الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي ومعاناته مع الحشيش، كيف نخلصه منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحياتي لكم وللدكتور محمد عبد العليم، وأتمنى أن تكون بصحة وعافية، وأعانك الله على خدمة المسلمين بإذن الله.

دكتور محمد أنا من بلد عربي، ولم نكن نعرف الحشيش أبداً إلا منذ ما يقارب الخمس سنوات، حيث بدأ بالانتشار بين الشباب، ولكن ليس بالشكل الكبير لأنه ممنوع طبعاً، ويعاقب عليه القانون بشكل حازم جداً، ولا أخفيك أنني جربته مرة واحدة فقط، وعندما رأيت الهلوسات التي حصلت لي واحمرار العيون والضحك بلا سبب لم أتناوله أبداً، وهذا منذ بضع سنين.

المشكلة الآن في أخي، والذي للأسف أدمن عليه بطريقة سيئة جداً، منذ أربع سنوات تقريباً، ومع كل محاولات أبي وأمي ومحاولاتنا نحن إخوانه أيضاً لمعرفة من يبيعه ومن أصدقائه، كل ذلك باء بالفشل، لأنه شاب كبير ولم نستطع معرفة من الذي يزوده بالحشيش.

الآن هو غير طبيعي أبداً، وتصرفاته غريبة، وبدأ أمره ينكشف للناس، حيث أنه دائم المزاح، ومعظم كلامه غير لائق أبداً، ولا يبالي لأي شيء، فاضطررنا للذهاب للشرطة للتصرف معه، وتم أخذه إلى المستشفى النفسي بعد اكتشافنا بأنه يسرق من البيت، ومن إخوانه أشياء كالنقود أو الموبايل، لكن الغريب أنه لم يكن يسرق لشراء الحشيش لأنه في تلك الفترة كنا نمنعه من الخروج من البيت، ونحن كنا نؤمن له مستلزماته، لذلك عرفنا أن الحشيش قد فعل ضرراً في دماغه، لذلك أخذناه إلى مستشفى الأمراض العقلية، وفعلاً رأى الدكتور أن الحشيش أثر عليه كثيراً، وبقي في المستشفى أسبوعين ثم بدأت رحلته بتناول الأدوية النفسية، ومنذ أربعة أشهر إلى الآن يبقى نائماً معظم الوقت، ونشعر إلى الآن بأن بعض الأشياء الثمينة تفقد من البيت، ولا نعرف ماذا نفعل أكثر من ذلك.

الرجاء المساعدة، وللأسف لا أعرف أسماء الأدوية التي يتناولها! لأنني مغترب عن أهلي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عصام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نشكرك على اهتمامك بأخيك، ونسأل الله له العافية والشفاء، وكذلك نشكرك على ثقتك في هذا الموقع.

أتفق معك تمامًا أن الحشيش كمؤثر عقلي رئيسي أصبح مشكلة، ومشكلة معقدة وعميقة جدًّا، فانتشاره الآن أصبح معروفًا، وطرق المكافحة وإن كانت قد تطورت لكنها لا تتماشى أبدًا مع أسلوب المهربين والمنتجين والزارعين للحشيش، وبكل أسف أصبح الآن وعلى نطاق العالم يكون إنتاج الحشيش محليًا في تسعين بالمائة من الدول، والذي عقد الأمور أكثر أنه ظهرت الآن أنواع من الحشيش تكون نسبة المادة المخدرة فيه عالية جدًّا، وهذه سببت الآن إشكالية كبيرة جدًّا حتى بالنسبة للباحثين، ففي الآونة الأخيرة لوحظ أن مستوى الأمراض الذهانية التي يكون الحشيش سببًا فيها قد ارتفعت جدًّا خاصة في بلد مثل بريطانيا، وبالتقصي التام عن هذا الوضع اتضح أن أنواع الحشيش المتوفرة، والتي تزرع في بريطانيا مثلاً هي نباتات خاصة تم تطويرها جينيًا ليُصبح مستوى المادة المخدرة عالياً جدًّا، وتوضع في بيوت محمية بكل أسف.

عمومًا هذه المقدمة ضرورية، وذلك لنكون جميعًا ملمين بحجم وخطورة المشكلة التي نواجهها الآن، وأن نكون على درجة عالية من اليقظة كمختصين وغير مختصين حتى عامة الناس.

بالنسبة لأخيك - حفظه الله - : كل المسلك الذي يظهر منه هو مسلك إدماني، تعاطي الحشيش يؤدي إلى اضطرابات سلوكية، يؤدي إلى تدهورات كبيرة في الشخصية، يؤدي إلى تفتت في العلاقات الاجتماعية، تدهور وظيفي كامل، افتقاد الطموح والتخطيط الإيجابي للمستقبل، اضطرابات العلاقات الاجتماعية والأسرية، وهكذا.

إذن هو مدمر بكل المعاني، ومعظم المدمنين يتحصلون على الأموال لتمويل إدمانهم من مصادر غير مشروعة، هنالك من يشارك في تجارات وتوزيع المواد المخدرة، ليس بهدف أن يجني ربحًا ولكن بهدف أن يموّل حاجته، هنالك من يسرق، ودائمًا تكون السرقات من أقرب الأقربين، التحايل كثير جدًّا، ومع احترامي الشديد لشقيقك الصورة ليست مستغربة أبدًا.

الحل والعلاج: تتم مقابلة هذا الوضع بكل وضوح، وكل موضوعية وشفافية، يجب أن يتجنب الجميع النكران على مستوى الأسرة وعلى مستواه الشخصي أيضًا، مهما كان وضعه العقلي أو النفسي يجب أن يواجه، يجب أن يعترف، لأن الاعتراف بالتعاطي هو أول خطوات التعافي، ومن ثم يُذهب به إلى مصحة متخصصة في علاج الإدمان، وبقاء أسبوعين في المستشفى هذا لا يكفي أبدًا، أقل مدة علاجية هي ثلاثة أشهر، ويعرف تمامًا أن التوقف عن الحشيش تتبعه مراحل أخرى أهمها مرحلة التشوق والتعلق، وهذه مرحلة تبدأ دائمًا ثلاثة إلى أربعة أسابيع بعد التوقف من الحشيش، وهنا يحتاج المريض للمساندة، يحتاج للحماية، يحتاج للجلسات العلاجية التأهيلية النفسية المكثفة، الإرشاد الاجتماعي، الإرشاد الديني، كلها تلعب دورًا إيجابيًا، إذا وُفرت بالصورة الصحيحة ومن مختصين محترفين.

هذه هي الخطوة التي يجب أن تتخذ، والأردن عامر بتوفر الخدمات النفسية الراقية، خاصة في علاج وتأهيل المدمنين.

بالنسبة لموضوع اختفاء الأشياء الثمينة من البيت: نحن لا نريد أن نسيء الظن فيه، لكن قطعًا هذا السلوك نشاهده عند المدمنين، فيجب أن يكون هنالك حرص وحذر في حفظ الأشياء الثمينة في المنزل، وحين يكون في المصحة ومركز العلاج التأهيلي هذه فرصة للناس من أجل مواجهته في المستقبل حول مسلكه هذا.

هذا الأخ أيضًا يجب أن ينضم إلى إحدى جمعيات المتعافين، وأعرف أن هنالك جمعيات في الأردن، هنالك جمعيات تسمى بجمعية المدمن المجهول، هذه الجمعيات كونها لمدمنين سابقين لهم برامج، لهم طرق علاجية ممتازة جدًّا، يلتقون ويجتمعون بصفة شبه يومية، يساعدون بعضهم بعضًا، ونتائجها التي تحققها دائمًا رائعة.

هذا هو الذي أنصحك به أيها الفاضل الكريم، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله له الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية King

    الله يجزاكم خير ويشفي كل مريض
    ياليت لو يوضح العنوان لجمعية المتعافين في كل مدينه وشكرآ

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً