الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحلم منذ سنوات بشريكة حياتي، فما هي مواصفات اختيار الزوجة؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 24 عاماً، منذ خمس سنوات أحببت فتاة من نسج خيالي، ثم اخترت اسماً لها ووقع في قلبي حبها حباً شديداً، ورأيتها في منامي مرتين ولكني لم أحدد صورتها، في إحدى المرتين رأيتها وكأني خطيبها في بيت أبيها، وتقاسمنا معاً بعض التمرات، وطوال هذه الخمس سنوات كنت كلما أتذكرها عند ثورة شهوتي الجنسية أتوب سريعاً إلى الله – عز وجل - طمعاً في فضل الله أن أرها في واقعي وأتزوجها, والآن أنا أَريد أن أتزوج, فهل أنتظر حتى يريني الله إياها أم أبحث عن فتاة ذات دين فأتزوجها؟ علما بأن شهوتي الجنسية شديدة وأُريد أن أتعفف؟

أفيدوني يرحمكم الله، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن عيش الإنسان نوعًا من الخيال الافتراضي الذي ليس بعيدًا عن الواقع هذا معروف في التفكير الإنساني، وهذه الصورة التي وضعتها لهذه الفتاة لابد أن تكون هي الصورة المثالية من وجهة نظرك، والتفكير في ذاك الوقت – أي حين كان عمرك في التاسعة عشر – هو أمر يحدث في حياة الكثير من الشباب، أحلام اليقظة قد تأخذ عدة مناح، هناك المنحى العاطفي الوجداني الجنسي، وهنالك الآمال المستقبلية حول الوظيفة، هنالك من يرى نفسه رياضيًا بارعًا، أو عالمًا مفوهًا.

فهذه أجزاء من التفكير الإنساني، لكن في حالتك يظهر أن الأمر كان مطبقًا، بمعنى أن فترة الخمس سنوات هي فترة طويلة، أن تفترض فتاة بسمات معينة وصفات معينة دون أن يلامس تفكيرك الواقع، هذا بالطبع إسراف بعض الشيء في الاسترسال والخيال، لكن لا أقول لك أن هذه حالة مرضية، هذه تحدث في مجتمعاتنا بكل أسف، لأن المرأة الآن - مع احترامنا الشديد لها – قد أصبحت - لا أقول كل النساء – تميل للاختلاط، وهنالك الإغواء، وهنالك الإغراء الذي يحدث للشباب، ولاشك أن الإنسان مجموعة مشاعر ولا نستطيع أن ننكر ذلك، وهذه الشهوات قد تنطلق بصورة مزعجة للإنسان، لكن الشخص المؤمن المسلم الذي يتقي ربه يحفظه الله تعالى، وذلك من خلال الدفاعات المضادة والأمور التي تعصمه من الوقوع في المحارم، وبفضل الله تعالى كان هذا هو نهجك، وأنا حقيقة أهنئك على مستوى وعيك وإدراكك للحلال والحرام، بالرغم من سيطرة هذه الأفكار وما وصفته من شهوة جنسية شديدة.

في موضوع الشهوة الجنسية، أنا أقول لك أن الكثير من الشباب يعتقد أن شهوته أكثر من الآخرين، دون أن تكون هنالك تجربة حقيقية للمقارنة، هذه المرحلة في حياة الكثير من الشباب خاصة الذين يسترسلون في أحلام اليقظة يخيل لهم أن شهواتهم الجنسية شديدة جدًّا ولا يمكن أن تكون تحت السيطرة، وأنا أقول لك إن شهوتك الجنسية أمر غريزي، وهي مثل كل الشباب أو معظم الشباب، والحمد لله أنت ما دمت وضعت الضوابط الشرعية أمامك فلا خوف عليك - إن شاء الله تعالى - وأنا أدعوك لأن تدخل في مشروع الزواج، وأن تبحث عن الفتاة ذات الدين وذات الأخلاق وذات الجمال النسبي، هذا كله من حقك، وعليك دائمًا أن تسأل الله تعالى أن يرزقك المرأة الصالحة، وحين تفكر في فتاة ما - لا أقصد فتاة في الخيال، إنما فتاة في الواقع – عليك بالاستخارة في أمرها، فإن كان في الأمر خيرًا فسوف يكتب ويقدر لك الله تعالى الزواج منها.

بالنسبة لأحلام اليقظة السابقة، هذه اجعلها في خزينة النسيان، قل إنها كانت مرحلة في حياتك يمر بها الكثير من الناس، لكن الآن يجب أن أنقل نفسي من التفكير الخيالي والافتراضي إلى التفكير الواقعي، ويجب أن لا تكون متشددًا أو صارمًا مع نفسك في اختيارك للزوجة، فإنك لن تجد امرأة كاملة، والأمور كلها نسبية، فإن تميزت المرأة بصفة ما قد تنقصها صفات أخرى، لكن دائمًا اجعل الدين وحسن الخلق من أسبقيات شروط الاختيار.

أرجو أن توجه طاقاتك بصفة عامة إلى أمور تخفف من هذه الشهوات الجنسية إلى أن يرزقك الله الزوجة الصالحة، فعليك أن تمارس الرياضة، ونحن الآن مقدمون على شهر رمضان، والصيام لا شك أنه مفيد كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فالصيام وقاية وحصن حصين للشباب من الوقوع في المعاصي بإذن الله تعالى، وطور نفسك مهنيًا، وانخرط في أي عمل خيري، وهذا إن شاء الله تعالى يجعلك متعففًا، ويساعدك كثيرًا في التحكم في الشهوات، قال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم}.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول كيفية معالجة زيادة الشهوة سلوكيا 268344 - 278337 - 276370 .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً