الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تلعثم ونوبة هلع وضعف الثقة بالنفس، ما هذه الحالة وعلاجها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، واحترام لكل العاملين على هذا الموقع.

قصتي بدأت منذ صغري، حيث كنت تقريباً في سن الثامنة، بدأت أتلعثم في الكلام وبشكل شديد، وأعتقد أن السبب كان صراخ أبي الكثير، وعصبيته الشديدة في البيت، ولم يهتم أحد لأمري من حيث علاج هذا الشيء الذي أعجز حتى عن تشخيصه، كان التلعثم شديداً، خاصة عند الحديث مع الأشخاص الذين لا أعرفهم من قبل، أو الحديث أمام جمع من الناس، وكان التلعثم بتكرار الحرف أحياناً، وعدم خروجه في أحيان أخرى.

في سن الخامسة عشر تبرعت جارة لنا كانت تدرس السمع والنطق في إحدى الجامعات بعلاجي، حيث جعلتني الحالة التي تدرسها من أجل التخرج، وقامت مشكورة بمساعدتي كثيراً من خلال التدريب على مخارج الحروف وتدريبات الاسترخاء وكل ذلك، تحسنت حالتي كثيراً، لكن التلعثم موجود بنسبة 15% من الكلام تقريباً.

بعد أن تخرجت من الجامعة ودخلت سوق العمل تطورت الحالة بشكل غريب، وأعتقد أن السبب هو بعض المشاكل الاجتماعية ومشاكل الحياة، حيث أصبحت الحالة على النحو التالي:

1- اضطراب حاد جداً في ضربات القلب، واختناق النفس عند البدء بالحديث أمام جمع من الناس، حيث ينشغل الفكر بأنني سوف أتلعثم بالحديث، وسوف يضحك الناس على ذلك كثيراً.

2- تلعثم عندما تشتد الخلافات والمشاكل الاجتماعية.

3- الضعف الملحوظ لثقتي بنفسي.

أرجو تشخيص حالتي جيداً، وإعطائي العلاج المناسب، وشكراً مقدماً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نبدأ بأن نسأل الله تعالى بأن يشرح لك صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يحل هذه العقدة من لسانك.

مشكلتك بسيطة جدًّا، بدأت معك بشيء من التلعثم المربوط المخاوف منذ فترة الطفولة المتأخرة واليفاعة، وبعد ذلك أصبحت الحالة تحت التحكم الكامل، وذلك من خلال التدريبات العلاجية التي وفرتها لك السيدة الفاضلة المختصة في النطق والسمع.

ما تعاني منه الآن جُله قلق اجتماعي، أو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي، وتكوينه الخارجي أو الإكلينيكي -كما نسميه- وتسارع ضربات القلب، والاختناق في التنفس وشيء من التلعثم، خاصة في بداية الحديث مع الناس، علتك بهذه الصورة ليست صعبة أبدًا، لأن علاج الرهاب الاجتماعي سوف يتأتى عنه علاج الحالة بكاملها.

أول خطوات علاج الرهاب الاجتماعي هو تصحيح المفاهيم، وأقصد بذلك أنك يجب أن لا تعتقد أنك سوف تكون محط السخرية أو الاستهزاء من جانب الآخرين، هذا ليس صحيحًا، وفي الأصل أنت لست أقل من أحد منهم، وإن كان هناك من استهزئ فالذين يستهزئون لا يستحقون الاهتمام أصلاً.

ثانيًا: مشاعر تسارع ضربات القلب وما يصحبها من ضيقة وخوف هي تجربة ذاتية داخلية غير مشاهدة للآخرين أبدًا، وهي ناتجة عن زيادة إفراز مادة تسمى (الأدرينالين) هذه المادة هي التي تحضر الإنسان والجسم وعضلاته من أجل التحفز للدفاع عن أي مهدد آتٍ من خارج، أو الدخول في موقف يتطلب المواجهة.

ثالثًا: وهي مهمة جدًّا، هي أن تحقر فكرة الخوف، وأن تكثر من المواجهات، وهذه المواجهات يمكن أن تكون في الخيال، والمواجهة في الخيال تطبق من خلال أن تصور نفسك أنك أمام مجموعة كبيرة من الناس فيهم بعض الشخصيات الهامة، وطُلب منك أن تقدم عرضًا في موضوع معين قمت باختيار هذا الموضوع، وفي بداية الأمر واجهك شيء من الخوف والرهبة، بعد ذلك زالت هذا الخوف وهذه الرهبة وانتهى الأمر بالثناء عليك من الجميع.

تمرين آخر هو أنك تتصور أنك تصلي بالناس في المسجد أو تخطب فيهم، وتمرين ثالث: تصور مناسبة اجتماعية فيها الكثير من الضيوف، وكانت هذه المناسبة عزومة أو فرح في بيتكم، وكان من الضروري جدًّا أن تقابل الناس، وتحتفي وترحب بهم، هذا كله نسميه بالتعرض في الخيال، والتعرض في الخيال هو تمرين سلوكي جيد جدًّا إذا طبقه الإنسان بشيء من التركيز والاقتناع بجديته وفعاليته.

الجزء الآخر في العلاج هو أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، وأنت لديك خبرة سابقة مما علمته لك السيدة جارتكم فيما مضى، هذا يمكن أن يستفاد منه كثيرًا، ولتجديد معلوماتك حول هذه التمارين أرجو أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية تنفيذ وتطبيق هذه التمارين.

الجزء الأخير في العلاج هو العلاج الدوائي، وأبشرك بأنه توجد أدوية ممتازة جدًّا فعالة جدًّا وسليمة، أفضلها عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) واسمه العلمي هو (باروكستين) وهو متوفر في الأردن، هنالك (زيروكسات CR)، وهنالك (زيروكسات) عادي، يمكنك أن تتناول (الزيروكسات) CR وابدأ بـ 12.5 مليجرام، تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر اجعلها 25 مليجرامًا – أي حبة كاملة من فئة 25 مليجرامًا – وهذه هي الجرعة العلاجية، استمر عليها لمدة خمسة أشهر، ثم خفضها إلى 12.5 مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم 12.5 مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء، ولا شك أنه من الأدوية الفاعلة والسليمة جدًّا، وسوف يفيدك كثيرًا بإذن الله تعالى.

هنالك دواء آخر بسيط نعتبره إضافة جيدة خاصة بالنسبة للذين تزعجهم الأعراض الفسيولوجية مثل تسارع ضربات القلب، هذا الدواء يعرف تجاريًا باسم (إندرال) أرجو أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم اجعلها عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله.

هذه الأدوية سليمة كما أكدت لك سابقًا، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وبتناولها بالصورة التي وصفناها وتطبيق الإرشاد السلوكي إن شاء الله تعالى سوف تجد أن هذا الخوف الاجتماعي قد انتهى تمامًا، وأصبحت أكثر طلاقة وقوة في مخاطبتك للآخرين عند المواجهات، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً