الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ندمت على فسخ الخطبة فهل أطلب منه العودة؟

السؤال

منذ فترة تقدم لي شاب بمواصفات تتمناها كل فتاة إلا أنه كان مدخنا, وأخذت رأي الشرع في حكم الارتباط به, وقد وعدني أن يقوم بالإقلاع عن السجائر وأعطيته فرصة, وشرطت عليه ذلك حتى يتم الزواج, ووافق على ذلك, وفى يوم الاتفاق بدأت أشعر بخوف تجاه الموضوع, وعندما أتوا جلست معهم فارتحت بعض الشيء ثم خرجت من الغرفة ليتفق الأهل ثم رجعت إليهم بعد الاتفاق.

عندما دخلت الغرفة لم أطق العريس أو أي شخص معه, وشعرت بخنقة رهيبة وحرارة عالية, وجلست معه بعدها ساعة وكنت مخنوقة منه, إلا أن هذه الخنقة ذهبت بعض الشيء, وفي اليوم الثاني قلق هو مما حدث أمس, وطلب رأيي مرة ثانية فوافقت, وعندما قال لي أن أرتب نفسي لنذهب ونحضر الشبكة عاد الخوف إلي مرة أخرى, لا أعرف لمَ كل هذا, أعتقد أن هذا من الله حتى لا تتم هذه الخطبة, والعجيب في الأمر أني ندمت ندما شديدا علي فسخي للخطبة, ورفضت الكثير من العرسان على أمل أن يعود مرة أخرى.

سؤالي هو: هل ما حدث معي هذا بسبب العين - خاصة وقد عرفت امرأة بالموضوع - ممن يصيبون العين؟ وإن كان ذلك فكيف لي بالعلاج؟ خاصة وأنا أخاف عندما أسمع بأن هناك عريسا جاء لخطبتي؟

السؤال الثاني:

هل إن كان ما حدث معي بسبب العين، فهل ذلك يمنع قضاء الله بأن أتزوج من هذا الشاب (إن كان قد قدره الله لي زوجا)؟

يعنى لو أن الله جعله من نصيبي مهما حدث, وتغير هو من ناحيتي فالله سوف يرجعه لي مرة أخرى, -خاصة وقد شعر بإهانة وأني بعته-, يعني أعتقد أنه لا يفكر في العودة مرة أخرى, لكن لو قدره الله لي زوجا هل يسبب الله الأسباب ليعود مرة أخرى؟

إذا تأكدت من أن ما حدث معي عين هل لي أن أجعل أحدا يحدث هذا الشاب ويخبره بما حدث, أم أنتظر قضاء الله بأنه إن كان من نصيبي فسوف يرجعه لي مرة أخرى؟

مع العلم بأن هذا الشاب لا يعرف أني فسخت الخطبة بسبب هذه الخنقة والخوف الذي شعرت به, وإنما بسبب السجائر.

جزاكم الله خيرا ورزقكم الفردوس الأعلى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبًا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

لا شك أيتها البنت الكريمة أن العين حق كما أخبر عنها النبي - صلى الله عليه وسلم – ولكن من الحق أيضًا أنه لا يقدر أحد أن يضر أحدًا إلا بإذن الله تعالى، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك).

فكوني في أمانٍ وثقة تامة بأنه لن يستطيع أحد أن يصل إليك بضرر إلا بما قدره الله عز وجل عليك، ومقادير الخلق قد قدرها عليهم قبل أن يخلق السموات والأرض، فكل ما هو مقدر سيكون، وهذا النوع من الاعتقاد والثقة بالله تعالى وبحسن تدبيره, يورثك الطمأنينة والراحة والسعادة، وكما قال القائل:

يا نفس ما قد قُضِي فاصبطري *** ولك الأمان من الذي لم يُقدر

وهذا لا يمنع أيتها الأخت الكريمة أن تأخذي بالأسباب في دفع الأذى والشر عنك، فإن كنت تظنين أنك قد أصبت بالعين فلا تتخوفي كثيرًا، وخذي بالرقية الشرعية, وأكثري من دعاء الله تعالى أن يُذهب عنك الشر، وستجدين أثر ذلك بإذنه تعالى، فحاولي أن ترقي نفسك بالفاتحة, وقل هو الله أحد, والمعوذتين، تقرئيها في كفّيك ثم تنفثي – أي تتفلي تفلاً يسيرًا بعد القراءة - وتمسحي بهما سائر جسدك, أو ما تقدرين عليه من جسدك.

وأكثري من دعاء الله تعالى والتزام أذكار الصباح والمساء، والنوم والاستيقاظ، وإذا كنت تقدرين على طلب الاغتسال من هذه المرأة بأن تغسل مواضع الوضوء, وتغسل باطن ثيابها ثم يُصبُّ هذا الماء عليك، فإن فعلت ذلك فحسن، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – به فقال: (وإذا استغسلتم فاغسلوا). وإذا لم تقدري على ذلك فكوني واثقة بحسن تدبير الله تعالى، وأحسني الظن فيه أن يقدر لك الخير حيث كان.

وأما هذا الشاب، فكوني على ثقة بأن ما يقدره الله لك خير مما تختارينه أنت لنفسك، فكم من حالة نحرص نحن فيها على الأشياء، نظن أنها أصبحت لنا فيصرفها الله عز وجل عنا لعلمه سبحانه وتعالى ورحمته، فإن علم أن فيها خلاف ما كنا نظن صرفها عنا سبحانه وتعالى، وقد قال لنا في كتابه: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

فلا تحزني كثيرًا إذا فاتك هذا الشاب، فربما يكون حرصك عليه خلاف المصلحة، ويعلم الله تعالى أن الخير لك في خلافه، فالله عز وجل أرحم بك من نفسك ومن أمك وأبيك، وهو أعلم بمصالحك المستقبلية لأنه يعلم الغيب وأنت لا تعلمين.

ولهذا نحن ننصحك بحسن الثقة في الله تعالى والاعتماد عليه، مع الأخذ بالأسباب المشروعة، فإذا كنت ترغبين في هذا الشاب فلا حرج عليك - بل ينبغي أن تفعلي بالخيار الذي ذكرتُ, وهو أن تخبريه عن طريق بعض المحارم له أو عن طريق الرجال محارمك أنت بأن فسخك للخطوبة كان سببا عارضا لك, وليس بسبب عيب فيه، فإن كان الله عز وجل يريد لك الخير في التزوج به فإنه سيرجع، وإذا لم يقدره الله عز وجل صرفه.

فنصيحتنا لك أن تبادري بقبول من يتقدم لك ممن يُرضى دينه وخلقه، مما يناسبك ويكافئك، فإن اختيار الله تعالى لك خير من اختيارك لنفسك، واستخيري الله تعالى في أمورك، واسأليه أن يقدر لك الخير، وستجدين الخير بإذن الله تعالى عاجلاً وآجلا.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً