الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي مترددة في الزواج، فكيف أقنعها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته.

جزاكم الله خير على النصح الحكيم، أحب أن أستشيركم في مشكلة لأختي التي تصغرني بعشر سنوات وعمرها الآن 25 سنة، لتتضح القصة عندك يجب أن أخبرك قصتي باختصار، بالرغم من رغبتي فيه تزوجت أنا بابن عمي بعد تردد وعدم الراحة بالاستخارة وضغط من الوالد، وبما أن عائلتنا تحمل جين الأنيميا المنجلية اكتشفت أني حامل لهذا الجين، أما زوجي فكانت نتيجته سليمة بعد الزواج، وبعد أن حملت راودني الشك في نتيجة زوجي وكانت المفاجئة أنه أيضا حامل لهذا الجين.

لم نخبر أحدا بالموضوع وقررت إسقاط الجنين إذا كان مصابا وبعد الفحوصات تبين أن الجنين سليم، ولكن ابتلاه الله بعمى الليل الذي قد يتطور إلى العمى، امتنعت عن الحمل لمدة 7 سنوات، ولكن بعدها توكلنا على الله وحملت بطفل غير مصاب، زوجي رجل ملتزم ويخاف الله ويحبني كثيرا، ولست نادمة على الزواج به والحمد لله على كل حال.

تقدم لأختي ابن عمي وكانت متشجعة في بادئ الأمر، لكن بعد الاستخارة لم ترتح وقررت عدم الموافقة، المتقدم سليم من الأنيميا المنجلية وقام بالفحص في مراكز موثوق فيها، هي لديها خوف من زواج الأقارب، وأيضا تعاني من الوسواس القهري ورافضة لعلاج الأدوية.

أبي يرغب في المتقدم ولكن لم يتدخل إطلاقا لأنه لا يريد الضغط عليها، المتقدم معروف بحسن الخلق والدين، هي رافضة لتدخلي أو تدخل أي شخص في الموضوع وتريد أن تقرر لوحدها، علما بأنها تحدثت معه مرة واحدة ولم ترتح، بالرغم من أنها واضحة معي أنها لا تريده، ولم تخبره بذلك وطلبت منه مهلة للتفكير.

مر حوالي شهران على الموضوع، المتقدم استخار ومرتاح للموضوع، فكيف نتعامل معها؟ هل نأخذ بقرارها رغم أنها تعاني من الوسواس وبنتيجة استخارتها؟ أم نقنعها لأن المتقدم ارتاح للاستخارة، ومشهود له بالخلق والدين ومرغوب من والدها؟

وفقكم الله وأعانكم على نصح الناس بالخير.

ملاحظة: المتقدم يكون ابن عم زوجي وليس شقيقه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بالنسبة لفقر الدم المنجلي فإنه كما تعلمين تتم الوراثة فيه بالنمط المنحدر، أي أنه يجب أن يكون هناك مورثة من كلا الوالدين لكي يحصل المرض، إما إن كان هناك مورثة واحدة فلا يحصل المرض، وبالنسبة لك إن كان زوجك لا يحمل المورثة فإن نصف أولادك سيكونون يحملون المورثة والنصف الأخر سليم لا يحمل أي مورثة ولا يكون هناك أي طفل عنده المرض.

وبالنسبة لأختك فإن كانت أختتك سليمة وزوجها سليم فكل الأولاد يكونوا سليمين، أما إن كانت هي حامل للمورثة فالاحتمال أن يكون توزع الأولاد كما هو عندك، أي أنه من الناحية المرضية بالنسبة لهذا المرض فلا يوجد ما يدعو إلى أن ترفضه، أما إن كان رفضها له بعد استخارة الله تعالى وعدم ارتياحها للزواج منه، فهذا أتركه للمستشار الشرعي.

إلى هنا ينتهي جواب الدكتور محمد حمودة، ويليها إجابة الشيخ د. أحمد الفرجابي .
---------------

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.. وبعد:

فإننا نشكر ابنتنا الفاضلة تواصلها مع الموقع، ونشكر لها حرصها على تقديم النصح لشقيقتها الصغرى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمر الجميع، وأن يلهمكم السداد والرشاد، ونبشر الجميع بأن الأطباء الكرام والأخوة الأفاضل في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لشقيقتك الخير وأن يرضيها به، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونحن نريد أيضًا أن نقول بأنه أعجبنا أنكم لم تتدخلوا مع هذه الشقيقة الصغرى وتركتموها تأخذ راحتها، وأسعدني كذلك تفهم مثل علاقتك مع زوجك، ونسأل الله تعالى أن يسعدك، والحقيقة الإنسان لابد في هذه الدنيا أن يدرك المعنى الذي قاله الشاعر: (ما كل ما يتمنى المرء يُدركه)، والإنسان لن يكون سعيدًا إلا إذا رضي بقضاء الله وقدره، وقسمته بين عباده، والزواج من الأقارب مثلما فيه ما يخاف منه الناس أحيانًا إلا أن فيه كذلك فوائد، فهو أكثر شفقة من الغريب، وهو أيضًا له تأثير على العلاقة بين الأهل، وأيضًا سيكون هنالك خير كثيرة ومزيد من الترابط بين الأسرة، طالما وجدت الرغبة ووجد الميل في الارتباط.

أما بالنسبة لحالة شقيقتك فأنت تقولي بأنها غير مرتاحة لهذا الرجل، ونحن سننظر هنا إلى أن عدم الارتياح هذا هل له أسباب معينة؟ هل لها رأي في شكله؟ لماذا هي غير مرتاحة؟ لأن عدم الارتياح هذا إذا لم يكن له سبب فعليها أن تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتأخذ برأي الأسرة التي ترى هذا الرجل بأخلاقه الفاضلة وصفاته الجميلة، والحمد لله الأطباء أيضًا بينوا سلامة الناحيتين، ناحية أختك وناحية هذا الخاطب، والعافية هي من الله تبارك وتعالى الوهاب سبحانه وتعالى.

فإن كنت قريبة من أختك هذه فينبغي أن تكوني هكذا، عليك أن تحاوريها بهدوء، وتحاولي أن تتعرفي على أسباب نفورها من هذا الرجل، فإن كانت هناك أسباب معروفة فإنا سننظر في الأسباب، هل هي بذلك الحجم؟ هل يمكن إزالة هذه الأسباب؟ هل هذه المخاوف ستؤثر على العلاقة؟ أما إذا لم تكن هناك أسباب وهو رفض لمجرد الرفض وضيق لا تعرف له سبب، فعند ذلك نحن نرجح أن تشجعوها على القبول بهذا الرجل، خاصة وقد ذكرت أن عندها وسواس، وقد لا تعرف مصلحتها فهي صغيرة، ونحن نعتقد أنها أيضًا – والحالة هذه – سيكون الزواج من قريب صاحب الصلة والرحم أفضل، لأنه أصبر على زوجته وأصبر على ما عندها من وسواس، أصبر على ما عندها من معاناة، بخلاف الغريب الذي قد لا يحتمل مثل هذه الأمور.

ومن هنا فنحن ندعوك إلى أن تحاوريها، ثم بناء على النتيجة التي ظهرت لكم بأن تشجعيها على القبول به، فهذا الذي نميل إليه، وأنتم تستطيعون أن تحسنوا صورته، فتذكروا له ما فيه من إيجابيات وما عنده من محاسن، وما أكرمه الله من خلق ودين، ما أكرمه الله تبارك وتعالى به من مؤهلات، إلى غير ذلك من الأمور التي ترغب فيها الفتاة، فإنكم بذلك ستؤثرون عليها بطريق غير مباشر، وإنما عن طريق الثناء على هذا الرجل من ناحية أخلاقه ومن ناحية صفاته ومن ناحية الفرص المتاحة في هذا الزمان لكل فتاة، فالزوج الصالح الآن عملة نادرة جدًّا، والفتاة التي تفوّت الفرص كثيرًا ما تندم لأنها ضيعت تلك الفرص التي تأتيها.

فإذا جاءت الفرص وكان الرجل مناسبًا فمن واجبنا أن نشجع هذه الفتاة على القبول به، وكونها رافضة تدخل أي شخص وتريد أن تقرر وحدها، هذا نحن نهتم به، لكن إذا كان قرارًا صحيحًا، فعلينا على الأقل أن نعطيها المقدمات وأن نعطيها الصورة كاملة، ونجعلها تبصر الطريق من بدايته إلى نهايته، ونبين لها إيجابيات هذا الخاطب، ثم بعد ذلك من حقها أن تتخذ قرارها بعد أن تجد هذه المساعدة وتجد مثل هذه المحاولات.

وعليها أيضًا كما استخار هو أن تكرر الاستخارة، وأن تتوجه إلى الله تبارك وتعالى، وشجعوها على محاورة صديقاتها، وبإمكانكم أيضًا أن تتواصلوا مع أقرب الصديقات لها حتى تعاونها على اتخاذ القرار الصحيح.

فإذن هي أيضًا مطالبة بأن تستخير الله تبارك وتعالى وأن تستشير من حولها ومن حضرها من الفضلاء من محارمها والفاضلات من أخواتها، وعلى الوالدة أيضًا أن يكون لها دور في النصح لهذه الفتاة حتى لا تتخذ قرارًا تندم عليه فيما بعد.

وأيضًا ينبغي أن تصطحب رغبة الوالدين، لأنه دائمًا الوالد والوالدة هما أحرص الناس على مصلحة الفتاة، والوالد من الرجال والرجال أعرف الناس بالرجال، والفتاة التي تقصد بقبولها للزوج رضى الله تبارك وتعالى ما في الزوج من كمالات، ثم ترغب في إرضاء ولديها وفي تلبية رغبة والديها فإن هذا من علامات التوفيق إلى الخير، مثل هذه الزوجة تعان لأن بر الوالدين والاهتمام بوجهة نظرهما من الأمور التي تفتح أبواب الخير على الإنسان رجلاً كان أو امرأة.

فهذا فعل حسن ليكون صاحب دين، صاحب خلق، أن يرضاه الوالد والوالدة، أن ترتاحوا له جميعًا، أن يكون عنده هذا الإصرار وهذه الرغبة وهذا الانتظار، ثم الراحة يجدها بعد أن يستخير الله تبارك وتعالى، هذه الأمور ترجح، وأرجو أن تتواصلي معنا بعد أن تتكلمي بكلام خاص لتتعرفي فعلاً عن أسباب النفور من هذا الشاب من قبل أختك، وعندما سيكون الحل واضحًا بالنسبة لكم، وسنكون سعداء إذا تواصلتم معنا، حتى نساهم في الوصول إلى الحل الصحيح.

ونسأل الله تعالى أن يلهمنا جميعًا إلى السداد والرشاد، وأن يقدم لها الخير حيث كان ويرضيها به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً