الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع زوج يحب التعدد؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو المساعدة في توجيهي إلى حل يرجع الهدوء والسكينة في حياتي.

أنا زوجة ثانية لرجل، كان أسباب زواجي منه معنوية بالدرجة الأولى حسب ادعائه، ولأن له زوجة وأطفالاً، كان اتفاقنا أن لا ننجب الأطفال وذلك لأسباب صحية تتعلق بي، وحتى نتفرغ لأهدافنا المعنوية من مساعدته على إكمال دراسته الدينية، وتوجهاته في المجتمع، وبعد خمسة أشهر من الزواج بدأ يلح على مسألة إنجاب طفل ليكون سلوى لي في وحدتي، خاصة في الأيام التي يتواجد مع عائلته الأولى.

جاءت الطفلة الأولى وتحملت ما تحملت في تربيتها، خاصة وأنه ليس دائم التواجد معنا، وبعد أربع سنوات بدأ يلح على إنجاب طفل ثاني، ليكون أنيساً لأخته، وفعلاً خضعت لطلبه ولما بدأ الحمل بدا عليه تغيير كبير ! وسفر مستمر إلى خارج البلد دائماً مشغول بجواله، ووضع له رقماً سرياً، واجهته أكثر من مرة بدأت شكوكي تتأكد بزواج ثالث، وهو بدأ يلمح لي بهذا الأمر، لكنه يخشى الإفصاح خوفاً من المشاكل مع زوجته الأولى، والآن هو دائم التغيب في النهار، بدأ يقصر في احتياجاتنا بذريعة العمل، يرجع إلى البيت لوقت قليل وسرعان ما يخرج ليعود في وقت متأخر !

لا أعرف ماذا أفعل؟ حياتي فعلاً غير مستقرة، ومسؤوليتي فعلاً كبرت مع مجيء الطفل الثاني، أنا في قلق دائم، بدأ يؤثر على صحتي حتى إن ضغطي بدأ بالصعود، وأعاني من آلم مستمرة في رأسي.

أرشدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور الدجى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل وصحابته ومن والاه .

نسأل الله أن يبارك لك في أطفالك وأن يسعدك بهم ونبشرك بالثواب الذي ينصرك من الله تعالى فالأم له منزلة عظيمة وربما يكون هؤلاء الأطفال السبب في دخولك إلى الجنة، واجتهدي في تربيتهم وفي الإحسان إليهم والإحسان إلى الزوج فإن الإحسان للرجل يقيده بقيود، ويجعله يشتاق إلى العودة إلى بيته، وتجنبي كثرة المماحكة والجدال والمحاسبة والتحقيق معه عند دخوله وخروجه، فهذه الأمور التي تجعله يهرب من البيت.

ونحن نعتقد أن هذا الرجل صالح وفيه طاعة لله تعالى، وتزوجه بثالثة أو رابعة فإن ذلك لا يضرك إذا كان يراعي الضوابط الشرعية، فهذا أمر أحله الله تعالى والخوف حقيقة ممن يمارس الحرام، وممن يقع في الزنا والفواحش فإذا صرح لك أنه تزوج بثالثة فاتقي الله واصبري، واحرصي على القيام بالواجبات تجاه الأطفال وتجاه الزوج ويمكن أن تستفيدي وأن لا تفكري في إنجاب طفل في المستقبل، وإن كان الله إذا قدر شيئاً أراده، والمؤمن يرضى بقضاء الله وقدره، خاصة في مثل هذه الأمور التي لا يعرف فيها وجه الخير، ومن الخير للرجل أن يكون طالما بدأ يلمح لك لابد أن يقطع الشك باليقين، فإذا كان متزوجاً فعاونيه على أن لا يقصر في حق الأولى، ولا في حق الثالثة، ولا في حقك، فإن هذا هو الذي تأمر به الشريعة.

المرأة الصالحة دائماً تعين زوجها على البر وتعين زوجها على الطاعة لله تعالى، ولست أدري هل أظهر لك أسباب ارتباطه بثلاثة أو زواجه بالثالثة؟! فالشريعة التي ترجمه إذا زنا هي الشريعة التي تبيح له أن يتزوج بثالثة وبرابعة، ونسأل الله تعالى أن يعيننا على طاعته، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

وحقيقة نحن لا نستطيع أن نحكم على هذا الرجل، وأنت أعلم به منا، ولكن نعطي هذه الموجهات لكونك الطرف الذي يتواصل ويريد حكم الله تعالى، ونحن دائماً نبين أن الزواج بثانية أو بثالثة أو برابعة ليس من الجرائم، وليس أمراً مرفوضاً إلا إذا كان في الرجل تقصير في حق الأولى، وفي حق الثانية، وعدم القدرة على العدل في الأمور المادية، فإننا عند ذلك ندعوه إلى الالتزام بما جاء في الشريعة، لكن إذا كان الرجل بإمكانه أن يعول الأسر، وأن يؤدي الواجب الكامل وأن يعدل بين زوجاته فليس في الإسلام ما يمنع من الزواج، كما هو معروف، وأنت معلمة لا نحتاج إلى التفصيل معك في الأمور كثيراً.

أسعدني أنك دخلت حياته بهذه المشاعر النبيلة، كنت تفكرين في مساعدته لإكمال الدراسة على إعانة أنفسكم على النجاحات في المستقبل، وهذه لله الحمد مشاعر نبيلة، أرجو أن تستمري الآن، وأرجو أن تحاولي الآن المعاونة مع بعضكما البعض، وسوف يكون بيتك بيئة جاذبة له، وعليه أن يهتم بأطفاله، هذا يمليه الشرع، وواجب شرعي أن يقوم بدوره تجاه أطفاله، وأنت لا تقصرين، والنجاح لك كمعلمة وكمسلمة يتمثل في النجاح في الحياة الخارجية، رغم أن الحياة في البيت والقيام بحق الزوج والأولاد هو الأصل في حياة المرأة المسلمة، ولا أظن أن النجاح صعب.

استعيني بالله تعالى وحاولي أن تبذلي مجهوداً كبيراً في التوافق مع هذا الرجل، واحمدي الله تعالى على ما رزق من الأطفال، واحمدي الله تعالى على العافية لك ولهم، واسألي الله تبارك وتعالى دائماً التوفيق لك وله وللأطفال، وهذه مشاعر نبيلة، أرجو أن تصل إلى قلبك، لأن هذا كلام معبر عن ما ينبغي أن تكون عليه المسلمة.

أما إذا كان في الرجل تقصير فأيضاً عليك واجب النصح، وعليك أن تجعلي البيت بيئة جاذبة، ولا تلحي عليه، ولا تعاتبيه حتى لا ينفر، فإن كثرة العتاب تجلب النفور وتجلب الابتعاد، وأنت بحاجة إلى قربه إليك أكثر وأكثر حتى يعينك على هذا الواجب في تربية الأطفال الذين نسأل الله تعالى أن يجعلهم قرة عين لكم، وكذلك أيضاً كما قلنا شجعيه على أن يؤدي الحقوق كاملة لكل الزوجات اللائي تزوجهن على كتاب الله وعلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم والمسلمة، وأنت ولله الحمد عاقلة، ولم تفعلي كما تفعله الجاهلات من اشتراط طلاق في وقتها، وهذا أمر لا ترضاه هذه الشريعة، وكل زوجة سيأتيها الرزق الذي قدره الله تعالى لها.

معاونة الزوج على العدل والتفاهم معه والتفهم لوضعه أكبر ما يعينكم جميعاً على النجاح، فأرعي شعار أن تربحوا جميعاً وأن يحقق هذا الرجل الوفاق في حياته، ومع أهله ومع زوجاته، ولتنالي الأجر وتفوزي بالثواب العظيم عند الله تعالى، واعلمي أن القلق والانزعاج لهذا الذي حصل لا ينفعك بل قد يضرك في صحتك، وأنت بحاجة إلى الهدوء وبحاجة إلى أن تتفهمي هذه الأمور، بأبعادها الشرعية، واعلمي أن الله تعالى إذا أراد أمراً كان فسبحان من أمره بين الكاف والنون، وسبحان من لا يسأل عن ما يفعل وهم يسألون.

المؤمنة ترضى بقضاء الله وقدره، وتجتهد في بر زوجها، وأنت ولله حمد معلمة ومؤهلة للقيام بهذا الدور، وأرجو أن تكوني نموذجاً للآخرين، ونسأل الله أن يقدر لك وله الخير، وأن يعينه على أداء هذا الواجب الذي يسأل عنه بين يدي الله تبارك وتعالى اتجاه أهله وأولاه.

نسأل الله لكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً