الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يرفض زواجي منها بسبب سمعة أهلها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

في البداية أشكركم جزيل الشكر على هذه الخدمات الجليلة التي تقدمونها لنا من خلال موقعكم الرائع إسلام ويب.

أنا شاب أبلغ من العمر (27) سنة من الجزائر، أكملت دراستي الجامعية منذ حوالي (4) سنوات، وإلى الآن لم يتسن لي الحصول على عمل دائم، ولكن أعمل كموظف مؤقت.

أنا إنسان متدين والحمد لله، وفي أحد الأيام وبينما كنت متواجداً عند الطبيب لمحت عيني فتاة جميلة ومحجبة، وبما أنني طول حياتي لم أكلم فتاة لأني كنت إنساناً خجولاً، ولم أقم بعلاقات غير شرعية مع فتيات، لذلك ارتأيت أن أكلم أمها التي كانت معها عند الطبيب، وأعطيت رقم هاتفي لتلك البنت بغرض التعرف عليها قصد التقدم إلى خطبتها.

هنا بدأت المعاناة، نعم المعاناة، لقد تحدثت مع البنت لمدة (3) أسابيع واتفقنا على كل شيء، حتى إننا تعلقنا ببعضنا كثيراً، لا أخفي عليكم أننا خلال تحدثنا عبر الهاتف تخلل ذلك بعض الكلام المعسول، وأنني كلما تحدثت معها زاد حبي لها، علماً أنه من خلال كلامها يظهر عليها علامات الصلاح.

بعد تعرفي على الفتاة، وفي الأسبوع الـرابع بالتحديد كلمت أمي في الموضوع، وكان جوابها واقعياً، وهو السؤال عن الفتاة وأهلها، حيث أن خالتي تسكن بالقرب من مسكن الفتاة، وهنا كانت الصدمة بالنسبة لي، حيث أن خالتي أخبرت أمي بأن أهل الفتاة منحرفون! لما سمعت بالخبر أصبت بالذهول، وأصبحت كالمجنون، لم أصدق ما يجري لي، حيث أنني ذهبت بنفسي لسؤال أصدقاء لي يسكنون بجانب أهل الفتاة، فأخبرني صديق عزيز علي بأن الفتاة لها أخت كانت على علاقة بشاب كانت تخرج معه أمام أنظار الناس، والله يعلم ماذا كانا يفعلان، أخبرني كذلك أن أخواتها كلهم فيهن هذه الصفة، وأن أباهم ديوث، وكما يقال عندنا في الجزائر زوجته تحكم في البيت.

لكن الأمر الذي زاد من معاناتي هو أن الفتاة التي أردت أن أخطبها كانت الوحيدة من بين أهلها لم تفعل مثل تلك الأمور، لذلك أردت أن أقنع والدي بالأمر، لكن طلبي قوبل بالرفض التام، رغم كل المحاولات التي قمت بها.

أردت في الأخير أن أتقدم إليكم ببعض الأسئلة، لعلكم تخففون عني ما أنا فيه من هم و حزن:

هل الدعاء أثناء قيام الليل بأن يرزقني الله تلك الفتاة كزوجة، وأن يلين الله قلب والدي لتقبل الأمر يعتبر من قبيل الدعاء المرفوض والميِؤوس منه؟ علماً أن والدي يرفض رفضاً قاطعاً هذا الزواج.

ما هو ذنب فتاة صالحة تعيش وسط أسرة كهذه؟ وما هو السبيل لأن أتخلص من التفكير في تلك الفتاة؟ وهل يدخل حديث (المرء مع من أحب) في حب رجل امرأة، ولم يكتب لهما الزواج على أن يلتقيا في الجنة؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأهلاً بك أخاً عزيزاً في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يصرف عنك السوء وقول السوء وفعل السوء.

الأخ الكريم: جميل أن يعيش المرء متديناً، يجتهد في إرضاء ربه، والتقرب إليه، فالدنيا يا أخانا مهما طالت قصيرة، وسنعرض جميعاً على الله في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، ونسأل الله أن يسامحنا وأن يعفر لنا.

ما تعانيه يا أخانا هو أمر طبيعي لشاب متدين لم يتعرف على ما يغضب الله عز وجل، ولأن البنت كانت الأولى أثرت فيك هذا التأثير ، حتى إنك قمت مباشرة بالتحدث إليها وإلى أمها دون أن تتبين من هؤلاء؟ وما تدينهم؟ وما مدى التزامهم؟! وطبيعي أن يؤثر الكلام المعسول على حد قولك في ذلك القلب الخالي ليتمكن، وكان يجب عليك ابتداء أن تسأل عن القوم، وأن تشرك أهلك ومن تحب قبل أن تتحدث معهم أو تهاتف تلك الفتاة.

فالزواج يا أخي ليس علاقة عادية بل هي علائق متعددة، وإننا هنا نسألك وأنت الشاب المتدين إذا ما تزوجت من تلك العائلة، وأود أن ألفت انتباهك إلى أمر آخر، وهو: أن أهل الزوجة هم أهل ولدك وإليهم حتماً سينتسب، فهل سيكون هذا النسب مريحاً له على ما ذكرت من خلق أهلها؟ هل ستتأثر تربية أولادك بهذه القرابة أم لا ؟ وهل ستسر ابنتك حين تكون سمعة أهلها لأمها بهذه الطريقة التي ذكرت؟ وهل ستجد عن الاختلاف الطبيعي الذي يحصل بين الأزواج عائلة؟

إن الدافع الأصلي للزواج من هذه الأخت كانت تلك اللفتة التي رأيتها، فلم تقم تلك العلاقة على أساس من التدين في البداية أصلا؟ فلا تقدم على أمر تشك من خيره أو شره ومن صوابه أو خطأه، وأعلم أن الشكوك ستلاحقك بعد الزواج من هذه الأخت التي نسأل الله أن يوفقها وأن يهديها.

وأنصحك أن تبحث عن أسرة متدينة، وفتاة متدينة لاسيما والنساء كثير، ولا تبدأ حياتك بأمر لا تعرف مدخله من مخرجه، فأنا أتوافق تماماً مع أهلك في أن المرأة لا تصلح لك، ولا تقلق، ستتخلص سريعاً منها عندما تقابل أختاً صالحة من أسرة صالحة وجميلة كذلك، فلا حرج في أن يختار المرء الجمال على أن يكون تابعاً للدين لا العكس.

أما طريقة النسيان فابدأ من الآن بمسح هاتفها وما يتعلق بها، وغير رقم شريحة هاتفك، ولا تتواصل معها، فهذا أمر محرم، وابحث واجعل أهلك يبحثون معك عن امرأة دينة صاحبة خلق من أسرة متدينة.

أكثر من الدعاء أن يختار الله لك الخير، وأن يوفقك للخير حيث كان، وأن يريك الحق حقا وأن يرزقك اتباعه، ونحن ندعو الله عز وجل أن يرزقك أختاً دينة صالحة من أسرة ملتزمة تقر بها عينك، وتسعدك في الدنيا والآخرة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً