الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنصح أخي البخيل؟

السؤال

لدي أخ بخيل جدًّا, وهو متزوج, ولا يشتري إلا الحاجات الضرورية والرخيصة، علمًا أن حالته ممتازة, ولا ينقصه شيء.

أرجو منكم النصيحة؟

شكرًا جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فأهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يحفظك من كل مكروه.

وبخصوص ما سألت عنه فنقول ابتداء: إن البخل مذموم في دين الله عز وجل, وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه, وكان يكثر من قوله: "اللهم إنِّي أعوذُ بك من الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكسَل، والبُخْلِ والجُبنِ، وضلع الدّين، وغَلَبَة الرِّجَالِ..." الحديث [رواه البخاري ومسلم].

وبيّن صلى الله عليه وسلم أن البخل صفة من الصفات المذمومة في الرجل, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شَرُّ ما في الرجل: شُحٌّ هالعٌ، وجُبْنٌ خالع" [رواه أحمد وابن حبان وصحح أحمد شاكر إسناده], وأخبر عليّ رضي الله عنه أنه سيأتي على النّاس زمانٌ عَضوض، يَعَضُّ الموسرُ على ما في يده, ولم يُؤْمر بذلك, قال الله تعالى: {ولا تَنْسَوُا الفَضْلَ بيْنَكُم} [البقرة:237].

وهو طبيعة بشرية مجبول المرء عليها, لكن يتفاوت الناس في التغلب عليها, أو الخضوع لها, فقد قال طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: إنّا لَنَجِدُ بأمْوالنا ما يجدُ البخلاء لكننا نتصبّرُ؛ ذلك أن البخل شين ومعيبة للرجل, حتى أثر عن أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز - رحمها الله تعالى - أنها قالت : "أفٍّ للبخيل، لو كان البُخل قميصًا ما لَبِسْتُهُ، ولو كان طريقًا ما سلكتُهُ".
ولعل هذا ما دفع الإمام الشعبي إلى أن يقول : "ما أدري أيُّهُما أبعد غورًا في جهنّم: البخل أو الكذِب".

هذا -أخي الحبيب- عن البخل: ولكن لم تبين في حديثك على من يبخل أخوك، هل عليك أنت مثلاً وأنت في سن الشباب وعليك العمل, أم على أولاده وزوجه ومن تجب نفقته عليهم.

فإن كان على من تجب نفقته عليهم وهو مقتدر, وعنده من الخير فللزوجة أو من تجب نفقته عليهم كأبنائه أن يأخذوا من ماله بدون علمه ما يكفيهم بالمعروف من دون جور عليه, فعن عائشة رضي الله عنها أنّ هندًا أم معاوية قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح ، فهل علي جناح أن آخذ ماله سرًا؟ قال : (خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف), ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الزوجة والأولاد.

وأما التعامل معه فيستحب أن يذكر بصفات أهل الجنة, ومن ضمنها أهل الكرم وما أعده الله لهم في الجنة, وخلق الكرم عند النبي وأصحابه, فمثل تلك القصص تدفع إلى ذلك, شريطة أن يكون بطريق غير مباشر, وأن يكون الكلام موجهًا لبعض الحضور وفيهم الأخ، ولو قام بذلك شيخ المسجد بعد أن يبين له ذلك لكان أفضل.

نسأل الله أن يبارك لك, وأن يحفظكم من كل مكروه, ونحن سعداء بتواصلك معنا, والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً