الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز لي أن أؤثر على أختي لفسخ الخطبة لأن هناك خاطبًا أفضل ممن خطبها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقدم لأختي وعمرها 19 سنة خاطب, وأنا كنت رافضة له, وأعلنت رفضي للجميع, ولكن أبي وافق.

وقد علمت الآن أن هناك شخصًا آخر كان ينوي أن يتقدم لها, وهو في نظري أفضل بكثير من الأول, وظهرت هناك مشكلة أن الخاطب الأول يريد إتمام الزواج هذه السنة, رغم أن أمي اشترطت عليهم أن لا يتم الزواج إلا بعد سنتين لأن أختي تريد إكمال دراستها؛ فهل يجوز لي التأثير عليها الآن بعد هذه المشكلة لرفض الخاطب الأول؟ علمًا بأنه لا أحد يعلم بالخاطب الثاني غيري, وإحدى أخواتي الكبار.

أنا في حيرة من أمري, وأرى أن الخاطب الثاني أفضل أخلاقًيا وماديًا من الخاطب الأول, وأنا أتمنى الخير لأختي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ قلب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقدر لأختك الخير، وأن يمنّ عليها بزوج صالح طيب مبارك, كما نسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك دائمًا مفتاح خير, مغلاق شر، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – من أنه قد تقدم لأختك خاطب, وهي في التاسعة عشرة من عمرها، وأنت كنت قد رفضته, وأعلنت رفضك للجميع، ولكن والدك – حفظه الله – قد وافق عليه، وبعد أن تمت الخطبة علمت أن هناك شخصًا آخر كان ينوي أن يتقدم إليها، وهو أفضل من ذلك الخاطب بكثير -كما ذكرت- وظهرت هناك مشكلة أن الخاطب الأول يريد إتمام الزواج هذه السنة، رغم أن أمك اشترطت عليهم أن لا يتم الزواج إلا بعد سنتين، حتى يتم إكمال دراسة الأخت, وتسألين: هل يجوز لك التأثير عليها الآن بعد هذه المشكلة لرفض الخاطب الأول؟ وأنت في حيرة من أمرك، حيث إنك ترين أن الخاطب الثاني أفضل أخلاقيًا وماديًا من الخاطب الأول؟

أقول لك -أختي الكريمة الفاضلة-: إنه مما لا شك فيه أن الإسلام وضع أمر زواج المرأة في يد وليِّها لأنه أكثر خبرة, ولأنه أكثر حنكة وتعقلًا، ولأن الرجل عادة ما يتصف في الغالب بالروية والتأني, وعدم العجلة، وأنا لا أعتقد أن والدك – حفظه الله – قد وافق على الخاطب هذا إلا لأنه رأى أنه مناسبًا لابنته، وأنت الآن ترين بأن هناك من هو أفضل منه، وبما أنه لم يتقدم فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه، ولا يبع أحدكم على بيع أخيه) فالأخ لم يتقدم لعله يعلم أن هذه هي السنة، حيث إنه علم أن أختك قد خُطبت فلا ينبغي له أن يتقدم لوالدك لأن هذا لا يجوز شرعًا، ونص العلماء على عدم جواز أن يخطب الرجل على خطبة أخيه.

ولكن بما أنك ترين هذا الأخ الثاني أفضل فمن حقك أن تعرضي الأمر على والدك فقط، أما كونك تؤثرين عليها فهذا ليس من حقك شرعًا؛ لأنك بذلك تُفسدين ولاية والدك عليها, وقد أعطى الرجل كلمة, وإذا كنت جادة الآن وتريدين الحل الصحيح لأختك, وتريدين الخير لها -كما ذكرت- فأتمنى أن تكلمي الوالد في هذا الأمر، إن قبل فبها ونعمت، وإن لم يقبل فقد أديت الذي عليك، وليقدر الله ما يشاء, لأنه -وكما لا يخفى عليك- أن قضية الزواج هذه من الأرزاق التي قدرها الله قبل خلق السموات والأرض، فثقي وتأكدي أن أختك لن تتزوج إلا بمن جعله الله من قسمتها, ومن رزقها, ومن نصيبها, فأنت الآن ترين رؤية خاصة في هذا الخاطب, وترين أن الثاني أفضل منه؛ فمن الممكن أن تكلمي الوالد في ذلك, وأن تقولي له (هناك كذا وكذا) ولكن قضية أن والدتك اشترطت عليه أن لا يتم الزواج إلا بعد سنتين، فهذا ليس دافعًا لكي ترفضينه، أو لكي تؤثري على أختك لترفضه، وإنما هذا الأمر أيضًا يُترك للحوار, ويُترك للنقاش ما بين الوالد والوالدة والطرف الثاني، حيث إن هذا الأمر -كما ذكرت- ليس لك ولا لأختك، وإنما هذا الأمر لولي الأمر، فلعل الوالد يرى أن من الأفضل زواج ابنته وهي في هذا السن، فلا ينبغي لأحد أن يُفسد ذلك، ولعله يرى أن زواج ابنته في هذا السن يعتبر نوعًا من التعجل، فمن حقه أيضًا أن يؤجل، ولكننا نقول كما ذكرت: التأثير على الأخت غير مناسب شرعًا، وإنما الأولى أن تخبري الوالد أو الوالدة بوجهة نظرك، وأن تتركي الأمر لهما، فإن قبلا بكلامك فبها ونعمت، وإن لم يقبلاها فقد أديت الذي عليك، وليقدر الله تبارك وتعالى ما يشاء؛ أما التأثير على أختك فأرى أن ذلك ليس مناسبًا, وليس صوابًا؛ لأن أختك وبما أنها عاطفية, ولعلها تثق بك باعتبار أنك أكبر منها, فقد تقدم كلامك على كلام والدها، وقد يكون كلامك ليس صوابًا من جميع الوجوه، وإنما قد يكون مناسبًا من وجه غير مناسب من وجوه أخرى؛ فأرى إذا كنت جادة – وأنا أعتقد ذلك – بأنك تريدين الخير لأختك أن تتكلمي مع الوالد أو الوالدة، ولا تتكلمي مع أختك بحال, حتى لا تحولي قلبها عن خطيبها الشرعي إلى خاطب قد لا يتقدم لها، فأنت الآن تقولين: علمت أن هناك أخ كان يرغب في التقدم، وفرضًا أنها رفضت هذا الخاطب الذي قد خطبها الآن ثم لم يتقدم الخاطب الثاني لها، فلعله يقول: إنها مادام قد تركها الخاطب الأول فلعل فيها عيبًا، لأنه الآن قد لا يفهم ما تريدين أنت، فهو قد يقول لماذا تركها هذا الأخ؟! من المؤكد أنه ما تركها إلا لعيب فيها، وبالتالي قد لا تجد من يتقدم لها على الأقل خلال هذه الفترة, فأرى أن تتقدمي بكلامك إلى الوالد أو الوالدة، وأن تتركي الأمر لهما ليقررا ما يشاءا حتى لا تفسدي قلب أختك على خطيبها، ولا تكوني سببًا في إفساد علاقة كان من الممكن أن تكون طيبة وموفقة.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم لكل خير، وأن يعيننا وإياكم على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم, هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً