الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الشك والنرجسية وأشعر بالعدائية تجاه الجميع، فماذا أفعل؟

السؤال

مشكلتي أني أعاني من الشك في كل شيء، حتى لو كنت متأكدا أنه حقيقي، ولا أستطيع أن أعيش حياة طبيعية بسبب ذلك، أشك في الأشخاص، أشك في التفكير، لدرجة أني أشك في نفسي، كذلك أعاني من نرجسية كبيرة جدا، ولا أقبل نصيحة أحد، وأحب أن أكون أنا المركز، وما حولي الأطراف، وأنا لا أحتمل أحدا أبدا، وأشعر بالعدائية تجاه الجميع، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فأنا أقدر تمامًا تقييمك لذاتك، لكن كثيرًا من الأخوة والأخوات تقييماتهم لذواتهم قد لا تكون دقيقة، وهذا من طبيعة البشر؛ ولذا ننصح أن تكون مثل هذه التقييمات والتشخيصات من خلال المختصين، فأنا أنصحك أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي والذي بدوره سوف يقوم بمناظرتك ومعاينتك، ومن ثم يحولك إلى الأخصائي النفسي، والذي سوف يقوم بإجراء اختبارات الشخصية بالنسبة لك، هذه هي الطريقة الصحيحة لأن نصل إلى تشخيص حول شخصيتك.

الانطباع الذي استخلصته من رسالتك أنك تعاني مما يعرف بالشخصية الظنانية الوسواسية النرجسية، وهذه مسميات تمثل عثرة في التفكير لدى الكثير من الناس، وأنا أعتقد أنها أمور نسبية يجب أن يتجاوزها الإنسان في تفكيره، البشر خُلقوا على سمات وسجيات مختلفة، لا يوجد تطابق بين شخصين، كل إنسان له طريقة تفكيره، سماته التي يحملها في شخصيته، له منظومته الوجدانية، له منظومته القيمية.

فيا أخي الكريم: أنا أريد أن يتم فعلاً تقييمك بواسطة المهنيين المحترفين، والسبب في ذلك لأني لا أريدك أن تقلل من شأنك، لا أريدك أن تحقر ذاتك، لا أريدك أن تنعت ذات بنعوت قد تكون سببًا في وصمة اجتماعية وإدانة اجتماعية بالنسبة لك، هذا مهم جدّا.

وإذا اتضح أنه لديك فعلاً شيء من الظنان وشيء من الشكوك وسوء التأويل هذا يعالج، هنالك أدوية ممتازة جدًّا لعلاج الشكوك حتى على مستوى اضطراب الشخصية الظنانية تعطى لها أدوية، وبعد ذلك توجد العلاجات السلوكية التي تقوم على مبدأ أن أحسن الظن، وهذا يتم من خلال أن تكون رفقتي من الطيبين الصالحين، أن يحرص الإنسان على الصلاة في المسجد مع الجماعة، أن تحضر الدروس العلمية، أن تكون مواظبًا على حلقات القرآن، أن تنخرط في العمل الاجتماعي والعمل الخيري، والنشاطات الثقافية، هذا كله يبني لدى الإنسان الإيثار والتسامح، وهذا حقًّا علاج فعال ضد الشك.

والإنسان يجب أن يدعو لنفسه ويجب أن يكون حريصًا على الأذكار، هذه الأذكار تحفظ الإنسان، تحفظه في روحه وفي جسده وفي تفكيره.. هذه كلها إن شاء الله وسائل علاجية.

بالنسبة لموضوع النرجسية وحب الذات، فكل الناس يحبون أنفسهم وذواتهم، لكن يجب أن تكون هنالك معقولية، وما ذكرته لك من تغيير في نمط الحياة والانخراط في الأعمال والأنشطة التطوعية وما شابه ذلك هذا يعلم الإنسان أيضًا أن يقلل من انكبابه على ذاته وحبها بصورة مرضية، لك في قول النبي صلى الله عليه وسلم أسوة، حيث قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وهذا يستدعي منك أن تقوي إيمانك بالله تعالى، وهذا يجعله يفكر من مبدأ أن يأخذ وأن يعطي.

لا تنزعج للأمر، لكن يجب أن تذهب إلى أهل الاختصاص لتأكيد التشخيص أو لنفيه، ووسائل العلاج كثيرة جدًّا.

أريدك كنصيحة أخيرة أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، أنت في بدايات الشباب، هنالك أمامك الكثير الذي يمكنك أن تقوم به، عليك أن تدير وقتك بصورة فعالة وصحيحة وإيجابية، هذا يعطيك الشعور بالثقة في نفسك، أكثر من القراءات والاطلاعات المفيدة، زر أرحامك، كن بارًا بوالديك... هذه قيم إنسانية عظيمة تهذّبها وتطهرها سلوكيًا وتعطيك إن شاء الله تعالى الشعور بالرضى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً