الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تعاني من الوسوسة والتفكير والتخيل...فما تشخيص حالتها وما علاجها؟

السؤال

أنا متزوج منذ سنتين ونصف، وإلى الآن لم يحدث حمل بسبب مشكلة عندي، والحمد لله قمت بعملية الدوالي, ويوجد تحسن، كان يوجد شجار بيني وزوجتي خلال فتره زواجنا دائما بمعدل كبير, قد يصل إلى شجار كل ثلاثة أيام, لمدة تزيد عن السنتين.

زوجتي صيدلانية، ومعي بالغربة بالسعودية, زوجتي تحبني، وهي محجبة، وأنا أحبها، ولكننا دائما نتشاجر، وللأسف أنا غير مواظب على الصلاة دائما.

بعد شجار مع زوجتي ضحكت ضحكة غريبة, وسألتها لماذا تضحكين؟! قالت: لا, كنت أمزح، ثم اعترفت لي مرة وهي منهارة بالدموع أن تفكيرها لم يعد سليما, تقول لي: إنها دائما تعيد الأحاديث التي تدور بيننا في ذهنها, وإذا نسيت شيئا، تتعب جدا، وتسألني عن أشياء تافهة جدا، وتحاول أن تتذكر كل الحديث، وتعيده أكثر من مرة في ذهنها، وأحيانا تشك في أشياء, وهي في نفس الوقت متأكدة منها, هذا كلامها, مثلا: تسألني: هل أنا كنت أكلم نفسي بصوت عال؟ أقول لها: لا, فتقول أنا متأكدة أني ما تكلمت، ولكن شيء داخلي يلح عليه أني تكلمت، وأنا أعرف أني ما تكلمت ومتأكدة، وقالت لي مرة: إنها حلمت أنني أغازل امرأة -ممثلة- ورفضت أن تقول لي اسمها، وأحيانا تقول لي: هل أنا قلت اسمها بصوت عال؟ وتكون خائفه أن تكون نطقت اسمها من غير أن تشعر, وحاولت أن أعرف اسم الممثلة حتى ترتاح, فرفضت نهائيا، ودائما عندها خوف أن تكون ذكرت اسمها بصوت عال؛ لأنها تفكر في اسمها، ودائما تكرر وتتذكر الأحاديث التي كانت تدور بيننا لدرجة التعب الشديد, عندما سافرت إجازة لمصر كان الموضوع مستمرا معها أصبحت تقرأ القرآن كثيرا، وحفظت بعض الآيات من سورة البقرة، والموضوع قل عندها عندما كانت بالإجازة، وأنا قضيت معها الإجازة ثم تركتها؛ لأنها تحضر الماجستير، ولما رجعت عندي السعودية الآن, قالت: المواضيع كلها انتهت، ولكن جاءها شيء غريب في مصر, قبل أن تأتي كانت عند الدكتور جالسة، وبعد أن خرجت شكت أنها دخلت الحمام، ورآها أحد في الحما,م مع أنها متأكدة مائة في المائة أنها لم تدخل الحمام، تعبت من التفكير بأنها دخلت ورآها أحد مع أنها تعرف أنها لم تدخل, لا أعرف لماذا -يا دكتور-؟ هذا كلامها.

قالت لي: إنها في المطار -وأنا آت إليها- شعرت أننا كنا مع بعض, وتحس بي, مع أنها متأكدة أني لست معها، لكنها لا تقدر أن تمنع نفسها من التفكير, وهي تبكي لأنها تفكر بهذا الأسلوب, حاولت أن أقنعها أن تحقر هذا الموضوع, وأخذتها رحلة إلى فندق بالبحر حتى تغير الجو، ولكنها لا تستطيع التوقف، وأحيانا تكون طبيعية جدا وتضحك معي، وتمزح، وأحيانا الموضوع يرجع لها عندما نكون سعداء جدا, ونحب بعضنا جدا.

زواجنا كان سريعا جدا, واشترينا أثاثا غاليا جدا، فلا أدري -يا دكتور- ما الذي تعانيه؟ وما هو الحل؟ آمل الإجابة بالتفصيل يا دكتور عن حالتها.

هذا الموضوع ليس عندها ليلا ونهارا, فمن الممكن أن تكون طبيعية طوال الأسبوع، وتقول لماذا أنا أطرد الأشياء أولا بأول؟ وأحيانا تنهار وتبكي على حالها, مع أني في أوقات كثيرة أخرجها كثيرا، ولا أبخل عليها نهائيا بأي شيء، ولكن مشكلتنا أننا نختلف في أتفه الأسباب، والموضوع يكبر جدا جدا.

آسف للإطالة, مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد السيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نسأل الله تعالى لزوجتك العافية, ولكما التوفيق والسداد.

بالطبع لن يكون من الإنصاف أن أضع تشخيصًا معينًا عن حالة زوجتك، بالرغم من السرد الجميل الذي أوردته حول تصرفاتها، لكن في مثل هذه الحالات إذا لم يتم فحص الشخص, ومناظرته, والجلوس معه, وتحليل أفكاره, لن تكتمل الصورة الإكلينيكية، والمعالِج الذي يضع التشخيصات من طرف واحد ربما يفتقد المهنية والاحترافية. هذا جانب.

الجانب الآخر: لا شك أنني أقدر تمامًا كل كلمة وردت في رسالتك، والذي أنصحك به -أخي الكريم- هو: أن تتوافق مع زوجتك، فقد ذكرت أنه خلال فترة الزواج كانت العلاقات فيما بينكما لا تخلو من توترات، وهذا بالطبع يفقد الأسرة الاستقرار النفسي.

أخي الكريم: أنت تعرف أن الزواج مودة, وسكينة, ورحمة, وعلى الطرفان أن يعملا على هذا النسق؛ من أجل أن تقوى المنظومة الزواجية.

أنا على ثقة تامة أنك حريص على أن تسعد نفسك، وأن تسعد زوجتك، وهذا بالطبع يتأتى من خلال التآزر, والتعاضد, والحب الحقيقي، ولا شك أن حرصك ومواظبتك على الصلاة سوف تفتح لك خيرًا كثيرًا, واستقرارًا عظيمًا في بيتك.

يا حبذا لو تدارست شيئًا من القرآن مرة أو مرتين في الأسبوع, مع زوجتك، هذا فيه خير كثير, ورحمة كبيرة, هذا من جانب.

الجانب الآخر: كما ذكرت لك بالرغم من حرصي الشديد جدًّا على أن لا أعطي تسميات وتشخيصات إكلينيكية، لكن الذي أستطيع أن أقوله في هذه المرحلة أن زوجتك ربما تعاني من شيء من الوساوس. الفكر الوسواسي أحيانًا يستحوذ على الإنسان بهذه الطريقة.

حاولتُ أنا أن أقارن هل هذه الأفكار هي أفكار وسواسية أم هي شيء آخر؟ وأنا ميال كثيرًا إلى أن الذي بها هو انفعالات وسواسية، وليس أكثر من ذلك، وفي مثل هذه الحالات أعتقد أنها إذا قابلت طبيبًا فهذا سوف يكون أمرًا جيدًا.

ربما تجد صعوبة أنت في إقناعها بالذهاب إلى الطبيب، لكن أعتقد أنك بالفطنة والحنكة يمكن أن تقول لها إنك منزعج تمامًا لوضعها, وتريد لها الاستقرار النفسي، يبدو عليها بعض سمات القلق، وهذه الأفكار المتسلطة عليها لابد أن يتم مقابلة أهل الاختصاص من أجل تشخيصها, وإعطائها العلاج السليم.

أعتقد أن هذا هو الأمر المفيد، وأنا من وجهة نظري أن هذه الحالات حالات بسيطة، علاجها ممكن جدًّا، زوجتك -بفضل الله تعالى- تملك المهارات، فهي متخصصة، لديها المقدرات الأكاديمية, والمقدرات المعرفية، وهذه أحد المكونات الأساسية التي تقاوِم أي نوع من العلل النفسية.

مستوى النضوج الاجتماعي, ومستوى التعليم, والتكيف الوجداني دائمًا هي عوامل ضرورية جدًّا في تحديد مآلات ومصير الاضطرابات النفسية أيًّا كان نوعها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً