الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع أهل زوجي الذين قاطعوني وأخذوا بعض ممتلكاتي؟

السؤال

السلام عليكم

أرجو أن تفيدوني في مشكلتي والتمسوا لي العذر على طولها، أنا متزوجة منذ 3 سنين، ولم يشأ الله أن يحدث حمل إلى الآن، وزوجي رجل لا يعمل في وظيفة محددة، وقد جاءت له وظيفة محترمة، ومرتب جيد، ولكنه يرفض، أشعر منه دائما أنه لا يريد أن يرتبط بشيء هكذا حتى أن متطلبات الحياة بالنسبة له الأكل والشرب فقط، ولا يريد شيئا آخر وهذا شيء يضايقني؛ لأن هناك أشياء أخرى غير الذي يفكر فيها مثلا؛ ولأننا لا نستطيع الإنجاب إلا بعلاج، وهو لا يريد توفير المال لهذا فقط يريد أن يأكل ويشرب فقط هذا بالنسبة له.

أما بالنسبة لأهله، فأشعر منهم دائما أنهم لا يطيقونني، وعندما غضبت ذات مرة، لأن زوجي حلف علي، ورجعت ثانية إلى بيتي وجدت أشياء ناقصة من حاجتي، وواجهت بإنكار ذلك، ولكني شعرت أنهم هم الذين أخذوها من خلال نظرة عيونهم، ومنذ ذلك الوقت، لا يكلمونني كأنهم لا يريدون رجعتي، ولأنهم طمعوا في ممتلكاتي أن يأخذونها إذا أنا لم أرجع.

هل قطيعتي لهم إثم علي؟ وماذا أفعل مع زوجي وأهله؟ هل أنفصل عنه بسبب ما حكيته عنه؟ وأهله كيف أتصرف معهم؟ حيث أنهم طمعوا في حاجتي، ويعلم الله كيف جهزني أبي لذلك لا أريد أن أفرط في مال أبي، واعذروني مرة أخرى على طول مشكلتي؟ وأريد الحل؛ لأني لا أستطيع النوم دائما أفكر في حل، وأجد نفسي في حيرة فقط، وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ samar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لابنتنا الكريمة تواصلها مع الموقع، ونشكر لها هذا الفهم الجميل لقضيتها وحسن العرض لها، ونسأل الله أن يسهل أمرها، وأن يغفر ذنبنا وذنبها، ونوصيها أولاً بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم بكثرة اللجوء إليه، ثم بالمحافظة على بيتها وأسرتها، فإن هذا الذي يحدث من هذا الزوج، ومن أهله تعتبر من الأمور التي تكاد تكون طبيعية، وأرجو أن نفهم أن أهل الزوج قد يكون فيهم غيرة من زوجة ابنهم هذه التي جاءت تشاركهم في جيبه وفي حبه كذلك.

والمرأة العاقلة تقدر هذه المعاني، وتقدر أيضًا أنهم يطمعون في مال ابنهم، وربما يرون أنفسهم أن لهم حقا في ذلك المال، وليس معنى هذا أننا نؤيد هذا العمل، ولكن ندعوك إلى أن تكوني كبيرة في عقلك، كما هو واضح من هذا السؤال، وأن تكوني أكبر من هذه الأمور الصغيرة، وأن تجتهدي في أن تحسني إليهم، وإن أساؤوا، فإن الإنسان يؤثر على الناس بإحسانه.

وليس من مصلحتك أن تكوني على توتر مع أسرة هذا الرجل، بل الصواب أن تكوني معهم على وفاق، أن تكوني معهم على اتصال، وإذا كان يأتيك منهم شر فليس معنى ذلك أن تسارعي بقطع العلاقة، ولكن ينبغي أن تكون العلاقة في حدود الاحترام وفي إطار ضيق، لكن لا نقطع هذه العلاقة، لأن قطع العلاقة بهذه الطريقة يؤثر على الزوج، ويؤثر على حياتك من أولها إلى آخرها، ولا أدل على ذلك من أنك لا تستطيعين النوم، وهم في نوم عميق.

ولذلك لابد أن تعطي المشكلة حجمها وحقها وحظها من الاهتمام، واعلمي أنك تزوجت من الرجل وليس من أهله، ولكن احترامًا لمشاعره ينبغي أن تحترمي أهله، ليبادلك الاحترام عند ذلك لأهلك ويقدر فيهم ما قاموا به من مساعدات في تجهيزك أو في إعدادك لتكوني زوجة له.

ونحن نعتقد أنك إن شاء الله أكبر من هذه المشاكل، ولا يخفى عليك أن المسلم لا يجوز له أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فعودي إلى الله تبارك وتعالى، وحاولي ترميم ما حصل من علاقة، واعلمي أن هذه الأمور تكاد تكون طبيعية، بالنسبة لما يُعرض علينا من مشكلات هذه من أبسط المشاكل، والإنسان إذا عرف مشاكل الآخرين ومصائبهم هانت عليه المصائب.

فإذن نحن ندعوك إلى أن تتفهمي هذا الوضع، وإلى أن تعيدي ترميم العلاقة مع زوجك، وحاولي أن تدخلي إلى حياته وأن تقتربي منه، وأن تُشعريه بالأمان في حياته، وبأنك تحبينه وتقدرينه وتميلين إليه، وعند ذلك سيكون مؤهلاً لسماع الكلام، ولكن الآن إذا ذهب إلى أهله وبينك وبينهم الخصام فلن يمدحوك له، ولن يشكروك له، وربما كل هذا الذي يحدث عبارة عن ترجمة لانعكاسات ما يحصل له عند أهله، فلا تضعي زوجك في هذا الاختبار العسير بأن يختارك أنت أو يختار أهله، لأن هؤلاء الأهل يؤثرون عليه بلا شك، والرجل إذا عرف أن زوجته ليست على وفاق مع أهله، فإن هذا لا يسعد الرجل، لأن الرجل مطالب بأن يحسن إلى أهله، وأن يحسن إلى زوجته، وإذا قصر في حق أهله – خاصة والديه – فويل له ثم ويل له، أو قصر في حق زوجته فويل له.

والمرأة العاقلة تعين زوجها على التوفيق بين هذه الواجبات التي قد تكون متضادة أو مختلفة، فإنها عند ذلك تنال عنده أرفع المنازل.

أما بالنسبة لمسألة عدم توفير المال وعدم رغبته في الوظيفة، فهذا أيضًا يحتاج منك إلى تشجيع، ولا تقولي له (أنت تريد الأكل والشرب فقط) مثل هذا الكلام اجعليه بيننا وبينك، لكن شجعيه دائمًا على المستقبل، وعلى النجاح، وعلى أن يرتب نفسه، وكوني أنت أيضًا عاقلة بحيث تدخري مما يأتيك من مال، واتفقي معه على خطة لبناء الأشياء في المستقبل، ومن ضمنها السعي في العلاج، والبحث عن الولد امتدادًا لأعمالنا بعد موتنا، فإن الإنسان يموت ويشبع موتًا، ولا يبقى له بعد ذلك إلا صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.

والولد الصالح هو محور الحديث، لأننا إذا تركنا ولدًا صالحًا – وكلمة الولد تشمل الذكر والأنثى – فإن هذا يكون امتدادًا لأعمالنا الصالحة، وهذا الولد الصالح – ذكرًا كان أم أنثى – يستطيع أن يقدم لوالديه الكثير والكثير، فينتفعوا بذلك حتى بعد موته.

بمثل هذا الكلام وبمثل هذا التشجيع وبمثل هذا الترغيب تتغير المسألة، ولذلك فأنا أدعوك إلى ما يلي:

أولاً: محاولة إعادة العلاقة مع أهله، حتى ولو كانت علاقة سطحية.

ثانيًا: تغيير طريقتك في التعامل مع هذا الزوج.

ثالثًا: أشغلي نفسك بالمفيد، وخاصة الاستغفار والصدقة، فإن هذه الأعمال من أسباب منح الذرية، كما قال الله تعالى: {فقلت استغفروا ربكم} ما هي النتائج: {إنه كان غفًّارًا * يرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا}.

وعليك بالإكثار من الدعاء وبقول الله تعالى: {رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين} فتوجهي إلى مالك الملك سبحانه وتعالى، كذلك ندعوك إلى الصبر على هذا الزوج وعلى أهله وعلى الحياة معه، فإن الحياة صبر ساعة، والعاقبة للصابرين.

ندعوك كذلك إلى الإحسان إلى الآخرين بقدر استطاعتك، وساعدي المحتاجين ليكون العظيم تبارك وتعالى في حاجتك، فإن الإنسان بصدقته ومساعدته للآخرين ينال من الله تبارك وتعالى الخير الكثير، ففاعل المعروف لا يقع، وإن وقع وُجد متكئًا، وما من إنسان نساعده ونحسن إليه إلا يدعو لنا، وإن لم يدعو فإن الله تبارك وتعالى يعلم ذلك ويجازي على ذلك.

إذن أرجو أن تنتبهي لهذه الأشياء، مع تقوى الله، مع الحرص على ذكره وشكره وحسن عبادته، وعليك كذلك أن تكثري جدًّا من الصلاة على النبي – عليه صلاة الله وسلامه – ليُذهب الله لك همّك ويغفر لك ذنبك.

ندعوك كذلك إلى أن تهتمي مرة أخرى بهذا الزوج وتغيري طريقة التعامل، فاجعلي الإحسان إلى الزوج هدف وعبادة تنالي عليها الأجر، ونسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً