الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفترض أمورا مستقبلية وأخاف منها... فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

من أين أبدأ؟ صراحة لا أدري؛ فأنا بنت عمري 25 سنة, من أيام الثانوية تقريبا, أي من 10 سنوات, تعرضت فجأة لقلق وخوف ووسواس, تناولت حبوب (سيروكسات), وبعد سنة تقريبا استقرت حالتي, لكنه كان لا بد من بعض المنغصات.

وللتخلص من حبوب (السيروكسات) تناولت (البروزاك), وقبل سنة تقريباً تركت العلاج تدريجياً, كنت سليمة بنسبة كبيرة, لكني إذا سافرت أخاف, ولا أدري السبب, الخوف من فكرة أنه من الممكن أن أتعب, من الممكن أن تأتيني حالة خوف قوية, من الممكن, من الممكن, أترقب إلى وقت رجوعي للبيت.

قبل خمسة أشهر انتكست حالتي, أي بعد 8 أشهر تقريبا لتركي (البروزاك), ولا تسلني عن ما أحس به الآن: خوف شديد, أفكار غريبة, أسأل نفسي من أنا؟ وماذا كنت قبل؟ وما هي إنجازاتي؟ كيف ينظر لي الناس؟ رافضة رفضا شبه نهائي الزواج, أنا أتزوج! كيف؟ ماذا سأعمل؟ كيف سأسافر لقضاء شهر العسل؟ لا أتخيل نفسي بعد خمس سنوات مثلاً, أحس أني لا أصلح لشيء, أتمنى أن تنتهي بي الحياة, ولا أضطر لخوض استحقاقات لا أقدر عليها, أنا أصير أما! يا رب, أسأل أختي تتخيلين أن أتزوج؟ أحس أنهم لا يرونني أصلح لهذا الشيء.

أخاف من فكرة الزواج جدا, أنا موظفة من سنتين, مع هذا التعب صرت أفكر أأنا موظفة؟ أحس بأي لحظة بترك الوظيفة, هل يعقل أني موظفة؟

أحس أن السعادة صعبة, أريد أن تقوم القيامة, وننتهي من هذه الحياة، أحيانا أستيقظ من النوم بخوف ورعشة تستمر فترة وتنتهي, وأرجع للنوم.

هذه الفترة أفكر كثيرا ماذا سأعمل لو خطبت؟ وكيف سأتحمل فترة الخطوبة؟ عندي قناعه أني سأتعب كثيرا, وسأفضح أهلي, ومن الممكن أن يأتيني صرع و..., مع أني لا أعاني من الصرع، لكني دائما أحس بهذا الإحساس, كيف سأتحمل ليلة الزواج؟ كيف سأتصرف مع زوجي؟ المشكلة أني لا أقدر أن أرفض الزواج لأن عمري صار 25 سنة, والاستحقاق لابد أن يتم.

عندما انتكست حالتي رجعت للدكتور, ووصف لي (السيبراليكس), واستمريت شهرين على نصف حبة, لكن الحالة تسوء, وقال لي الدكتور العلاج لم يناسبك, ونصحني بـ(السيروكسات) لكني رفضته, لأن تركه صعب, وأخيرا استقرينا على (البروزاك), حبة الظهر, مع حبتين (دقماتيل) واحدة الظهر, وواحدة قبل النوم.

أريد أن أعرف ما هي حالتي؟ ماذا تسمى بالضبط؟ وهل البروزاك يصلح في فترة الحمل؟ أفكر بالمستقبل, وهل البروزاك أساسا يعالج الذي أحس به؟ لأني جربت (السبرالكس) ولم ينفع, ولا أتمنى أبدا أن أرجع لـ(لسيروكسات).

جزاكم الله خيرا, أرجو المعذرة فكلامي غير مرتب, لكني أرجو أن تعطوني من وقتكم قليلا, فرج الله همكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ابتلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فرسالتك طيبة جدًّا, وكلامك مرتب، فأفكارك واضحة جدًّا, وإن شاء الله تمكننا بأن نعرفك حالتك، وهذا هو طلبك الأساسي.

الذي تعانين منه هو مخاوف وسواسية، ولديك درجة بسيطة مما يعرف بالقلق التوقعي، أي أنك تضعين افتراضات مستقبلية قائمة على التشاؤم, ومبنية على فكرة القلق.

الحالة بسيطة جدًّا بالرغم من أن المخاوف الوسواسية متعبة لصاحبها, لكنها تعالج إن شاء الله تعالى، من أهم طرق العلاج هو أن تتجاهلي هذه الأفكار بقدر المستطاع.

ثانيًا: أن تمارسي تمارين الاسترخاء, فهي مفيدة جدًّا، ولتعلم هذه التمارين يمكنك أن تلجئي إلى أحد المواقع على الإنترنت، أو تحصلي على أحد الكتب, أو الأشرطة, أو أنك حين تراجعين الطبيب يمكنه أن يحولك إلى الأخصائية النفسية التي سوف تقوم بتدريبك على تمارين الاسترخاء، وهذا يعد أفضل طريقة.

ثالثًا: عليك بالتفكير الإيجابي، فأنت لديك أشياء جميلة في حياتك، تعلمت, والآن لديك وظيفة، ولديك آمال مستقبلية, الحمد لله تعالى، وإن شاء الله الزوج الصالح في الطريق، وليس هنالك ما يدعوك حقيقة لهذا القلق التوقعي.

الفكر السلبي الاستحواذي حين يسيطر على الإنسان يجعله ينسى كل جميل في حياته، ومهمتنا هنا أن نذكرك بأن هنالك أشياء جميلة في حياتك, لابد أن تتذكريها، لابد أن تحبي نفسك، هذا مهم جدًّا, وضروري جدًّا.

رابعًا: العلاج الدوائي، وأنا أؤيد تمامًا استعمال الأدوية في مثل هذه الحالات خاصة, لأن الأدوية سليمة جدًّا بفضل من الله تعالى، و(البروزاك) هو من أفضل, ومن أحسن الأدوية, ومن أسلمها، وفوق ذلك أبشرك بأنه دواء سليم جدًّا في الحمل، حتى في فترة تخليق الأجنة، أي الأربعة أشهر الأولى، فأرجو أن تطمئني تمامًا، وأنا أفضل أن ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، وذلك حتى يتم البناء الكيميائي التام، ومن ثم ترجعين إلى كبسولة واحدة في اليوم, وتستمرين عليها لمدة سنة, أو حتى سنتين, أو حتى ثلاث، لا بأس في ذلك أبدًا، فالشخص إذا كان لديه استعداد للقلق والتوتر والمخاوف من الأفضل أن يتناول مثل هذه الجرعة الوقائية.

وعقار (بروزاك) منه مستحضر يسمى (بروزاك 90), وهذا يمكن تناوله مرة واحدة في الأسبوع، لكن بشرط أن تستقر الحالة أولاً على (البروزاك) العادي، بعد ذلك يمكن الانتقال إلى هذه الجرعة الوقائية.

بالنسبة لعقار (دوجماتيل) فهو من الأدوية الجيدة, والممتازة, والمزيلة للقلق, والداعمة من فعالية الأدوية مثل (البروزاك), لكن يعاب عليه أنه ربما يرفع هرمون الحليب لدى الفتيات, والنساء بصفة عامة، وهرمون الحليب يسمى بـ(البرولاكتين)، ارتفاع هذا الهرمون ليس ضروريًا، ليس فيه أي مشكلة إلا إذا أدى إلى نوع من الاضطراب في الدورة الشهرية، وفي بعض الأحيان يكون مزعجًا جدًّا للفتيات خاصة غير المتزوجات، لأنه قد يؤدي إلى تحقن في الثدي.

عمومًا هذه معلومة علمية لا أريدك أن تنزعجي لها أبدًا، وإذا كانت الدورة لديك منتظمة, ولم تحسي بأي أثر جانبي آخر فلا مانع من أن تستمري على (الدوجماتيل)، أو يمكنك أن تناقشي هذا الأمر مع طبيبتك، لكن المهم أن لا تنزعجي لهذا الموضوع أبدًا، وفي الأصل (البروزاك) هو علاجك الرئيسي, وسيظل (الدوجماتيل) علاجا مساعدا, وليس أكثر من ذلك، أي أن الحاجة له أقل بكثير من الحاجة إلى (البروزاك).

أتمنى أن أكون قد أجبت على جميع أسئلتك، وأنا بالطبع أشجعك على الزواج، وإن شاء الله تعالى سوف تكونين زوجة صالحة، وأمًّا رؤوما.

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً