الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يرغب أبدا بزيارة أهلي لي، فكيف أقنعه؟

السؤال

السلام الله عليكم ورحمة وبركاته.

مشكلتي تتلخص في أن زوجي لا يرغب أبدا أن يزورني أهلي رغم أنه يسمح لي بزيارتهم مرة أو مرتان في السنة وفي مدة لا تتعدى أسبوعا واحدا، ماذا أفعل هل أخبرهم والله أني أخاف على مشاعرهم، كيف أفعل ذلك وهما أبي وأمي بكل عيوبهم وأخطائهم، أشكر لكم سماعي وأفيدوني جزاكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحلام الورد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدر زوجك لزيارة أهلك لك وزيارتك لهم، وأن يكون عونًا لك على بر والديك والإحسان إليهما، وأن يجعلك وإياه من أهل الجنة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة - من أن زوجك لا يرغب أن يزورك أهلك رغم أنه يسمح لك بزيارتهم مرة أو مرتين سنويًّا، وفي مدة لا تعدى أسبوعًا واحدًا، وتسألين ماذا تفعلين؟ وكيف تخبرينه؟ وأنك تخافين في نفس الوقت على مشاعرهم؟.

أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: إنه مما لا شك فيه أن هذا القرار قرار غير طبيعي، وأنه فيه نوع من التعدي والظلم ومجاوزة الحد، لأنه ليس من حق أي أحد كائنًا من كان أن يمنع أحدًا آخر من أن يقيم شرع الله تبارك وتعالى في حياته وأن يتواصل مع أهله وأن يصل رحمه، بل إن الله تعالى قال: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} وقال: {الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض * أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}.
فهذا حقيقة ليس من حق زوجك، وليس من حق أهلك أيضًا أن يتدخلوا في حياتك، لأن حياتك حياة مستقلة تمامًا، ولا يجوز ولا ينبغي لأي طرف آخر أن يُزعجك وأن يُفسد عليك حياتك.

ومن هنا فإني أقول لك: إن موقف زوجك لابد له من دافع وأن هذا التصرف لا يمكن أن ينتج من فراغ، فأتمنى بارك الله فيك أن تسألي زوجك عن السبب وراء هذا الموقف، وأن يكون الكلام بينك وبينه بهدوء، وأن يكون الكلام في جو شاعري طيب وجميل، ولا مانع - وأفضل ذلك - أن تصلي ركعتين بنية قضاء الحاجة، أو أن تصومي يومًا مثلاً من الأيام وتتضرعي فيه إلى الله تعالى أن يشرح الله صدر زوجك لقبول كلامك ولفهمه ولحمله على المحمل الحسن، ثم بعد ذلك تكلمينه، تكونين في هذا اليوم مثلاً بعد صيام، ومن الممكن أيضًا صلاة شيء في جوف الليل، وكذلك أيضًا صلوات بعد النوافل كصلاة الضحى وغير ذلك، والإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، حتى تهيئي نفسك للحديث مع زوجك بكل ثقة وبكل أمانة وبكل انضباط. تعرضي عليه الأمر وتقولي له (زوجي العزيز: أنا أريد أن أناقشك في أمر وأرجو أن يتسع صدرك لكلامي، الآن أنت لا ترغب في زيارة أهلي لي، هل من الممكن أن تبرر لي هذا التصرف؟ لأنه يزعجني حقيقة وأنت تكاد توقعني في حرج شديد عندما تطلب من أمي أو أبي أن لا يقوموا بزيارتي، فأنا لا أدري ماذا أقول لهم، فأسألك بالله تعالى أن تبرر لي، إذا كان كلامك شرعيًا وإذا كان فعلاً موقفك موقف حق، فأنا معك بكل ما أوتيت من قوة وثق وتأكد من أني سأكون عونًا لك على تنفيذ ما تريد ما دام لا يتعارض مع شرع الله، أما إذا كان مجرد رغبة خاصة وهوىً متبع فإني أخاف عليك عذاب الله تعالى، لأنك الآن تقطع رحمي، والله تبارك وتعالى يقول: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام}).

وهو قطعًا سيقول لك: أنا لم أقطع رحمك وأنك تقومين بزيارتهم، قولي له أيضًا: (ومن حقهم عليَّ أن يأتوا لزيارتي وأن أقوم على خدمتهم؛ لأن زيارتي لهم وزيارتهم لي هذا أمر طبيعي، ولكن عندما يشعر أهلي بأنك لا ترغب في أن يزورك في بيتك فهذا مما لا شك فيه سوف يزعجهم وسوف يضع نقطة سوداء على شخصيتك بالنسبة لهم، وأنا لا أريد أحدًا أن يأخذ عنك فكرة غير حسنة وغير جيدة).

وحاولي أن تناقشيه بكل هدوء وبكل أدب وتواضع، وخاصة كما ذكرت لك بعد صيام هذا اليوم وقيام هذه الليلة، والإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، حتى لا يفهمك فهم خاطئ، وحتى لا يؤدي إلى إشعال حرب باردة لا وجود لها، ويبدأ يتبرم منك ويأخذ له طريقًا آخر بعيدًا عنك، ويشعر بأنك كأنك تبتزينه، إلى غير ذلك.

فأنا أتمنى بارك الله فيك أن يكون الأمر كذلك، فإن شرح الله صدره ولم يكن لديه حقيقة أي مبرر وإنما كان مجرد موقفًا عاديًا فلعل الله أن يصلحه وأن يشرح صدره، وأن تتكلمي معه وتقولي له (أعني على بر أهلي وعلى صلة رحمي، وأنت مأجور على ذلك) وتكلمي معه كلام طيب من الكلام الذي يرقق القلب ويحرك المشاعر.

أما إذا كان مصرًّا على موقفه فأنت ليس لديك حقيقة إلا الصبر الجميل ومواصلة أيضًا الدعاء والابتهال والتضرع إلى الله تعالى أن يصلح الله ما بينه وما بين أهلك، وأن تعود المياه إلى مجاريها، وثقي وتأكدي من أن هذا الأمر سهلاً ميسورًا؛ لأن الله تبارك وتعالى أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، وقطعًا وعد الله لا يتخلف، كما قال سبحانه: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} وكما قال جل جلاله: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل) وقال أيضًا: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) فاجتهدي بارك الله فيك، وحاولي أن تحاوري زوجك بطريقة لطيفة وهادئة وفي جو شاعري جميل، لعل الله أن يشرح صدره للتراجع عن هذا الموقف، وأن تكون علاقتك بأهلك على ما ينبغي أن تكون عليه.

فإن قدر الله ونجحنا في ذلك فهذا الذي نريد، وإن أصر على موقفه ففوضي أمرك إلى الله تعالى، ولا تعكري صفو حياتك، ولا تعرضيها للخطر، ولعلك بالدعاء ومواصلة الإلحاح على الله تعالى أن يشرح صدر زوجك لاستقبال أهلك في بيته ولتزاورك معهم بصورة أحسن.
هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً