الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع التركيز في شيء واحد، فكيف أتخلص من هذا التشتت؟

السؤال

أعاني من مشكلة، لا أستطيع التركيز بعمل واحد فقط، بشكل خارج عن إرادتي، فعند الأكل لا أستطيع الجلوس فقط والأكل، لأن هذا يشعرني بالملل الشديد، بل لابد أن آكل أمام تلفاز أو أقرأ كتاباً، أو أعمل أي شيء أثناء الأكل، لدرجة أني أهتم بالشيء الذي أعمله وأنسى الأكل بأكمله رغم جوعي، وإذا أكلت آكل بصعوبة لشدة تركيزي على ما يشغلني.

وأيضاً عندما أجلس أمام الكمبيوتر تصبح يدي عليه واليد الأخرى بشيء آخر، حتى عند قراءة كتاب لا أستطيع التركيز على القراءة فقط، بل أفكار كثيرة تهاجمني مع القراءة رغم تفاهتها.

أجاهد على أن أنتبه للمحاضرة بشكل جيد، وأن لا أذهب بالأفكار بعيداً، ولكن لا أستطيع ذلك، ولو لدقائق، وعند دراسة دروسي لا أستطيع أن أدرس مادة واحدة فيأتيني الملل، بل أتنقل بين الكتب، وهذا يسبب لي التشتت.

من سابع المستحيلات أن يصبح موعد نومي منتظماً لمدة (3) أيام، بل ينقلب رأساً على عقب كل يومين، وأثر ذلك كثيراً على علاقاتي الاجتماعية.

أيضاً تأتيني فترات أشعر فيها بالتعب، لدرجة أني أنام لأكثر من (15) ساعة، بالرغم أنه ليس هناك ما يتعبني! واليوم الآخر لا أنام لأكثر من يوم! وتأتيني فترات أيضاً أشعر فيها بطاقة رهيبة، ولكن بعدها بفترة قصيرة يأتيني خمول وكسل ونوم بأي وقت.

هل ما يحصل معي شيء طبيعي؟ وماذا يجب علي أن أفعل لكي أحسن وضعي وهذا التشتت؟ واعذروني على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مـيس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن السمة والصفة الرئيسية لشكواك هي التشتت الذهني وعدم التركيز على فكرة واحدة، أو فعل واحد في نفس اللحظة، وهذا مرتبط بالقلق النفسي لدى الكثير من الناس، خاصة في مرحلة اليفاعة والشباب، وهذا يتم علاجه من خلال استشعار أهمية ما يقوم به الإنسان، مثلاً موضوع الطعام: موضوع الطعام يُحسم بأن تخصصي مكانًا للطعام، يجب أن يوضع الطعام على طاولة الطعام، وتبدئي باسم الله، تطبقي ما هو في السنة، وأن يكون هنالك تركيز كامل حول هذا الأمر، وحين تأتيك أفكار أخرى لتصرفي انتباهك ما عليك إلا أن تقومي بما نسميه بمهارات (صرف الانتباه) وهذه نعني بها: أن تقولي لنفسك (لن أركز أبدًا إلا على الطعام) وتأملي في مكونات الطعام، وكيف يُهضم الطعام، استرسلي في هذا الفكر المتعلق بالطعام، وهذا سيجعلك أكثر تركيزًا عليه، وبعد أن تنتهي من الأكل احمدي الله تعالى.

إذن هي عملية متكاملة، إذا عاش معها الإنسان سوف يقوم بإجادتها، وهكذا بالنسبة للدروس مثلاً: أن تضعي الكتب في مكان معين، تبدئي باسم الله الرحمن الرحيم، وتأخذي نفسًا عميقًا عند بداية المذاكرة، وقولي لنفسك (لن أفكر في أي شيء آخر، سوف أؤجل التفكير في أي أمر آخر في هذا الوقت، ساعة كاملة سوف أكون منقطعة فيها لدراستي) وهكذا.

إذن استشعار الأهمية وأن تعيشي مع الحدث بتفكير عميق، هذا هو الذي يحسن التركيز عند الناس.

يجب أيضًا أن تطبقي تمارين الاسترخاء، هي جيدة ومفيدة جدًّا، وهذه التمارين متشعبة ومتعددة، وللتدرب عليها يمكنك أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي تساعدك على تطبيق هذه التمارين، قومي أيضًا ببعض التمارين الرياضية التي تناسب الفتاة المسلمة، والقراءة ببطء وتركيز - خاصة قراءة القرآن الكريم - ستحسن من التركيز كثيرًا، ولابد أيضًا أن تكوني بارعة في توزيع الوقت.

النوم المضطرب سببه عدم تحديد وقت معين للنوم، النوم الليلي هو الأفضل، اذهبي إلى الفراش في وقت معلوم، مثلاً الساعة التاسعة أو العاشرة، حضّري نفسك ذهنيًا وجسديًا للنوم، ولابد أن يكون محيطك هادئاً جدًّا، اقرئي أذكار النوم بتمعن، وعلى ضوء ذلك سوف تنتظم الساعة البيولوجية لديك. حتّمي أن تقومي وتستيقظي في الصباح في وقت معين (صلاة الفجر سوف أستيقظ لها) حدّدي هذه المعالم الزمنية في حياتك - وإن شاء الله تعالى - سوف تجدين أن أمورك قد انتظمت جدًّا.

بالنسبة لحالات النشاط الزائد التي تأتيك، هذه تجعلنا نقول لك: هذه الحالات تتطلب أن نراقبها بعض الشيء، ففي بعض الأحيان الإنسان قد يكون لديه تقلب في المزاج، نوبات اكتئابية بسيطة تعقبها نوبات انشراح، أنا لا أقول أنك تعانين من اضطراب وجداني ثنائي القطبية، لكن دعينا نراقب هذا الأمر، إن استمر معك لفترة أطول فأنصحك في هذه الحالة أن تقابلي الطبيب النفسي، وهذا أفيد وأفضل لك كثيرًا.

على الجانب الاجتماعي: لابد أن تتواصلي مع صديقاتك، لابد أن ترفهي عن نفسك بما هو مباح وطيب، تواصلي مع أهلك وذويك، شاركِي في الأنشطة المنزلية، هذا كله يحسّن من الدافعية والتركيز لديك، ولا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول علاج التشتت وعدم التركيز سلوكياً: (226145 - 264551 - 2113978).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا ا

    والله كنت ابحث علس هذاء الجواب جزاك الله خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً