من ذنب يحاول أن يجتهد في عدم الرجوع إلى المعصية، ويبحث عن الأسباب التي تؤدي إلى وقوعه في هذه المعصية.

فمثلاً أن أي معصية أنا أفعلها وأريد أن أتوب منها، أبحث عن العوامل التي تشجعني على فعل هذه المعصية، ثم إذا عرفت هذه العوامل التي تؤدي إلى هذه المعصية أتوقف عنها، وأحاول أن أقضي على العوامل التي تؤدي إلى المعصية، وبذلك تنتهي المعصية، بمعنى أنه أحيانًا الإنسان إذا كان في الخلوة، وإذا كان وحده، زين له الشيطان في الوقوع في المعاصي، ففي تلك الحالة يجتهد ألا يكون وحده، ولا يُغلق باب الغرفة عليه، وإنما يجعل الباب مفتوحًا حتى لا يضحك عليه الشيطان.

وكذلك أيضًا إذا كان مثلاً يفعل هذه المعصية ليلاً، فليحاول أن يجعل الإضاءة تعمل، أو يحاول أن يطلب من أحد أن ينام معه في نفس الغرفة على فراش آخر إذا كان كبيرا في السن، المهم بذلك أنه يستطيع أن يبحث عن العوامل التي تؤدي إلى وجود المعصية، فإن وصل إليها - بإذن الله تعالى – بتحديد تلك العوامل، فإنه يحاول القضاء عليها، وبذلك لا يعود - إن شاء الله تعالى – إلى المعاصي.

ثانيًا: على ذلك يحتاج الإنسان إلى دعاء وإلحاح على الله تعالى، بأن يعافيه الله تبارك وتعالى من تلك المعاصي.

ثالثًا: أن يعقد العزم يقينًا وبقوة أن يترك المعاصي حياء من الله، وذلك مخافة أن يموت على هذه المعصية، فيُختم له بسوء خاتمة والعياذ بالله.

والعوامل التي تعين على التوبة والثبات عليها كثيرة ومتنوعة، منها:

- الصحبة الصالحة، فعليك البحث عن صحبة صالحة من أخواتك الصالحات الملتزمات، وأن تقضي معهنَّ معظم أوقات فراغك، وأن تتواصلي معهنَّ عبر الهاتف، حتى تكون لك بيئة وصحبة طيبة تعينك على طاعة الله تعالى.

- كذلك قراءة ورد من القرآن الكريم يوميًا، فإن ذلك أيضًا مهم جدًّا بالنسبة لتقوية الإيمان في قلبك.

- المحافظة على الصلوات في أوقاتها أيضًا في غاية الأهمية.

- المحافظة على أذكار الصباح والمساء مهمة جدًّا – يا بنيتي - .

- أن تطلبي من والدتك أن تعينك على طاعة الله بالنسبة للمحافظة على الصلاة، وكذلك أيضًا أن تذكرك بالله سبحانه وتعالى قدر الاستطاعة، وأن تجعل بينك وبينها نوعا من الصداقة، حتى إذا ما وقعت في معصية أخبرتها بما تفعلين، حتى تكون عونًا لك على ترك تلك المعصية إذا كان ذلك ممكنًا.

- ودائمًا ضعي في اعتبارك أن المعصية قد تكون آخر حياتك، وبذلك تلقين الله تبارك وتعالى على معصية، ويختم لك بسوء خاتمة -عياذا بالله- فيكون وضعك غاية الحرج يوم القيامة. من أدراك أنك ستتمكنين من التوبة بعد المعصية؟!
إذن دائمًا حدثي نفسك بذلك.

-اجتهدي في البحث عن العوامل التي تؤدي إلى الوقوع في المعصية، واقضي عليها نهائيًا.

- أكثري من الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – بنية أن يقبل الله منك، وأن يعينك، وأن يثبتك على الحق.

- كذلك عليك بالإكثار من الاستغفار.

أما بالنسبة لأحلام اليقظة، فهي ليست حرامًا ما دامت مجرد أحلام ومخيلات في داخل الذهن، ولكن ما ينبغي للإنسان أن يسترسل ويتوسع فيها، حتى لا يؤدي إلى تمني هذا الحرام.

كونك استخرت الله تبارك وتعالى في شيء أو في أمر ولم يحدث شيء، فليس معنى الاستخارة قضاء الأمر، وإنما الاستخارة سؤال الله خير الأمرين، والأصل أنك إذا استخرت الله تبارك وتعالى في أمر أن تبدئي فيه مباشرة، فإذا كان فيه خير فسوف ييسره الله تبارك وتعالى، وإن كان خلاف ذلك فسوف يصرفك الله تبارك وتعالى عنه.

أسأل الله أن يوفقك، وأن يشرح صدرك لكل خير، وأن يوفقك لطاعته ورضاه، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة المستشار الشرعي الشيخ: موافي عزب/ تليها إجابة المستشار النفسي الدكتور محمد عبدالعليم: للإجابة على الجانب النفسي:
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

فأرجو أن تأخذي بكل كلمة وردت في الإجابة المفصلة التي أوردها لك الشيخ موافي عزب – جزاه الله خيرًا – ومن الناحية النفسية: الإنسان لابد أن تكون له عزيمة وشكيمة، والإنسان إذا عرف أهمية الأمور لا يكرر أخطاءه، لكن التهاون مع النفس وعدم إعطاء الأمر أهميته وتحديد هذه الدرجة من الأهمية، يعني مثلاً: لا يمكن أن تكون الصلاة بنفس أهمية أن ينام الإنسان فترة الظهر، ليس هنالك مقارنة بين الاثنين أبدًا، وهكذا.

إذن ضعي الطاعة في جدول أسبقياتك، وهذا سوف يترسخ في تفكيرك وفي كيانك، ولن يجد الشيطان إليك سبيلاً، هذا مهم جدًّا.

فيما يخص النسيان: في مثل عمرك غالبًا يكون سببه القلق والتوتر وعدم الاستقرار النفسي، وعدم شعورك بالأمان، لأن قضية المعاصي وعدم الالتزام تُشعر الإنسان بتشرذم شديد وافتقاد الأمان، فارجعي إلى طاعاتك، وعليك بتلاوة القرآن بتدبر وتمعن، فهو محسن أكيد للذاكرة، قال تعالى: {واذكر ربك إذا نسيت}، وقال تعالى: {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم}.

أحلام اليقظة هو أمر طبيعي في مثل هذه المرحلة العمرية، يمكن أن تحوري هذه الأحلام بصورة إيجابية، فكري في أمر واقعي حول المستقبل، مثلاً في الدراسة في تخصص معين، وهكذا. هذه تحسن من مثابرتك ودافعيتك نحو الإنجاز الإيجابي - إن شاء الله تعالى - .

أنا لا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي، كل الذي أريده منك هو اتباع ما ذكرناه لك، أضف إلى ذلك أن بر الوالدين يفتح للإنسان آفاقا جميلة جدًّا للطاعة وللتذكر ولحسن التدبر، وأن يسهل الله أمر الإنسان في كل شيء، فكوني حريصة على ذلك.

عليك أيضًا أن تأخذي مبادرات إيجابية في أسرتك، ولا تكوني منعزلة، شاركي الأسرة بالأفكار بالأعمال، وهذا أيضًا يُشعرك بكينونتك وبوجودك الحقيقي.

اجتهدي في إدارة الوقت بصورة صحيحة، لأن الذي يُدير وقته يدير حياته بصورة جيدة جدًّا.

الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة قطعًا سوف تؤدي إلى شعورك بالاستقرار النفسي، ومن ثم يتحسن التركيز لديك، وتوجد أيضًا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، مفيدة جدًّا في مثل هذه الحالات، أرجو أن ترجعي إلى استشارة لدينا بإسلام ويب تحت رقم (2136015) وأن تتبعي الإرشادات الواردة في هذه الرسالة، وعليك بالالتزام بالممارسة – أي تمارين الاسترخاء – بصورة مستمرة، على الأقل مرة في الصباح ومرة في المساء في أول أسبوعين، ثم بعد ذلك طبقيها على الأقل مرة واحدة في اليوم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر كريم عرفات شبل

    الله يحفظكم ويدخلكم فى رحمته ويتوب عليكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً