الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الوسواس في الوضوء والوساوس الفكرية التسلطية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في الـ 30 من العمر، أعزب، ابتلاني الله - وله الحمد والشكر - بالوسواس في الوضوء، والوساوس الفكرية التسلطية، وكوسيلة معالجة ذاتية أصبحت أتحدث مع الشيطان بصيغة التحدي، فأقول له: (لن تغلبني بإذن الله)، وفي بعض الأحيان أضحك وأقول له: (تريد أن تجعلني أكفر، لن تستطيع بإذن الله) كما أن عندي -والحمد لله- شهوة جنسية مثارة في أغلب الأوقات، وقد راجعت طبيباً نفسياً، فوصف لي الأدوية التالية:

1- Abilify حبة واحدة يومياً.

2- فلوزين 20 حبة واحدة يومياً.

وأنا متردد في استخدامها؛ لأني أعلم أن الأدوية النفسية تسبب تغييراً في كيميائية المخ، وأنا لا أفهم معنى هذا الشيء، فهل معناه أنها تغير القناعات والأفكار والثوابت، وهل تؤثر في الدين؟ كأن تضعف من همة الإنسان في القيام بأمور العبادات، وفي حالة أني لم أستخدم أي أدوية، هل من الممكن أن يتطور المرض إلى الجنون، وهل هذه الأدوية تسبب ضعفاً جنسياً؟ وفي حالة التوقف عنها هل تعود القوة الجنسية كما كانت في السابق؟

علماً أني مريض منذ سبع سنوات، تقريباً تدرجت كالتالي، وسواس الصلاة والخوف، والوساوس المرضية، ثم اشتباه بالذهان البسيط، ثم حالتي الحالية، وفي الذهان استخدمت زيبركسا وتحسنت حالتي وأوقفت الدواء دون مراجعة الطبيب.

أرجو الرد، هل إذا استخدمت الأدوية ستضعف همتي في العبادات أم لا، وما نصيحتكم لي؟

والحمد لله لا أحصي ثناءً عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالوساوس القهرية تعالج بدفعها ورفضها وتحقيرها واستبدالها بفكرة مخالفة، ومخاطبتك للشيطان بصيغة التحدي لا بأس بها، لكن لا ننصح أن تكون هذه الصيغة في شكل حوار، إنما تكون في شكل تحقير فقط، قولك: (لن تغلبني -بإذن الله-) هو قول جميل، لكن من الناحية العلاجية قد لا يكون مفيدًا، لأنه قد تعتريك فكرة أخرى تجيبك عن هذا (حسنًا سوف أغلبك) لكنك حين ترد على الفكرة (أنك حقيرة وأن مصدرك حقير) وأن تقوم بنوع من الإساءة لها: (اذهبي أيتها الحقيرة) وهكذا، هذا هو الأسلوب الأفضل وليس الأسلوب الحواري؛ لأن الأسلوب الحواري -كما ذكرت لك- يأتيك بفكر مخالف ومخالفات شديدة، هذا في المقام الأول.

المشكلة الجنسية المثارة قد تكون من الشيطان، وهنا استعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، واسأل الله تعالى أن يحفظك، وعليك باتخاذ التدابير الأخرى مثل ممارسة الرياضة وتجنب تناول الحلويات بقدر المستطاع، وأن تصوم متى كانت لك استطاعة على ذلك، وأن تفكر في الزواج.

العلاج الدوائي مهم ومهم جدًّا، وهذه الأدوية لا تغير قناعات إنما تزيلها؛ لأن القناعات أصلاً هي قناعات وسواسية مستحوذة ومتسلطة وبالرغم من سخافتها يجد الإنسان صعوبة في التخلص منها، والذي يحدث أن المكون البيولوجي والذي هو عامل رئيسي في سبب الوساوس أو على الأقل في استمراريتها سوف يتحكم فيه عن طريق هذه الأدوية، وهذا هو دور العلاج الدوائي، ولذا ننصح به كثيرًا.

الأدوية لن تؤثر سلبًا في الدين، على العكس تمامًا تجعلك تفكر في صفاء وتأخذ -إن شاء الله- دينك بقناعات راسخة ووسطية شاملة، وهي لا تضعف همتك أبدًا في أمور العبادات.

الأفكار الوسواسية تستحوذ على الإنسان وتشغله كثيرًا في أمر عبادته وتجعله يركز على أمور وتفاصيل وجزئيات في الدين تلهيه عن جوهر الدين، وحين تنتهي الوساوس يستقيم الأمر -إن شاء الله تعالى-.

سؤالك في حالة أنك لم تستخدم أي أدوية هل من الممكن أن يتطور المرض إلى جنون؟ المرض نعم سوف يتطور ويشتد ويستحوذ بصورة أكثر، ليس من الضروري أن يتحول إلى جنون، هذا يحدث في عشرة بالمائة فقط من الحالات، أي عشرة بالمائة من حالات الوسواس قد تتحول إلى اضطرابات عقلية، ولكن وجود الوسواس نفسه وبالشدة والاستحواذ والإطباقية التي تحدثنا عنها هي المشكلة الرئيسية، فلماذا تبقى هذه المشكلة ما دام الله تعالى قد وفر لنا ووهب لنا هذه الأدوية التي هي سليمة وفعالة وممتازة، الأدوية لا تسبب ضعفاً جنسياً كما أشيع، ربما تسبب بعض التأخر في القذف المنوي لدى الرجل، لكنها لا تؤدي إلى عقم أو شيء من هذا القبيل، وهذا التأثير هو تأثير مؤقت، وأنا أعرف من تحسن أداؤه الجنسي بعد تناول هذه الأدوية.

أنت استفدت في المرة السابقة من الزبركسا، وهو دواء جميل، والإبليفاي سوف يقوم مكانه، والإبليفاي يتميز على الزبركسا بأنه لا يزيد الوزن كثيرًا، كما أنه لا يؤدي إلى نعاس شديد، الإبليفاي لا يعتبر العلاج الرئيسي لك، ولكنه العلاج الإضافي، العلاج الرئيسي يجب أن يكون أحد الأدوية التي تعمل من خلال السيروتونين، الفلوزين أعتقد أنه (فلوكستين) والذي يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) وهو دواء ممتاز جدًّا، فتناوله على بركة الله، فقط ابدأ بعشرين مليجرامًا ثم ارفعها إلى أربعين مليجرامًا، وهذه الجرعة يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك خفضها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة عام، هذه هي الجرعة الوقائية.

أما بالنسبة للإبليفاي فتناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر أو حسب ما ينصح به الطبيب.

أخي الكريم: تناول الدواء، وطبق العلاجات السلوكية -وإن شاء الله- هذا سوف يساعدك في همتك نحو العبادة بصورة صحيحة ويزيل عنك هذه الأمور التي تعاني منها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً