الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يهتم بي ويظل على النت منشغلا عني، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا امرأة متزوجة من ابن عمي منذ 4 سنوات, وعندي ولد وبنت, وهو لا يجلس معي لا ليلاً ولا نهارًا, فهو يبقى على النت من جديد, ويقول: أصبحتِ في نظري لا شيء, ولا يجلس مع أطفاله, وبصراحة أهله سيؤون جدًّا, ومثّلوا علي أنهم التزموا فترة الخطبة, وهم قدوة سيئة لزوجي وأطفالي, والذي حضر لخطبتي جدتي معه على أساس أنه مختلف عنهم، لكنه الآن يقلدهم كثيرًا حتى بدأت أشعر أن التزامي قل, أريده أن يراني أفضل شيء, وهو أناني معي جدًّا, نجح عندي بالتوجيهي, ويكمل دراسته الجامعية, ويقول عند أي خلاف: بعد أن أكمل سوف أصبح مثلك وأفضل, مع أنني وقفت بجانبه, وسوف أتركك, ويقول عني فاشلة؛ لأنني درست ولم أعمل, ولم أتعين إلا على الإضافي, ويجاملني بأقل شيء حتى أنني أخجل أن آخذ راحتي أمامه في أشياء كثيرة.

وقد أعطاني أبي شقة فوق بيته بدون نقود حتى يساعده, وساعدنا بأشياء كثيرة من أول زواجنا للآن, ومع ذلك لم يقدر, وكان أهله يقولون له: أنت أولى من الغريب, وهو غني, فلماذا يبخل عليكم؟!

وقد أصبحت لا أحبه مثل قبل, وتركته فترة شهر, ورجع نادمًا؛ ولأنني أحبه وأحب أطفالي أعطيته فرصة, ولكنه رجع مثل قبل, ولم يتغير إلا مدة قليلة, ثم رجع يضايقني بكلامه وتصرفاته بشكل أكبر, ويقول عني: رخيصة, ولا أستطيع الاستغناء عنه, مع أن محبته قلّت في قلبي, هل أتركه للأبد أم فترة وأعود؟ أريد حلاً, هو أكبر مني بشهر فقط, وأعمارنا 27, وأريده أن يقرأ كتبًا عن الزواج ومسؤولياته, وهو يتكاسل ويقول: أنا مقصر؛ لأن ظرفي سيء, وأنا أرى أبي أبًا حقيقيًا وهو يحاول نصحه, لكن الطبع يغلب التطبع, وأمي وأخواتي يقولون: اتركيه؛ فهو لا يستحقك, وأبي كان يقول: اصبري, وهو الآن يقول لي: أنت حرة, ولا أستطيع أن أتحمل خطيئة أو ظلم أحد, فماذا أفعل؟ أريد نصحًا أو استشارة, أمنيتي أن أتكلم مع أحد, وأصارحه بما في قلبي.

أرجوكم أن تردوا علي بأقرب وقت, وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نشكر لك - ابنتنا الفاضلة - تواصلك مع الموقع، نسأل الله أن يقر عينك بصلاح الزوج، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونشكر لك هذا الفهم, والعقل الذي ظهر من خلال كتابة هذه الاستشارة، فإنه من مناقب المرأة أن تكون حريصة على بيتها, غير راغبة في حصول الفراق والطلاق مهما كانت حالة الزوج، خاصة إذا كان الزوج قريبًا, وهو ابن عم، وابن عم المرء فعلاً جناحه.

فإذن: ما أحوجنا إلى أن نقف مثل هذه الوقفات، ونسأل الله أن يسهل أمرك, وأن يعينك على الخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ولا نستطيع قبل أن نمضي إلا أن نشكر الوالد أيضًا على هذا الاهتمام، على هذا الوقوف معكم، على هذه المساندة لك ولهذا الزوج، ونسأل الله تبارك وتعالى أيضًا أن تكون ثمار هذه المجهودات وهذا المعروف الذي فعله الوالد مما يؤثر على هذا الشاب فيرده إلى صوابه وسداده، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ولا يخفى على أمثالك أن زواج الأقارب فيه إيجابيات, وله سلبيات، ولذلك ينبغي أن يتردد الإنسان آلاف المرات قبل أن يُقدم على خراب البيت عندما يكون الزوج من الأسرة؛ لأن هذا يورث القطيعة, ويورث البغضاء والعداوة بين هذه الرحم التي أرادها الله تبارك وتعالى أن تكون خيرًا, وأن تكون برًّا.

ومثل ما قلنا أيضًا لابد أن تعرفي ما الذي يجذبه إلى النت, وتحاولي أن تقتربي منه, وتدخلي إلى حياته, وتذكريه بما فيه من إيجابيات - وإن كانت قليلة - لتتخذيها مدخلاً إلى إصلاحه ونصحه وتوجهيه، ولعل من الظاهر أنك متعلمة وأنه غير متعلم, وأنك صاحبة مال وفضل وهو ليس كذلك، وبعض الناس هذه الأشياء تعطي رسائل عكسية بالنسبة لهم، وهذا لعله واضح من خلال كلامه، فكوني عونًا له على النجاح, وعونًا له على الدراسة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يستخدم الجميع في طاعته.

وأرجو كذلك أن تفصلي بين التعامل معه وبين التعامل مع أهله، فإن الإنسان لا يلام بجرائم أهله, أو بشدة أهله, أو بقسوتهم, أو بالكلام الذي يقولونه، والإنسان إذا لم يسامح على بعض الكلام الذي يسمع, وحاول أن يقف عند كل صغيرة وكبيرة فإنه سيتعب نفسه، واعلمي أن أم هذا الرجل, أو أي امرأة كبيرة ينبغي أن تعامل معاملة الأم، فنحسن الاستماع لكلامها، ولا نغضب, ولا نعطي الكلمات أكبر من حجمها، لكن نتمنى أن تتعاملي معهم بمنتهى الهدوء، وأرجو أن تبتعدي عن كل ما يثير الإشكال والخصام، ونحاول أيضًا أن نتعرف معك على إيجابيات هذا الزوج:

هل يمكن أن يصلح حاله؟ لأنه واضح أنه يندم, ويسمع الكلام، ويتأثر بالكلام, وإن كان التأثر تأثرًا قليلاً.

أيضًا هل يمكن أن تعتقدي أن الوضع سيتغير إذا توقف أهله عن التدخل في هذه الحياة؟
فنحن إذن نحتاج إلى أن نعيد المحاولات.

ونشكر للوالد حقيقة هذا العمل الإيجابي, وترك الأمر لك، فعند ذلك ينبغي أن تفكري بمنتهى الهدوء, أما الوالدة والأخوات فيُشكرن على المشاعر، ولكن لا تتابعي هذه المشاعر، رغم أنها نبيلة؛ لأنه واضح أنهم ينطلقون من المعاناة التي يشعرون بها بالنسبة لك، ويبدو أنك تكلمينهم دائمًا عن المشاكل والمعاناة، ونحن حقيقة لا ننصح بذلك، لا ننصح بأن تخبريهم بكل السلبيات؛ لأن هذا لا يعين على إعطاء النصيحة، وسيتعاطفون معك، ولكن لابد أن ينظر الإنسان إلى نهايات الطريق، لابد أن تنظري إلى عواقب الفراق، لابد أن تنظري في الخيارات البديلة، لابد أن تتذكري أن عندك ميلاً إليه، وهو كذلك واضح أنه يميل إليك، لكن مثل ما قلنا الظروف التي يمر بها لعلها تُحدث مثل هذه الآثار.

فنتمنى ألا تُخرجي مشاكلك خارج البيت, ولا تدخلي أهل البيت أو نحوهم في مثل هذه الأشياء، ونتمنى كذلك أيضًا أن تستمعي لكلام الوالد فهو الأعقل, وهو الأعرف، ودائمًا الرجل أقدر على أن يفكر بعمق، وأن يفكر في أشياء بعيدة, وفي عواقب الأمور.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونحن لا ننصح بتركه، ولكن ننصح بالاجتهاد معه، وتكرار المحاولات، وتذكيره بما عنده من الإيجابيات، والتوجه إلى رب الأرض والسموات، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وسنكون سعداء إذا جاءتنا تفاصيل أكثر حتى نستطيع أن نصل معك إلى القرار الصحيح الصائب، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً