الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بسرطان المعدة وتعكر المزاج وقلة اللذة بالطاعة... فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من متابعتي للموقع أحببت أستشيركم بوضعي الصحي والنفسي.
أنا -ولله الحمد- رجل متدين ولا أزكي نفسي، ولي في المعاصي الشيء الكثير، أسأل الله أن يغفر لي ولكل مسلم.

عندي من المسئوليات الكثير، أسرتي وعملي ووالدتي وإخوتي وغير ذلك، وعندي من حب الخير والمساعدة والشورى للآخرين الشيء الكثير.

لكني أعاني من عدة أشياء، وهي تعكر المزاج وقلة اللذة بالطاعة والإحساس بها، كأني أؤدي كل عبادة بدون خشوع، تجدني بالصلاة دائما شارد الذهن والتفكير، كثرة القلق، وعندي عصبية سريعة، وعندي دائما إحساس بعدم الاستمتاع بالحياة وبوقتي، علما أن الآخرين يشاهدوني عكس ذلك، يكثر عندي الصداع وألم العضلات والمفاصل، وكتمه على الصدر.

أصبت قبل ست سنوات بسرطان المعدة، وكنت قبلها استخدمت حبوب سايروكسات لمدة سنة ونصف، ومع مرض السرطان فالدكتور الذي صرف لي العلاج ونصحني بالاستمرار عليه، وتركته من حوالي أربع سنوات.

أرجو توجيهي بالعلاج المناسب، علما أن عمري 45 سنة، ومتزوج، وغير مستقر، وأعتقد السبب أنه بحساسيتي الزائدة.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أسأل الله لك الشفاء والعافية من مرض السرطان، فاللهم يا رب الناس، أذهب البأس، اشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقمًا.

إن الأعراض النفسية التي ذكرتها في رسالتك تدل على أنك تعاني من درجة بسيطة إلى متوسطة من الاكتئاب النفسي، والذي أعجبني هو أنك تمتلك إرادة التحسن، وأنك متفائل بخصوص المسئوليات الكثيرة التي ذكرتها، أرجو أن تكون راضيًا بإنجازك في هذا المجال، فالإنسان الذي ينفع الآخرين ويثابر في الاهتمام وخدمة أسرته وأرحامه لا شك أن مثل هذه الأعمال هي من مكارم الأخلاق، وكثير من الناس حُرم منها، فاحسب الأجر، وواظب واجتهد في مساعدة أهلك بقدر ما تستطيع.

بالنسبة لتعكر المزاج وقلة اللذة بالطاعة، أرجو أن لا يلهيك الشيطان أبدًا عن طاعاتك وعباداتك.

الاكتئاب النفسي قد يعطي هذا الشعور، لكن الإنسان حين يجاهد نفسه ويفكر إيجابيًا يستطيع أن يتخلص من هذا النوع من الفكر السلبي الاكتئابي.

أنت رجل تضحيات، وجزاك الله خيرًا، وما ذكرته أنك دائمًا تحس بعدم الاستمتاع بالحياة بالرغم من أن الآخرين يشاهدون غير ذلك، هذه يا أخي نعمة، لأن الاكتئاب يظهر لدى بعض الناس خارجيًا وداخليًا، ولكن أنت نسبة لتوازن شخصيتك ودرجة إيمانك العالي بإذن الله تعالى وحسن تدبيرك للأمور أعتقد أن الاكتئاب الذي تعاني منه هو اكتئاب داخلي مقنع، ويمكن التخلص منه بإذن الله تعالى.

أنا أرى أن الأدوية المضادة للاكتئاب مهمة جدًّا، خاصة في مثل عمرك، لأن عمر خمسة وأربعين سنة هو العمر الحرج بالنسبة للاكتئاب النفسي، وكثير من الناس يصابون بالاكتئاب في هذه المرحلة، ولا يعرفون ولا يتم تشخيصهم بصورة صحيحة.

الآلام الجسدية هي مكون رئيسي جدًّا للاكتئاب النفسي، خاصة في مثل عمرك، وكما ذكرت بكل أسف تجد بعض الناس يتنقلون بين الأطباء لعلاج هذه الآلام دون جدوى، لأن المسبب الرئيسي لها في الأصل هو الاكتئاب.

الزيروكسات دواء جيد وممتاز، لكن أعتقد أن السبرالكس سوف يكون هو الأفضل في حالتك.

جرعة السبرالكس تبدأ بخمسة مليجرام – أي نصف حبة – تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة يوميًا لمدة شهر، ثم ارفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء من الأدوية السليمة ومن الأدوية الفاعلة جدًّا، وأسأل الله تعالى أن يجعل لك فيه خيرًا كثيرًا.

أخي الكريم: كن فعالاً، ولا تكن حساسًا، فأنت لديك الكثير من الخير ومن النعم، وإن شاء الله تعالى أمورك كلها تسير من خير إلى خير.

أرجو أن تبحث عن عوامل الاستقرار الأسري، الرأفة والرحمة بالزوجة دائمًا تدعم وتؤطر العلاقات الزوجية، ولا شك أنك متفهم وقادر على ذلك إن شاء الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً