الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والوسواس ولدي صعوبة في النوم، فما علاج كل ذلك؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا شاب أعاني من الوسواس القهري في الأفكار منذ ما يقارب 10 سنوات، وكنت في هذه الفترة أمتنع عن الذهاب للطبيب النفسي، ولكن في صغري مررت بحالة اكتئاب، وذهبت لطبيب نفسي، ثم شفيت بحمد الله من الاكتئاب، ولكن بعدها بسنين أتتني حالة وسواس أفكار إلى أن تطور الوضع وأصبح هذا الوسواس متركزاً على فكرة القولون العصبي، وهي عندما أكون في الجامعة، أو في مناسبة عائلية أشعر أن القولون سوف يهيج عليّ، مع أنني ذهبت -أكرمكم الله للحمام - وأفرغت ما في الأمعاء، ولكن تأتني تقلصات شديدة بعد ذلك عندما أعود مثلاً للقاعة أو الجلوس مع الناس في المناسبة.

وقبل تقريباً 10 أشهر ذهبت لطبيب نفسي، وقال لي إنك تعاني من وسواس قهري هو الذي يجعل القولون العصبي يضطرب عندك، ووصف لي دواء انفرانيل 10 ملغم، فتحسنت حالتي بنسبة كبيرة وخصوصاً مسألة القولون، وكذلك القلق الذي يصاحبه عندما أذهب للجامعة، وأنا بعد هذا التحسن تركت الذهاب للطبيب، مع أنه قال لي راجعني بعد 15 يوما، ولكنني انشغلت، ولم أذهب واستمريت على العلاج حتى فترة 5 أشهر، ومن ثم زدت جرعة الانفرانيل إلى 25 بدون استشارة للطبيب، وأصبحت آخذها فقط فترة المساء حبة واحدة.

ولكن في رمضان الفائت هذا العام انقطعت 3 أيام عن العلاج وأتتني حالة جداً صعبة: إجهاد ، صداع ، رغبة قوية في النوم، غثيان، أحسست بأنني سوف أموت من شدة الألم، ومن ثم أخذت حبة من الأنفرانيل 25 ثم رجعت حالتي إلى الطبيعية، وبعدها رجعت إلى 10 ملغم، وقلت يمكن تكون أخف عليّ ، وأنا الآن عليها منذ تقريبا شهر، ولكن منذ 3 أيام فقط أصبح لدي صعوبة في النوم، وعدم النوم العميق، تقريبا أنام 3 ساعات من الليل، وأشعر بعدم أخذ القسط الكافي من النوم، وكذلك عدم تركيز، وعندما أذهب للفراش لا يأتني النوم مع أنني أريده لأخفف عني الإجهاد من عدم الراحة بسبب النوم القليل.

فبماذا تنصحونني -بارك الله فيكم-؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن الوصف الذي ورد في رسالتك لا أعتقد أنك تعاني من وسواس قهري حقيقي، الذي تعاني منه هو سمات وسواسية بسيطة مصحوبة بقلق نفسي، وربما تكون أيضًا عانيت من بعض الاكتئاب النفسي فيما مضى.

والقلق والوساوس والاكتئاب البسيط كثيرًا ما تكون متداخلة، بمعنى أن هذه الأعراض قد تأتي مجتمعة لدى الإنسان لكنها ليست بالحدة والشدة التي نستطيع أن نقول أن هذا الإنسان يعاني من وسواس قهري فقط، أو قلق فقط أو اكتئاب نفسي فقط، الذي يقال هو القلق الوسواسي الاكتئابي البسيط، وهذا بالطبع أقل كثيرًا وأخف كثيرًا من الاكتئاب النفسي الحقيقي.

أعتقد أن توضيح هذه النقطة مهمة بالنسبة لك، حتى لا تنزعج لهذه المسميات.

الدليل القاطع على خفة وبساطة حالتك هي أنك تستجيب لجرعة بسيطة جدًّا من الأنفرانيل، ومرضى الوساوس القهرية الحقيقيين لا يستجيبون للأنفرانيل إلا إذا كانت الجرعة مائة إلى مائة وخمسين مليجرامًا في اليوم.

أما مرضى القلق فهم يستجيبون لجرعة خمسة وعشرين إلى خمسين مليجرامًا في اليوم، فأعتقد أن حالتك قلقية في المقام الأول.

هذه أيضًا بشارة جيدة، وددت أن أزفها وأسوقها إليك.

إذن: بعد ذلك نفكر في الخطوات العلاجية الأخرى التي تفيدك، عمومًا أنا أريدك أن تستمر على الأنفرانيل، وهذه الجرعة جرعة بسيطة جدًّا يجب أن لا تقل عن خمسة وعشرين مليجرامًا في اليوم، فاستمر على هذه الجرعة لمدة تسعة أشهر، تناولها ليلاً، بعد ذلك -إن شاء الله تعالى- ننظر في أن نخفضها إلى عشرة مليجرام -أي مدة أقل من تسعة أشهر لن تكون مفيدة-.

وبجانب الأنفرانيل هنالك دواء آخر يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل) ويعرف علميًا باسم (سلبرايد) هذا دواء مفيد جدًّا في الأعراض النفسوجسدية المتعلقة بالجهاز الهضمي، وأقصد بالنفسوجسدية أن الإنسان يحس بأعراض جسدية مثل ما يحدث لك في القولون، لكن الأصل في هذه الأعراض أو المسبب الرئيسي هو الجانب النفسي، وفي حالتك هو القلق.

إذن: المسمى نفسوجسدية أعتقد أنه مسمى جيد وصائب جدًّا.

الدوجماتيل متميز في علاج هذه الحالات كعلاج مساعد للأنفرانيل، تناوله بجرعة كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

قوة الكبسولة من السلبرايد هي خمسون مليجرامًا كما ذكرنا، وهو دواء مفيد جدًّا، ولا يتطلب أي وصفة طبية.

الجوانب العلاجية الأخرى تتمثل في أن تحقر فكرة القلق وفكرة الوسواس، وأن تبني على ما هو إيجابي في حياتك، ولا شك أن حياتك فيها الكثير من الأشياء الطيبة، لكن القلق والتوتر والاكتئاب حتى وإن كان بسيطًا كثيرًا ما ينسينا هذه الإيجابيات، فأرجو أن تركز على هذه الإيجابيات وتحاول أن تنميها وأن تدعمها.

أريدك أيضًا أن تكثر من ممارسة الرياضة، الرياضة ممتازة جدًا في الأعراض النفسوجسدية خاصة المتعلقة بالجهاز الهضمي.

ركز على دراستك وكن من المتميزين، وتواصل اجتماعيًا على النطاق الأسري وكذلك مع الأصدقاء.

أعتقد أن هذا هو كل الذي تحتاجه، وإن شاء الله تعالى سوف تزول الأعراض، وسوف يتحسن النوم لديك، وأعتقد أن حالتك بسيطة جدًّا، لكن يجب أن تعالج على الأسس العلمية التي ذكرتها لك، فهذا أفضل، وإن شاء الله تعالى تجد أن معدل الصحة النفسية لديك قد ارتفع تمامًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً