الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقلب المزاج ودور العلاج السلوكي في تجاوزه

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي تتلخص بما يلي: أحب أن أكون دائماً منظماً، نشيطاً، محافظاً على أداء الواجبات الدينية والوظيفية والعلمية في أوقاتها دون كلل أو ملل، ولكن ما يحدث معي أنني أجدني بعض الوقت نشيطاً منظماً أقوم بواجباتي الدينية على أكمل وجه، وأهتم بدراستي الجامعية أولاً بأول، وأقوم بواجبات العمل كما هو مطلوب وزيادة، أستمر على هذا الوضع بضعة أيام، ثم سرعان ما ينقلب الحال وكأني لم أكن أنا سابقاً، فتجدني أشعر بالملل الشديد، متضايقاً، مضيعاً للوقت، مهملاً للواجبات السابقة الذكر، محبطاً دون أي سبب وجيه، أستمر على هذا الوضع أسابيع أو شهوراً، ثم أستعيد شخصيتي الأولى، وهكذا.
فما هو تشخيص هذه الحالة وهل من نصح وعلاج؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو ضياء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن تقلب المزاج هو من السمات والصفات التي نشاهدها لدى البعض فيما يخص تقلبات المزاج لديهم، وهذه التقلبات ربما تكون تقلبات أساسية، أي أن الإنسان يكون مكتئباً لفترة، ثم بعد ذلك يتحسن مزاجه، ثم يدخل في حالة هوسية – أي زيادة في الانشراح – وهذا يشمل الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وهذا له عدة أنواع وعدة درجات.
توجد حالات أخرى أخف بكثير، وهي أن يحس الإنسان بشيء من الضجر والملل، هذا الضجر والملل إذا استمر أكثر من أربعة أسابيع نعتبره حالة اكتئابية، وأعتقد أن هذا هو الذي يحدث لك، وبعد أن تنقضي الفترة – أي تمتد لفترة أكثر من أربعة أسابيع – ثم تختفي ويصبح الإنسان على وضعه الطبيعي، هذا دليل قاطع على أنه يعاني من درجة بسيطة مما نسميه بالاكتئاب المتقطع، وهو نوع من عسر المزاج أكثر من أنه اكتئاب حقيقي.
أخي الكريم: حالتك حالة مزاجية متقلبة، تتميز بوجود درجة بسيطة من عسر المزاج في بعض الأحيان، هذا هو التشخيص لحالتك.
المطلوب منك حين تحس بشيء من الضيق وافتقاد الطاقات النفسية والجسدية وافتقاد الرغبة والإهمال في الواجبات، هنا لابد أن تدفع نفسك، ولابد أن تحسن من دافعيتك، ولابد أن تذكر نفسك أن عسر المزاج يمكن أن يتصيدك إذا لم تقاوم وإذا لم تكن فعّالاً، وأهم شيء أن تركز على الإنجاز الفعلي، لا تحكم على نفسك ولا تقاد حسب مشاعرك السلبية، إنما يجب أن تقودك أفعالك وإنجازاتك، وحين ينجز الإنسان ويدير وقته بصورة ممتازة خاصة في أوقات الإحباط هذه سوف يعدل المزاج، وهذا أمر مهم جدّاً.
عليك أخي الكريم أن تستعين بالاستغفار في مثل هذه الحالات، واسأل الله تعالى أن يعينك.
الأمر الآخر في العلاج هو ممارسة الرياضة، وجد أن ممارسة الرياضة بصفة مستمرة على الأقل ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع بمعدل ساعة في كل مرة، هذا يحسن كثيراً من الطاقات النفسية وكذلك الدافعية ويقلل من لحظات وأوقات عسر المزاج والملل الذي يصيبك.
هذه هي الأسس العلاجية الرئيسية، وقد تحدثنا لك فيما يخص تشخيص حالتك، ويمكنك أيضاً أن تتناول أحد الأدوية البسيطة مثل عقار (موتيفال)، وهو دواء بسيط وجيد جدّاً لتحسين المزاج عندما تأتي هذه النوبات الاكتئابية البسيطة، والجرعة المطلوبة هي حبة واحدة في اليوم، ويمكنك أن تتوقف عنه بعد أن تنقشع وتختفي هذه الحالة المزاجية السلبية، لكني على ثقة تامة أن إدارة الوقت بصورة صحيحة وأن تحسن من دافعيتك وأن تمارس الرياضة ستكون وسائل علاجية طيبة جدّاً لحالتك، والدواء ربما تحتاج إليه وربما لا تحتاج له، وإذا رأيت أن هنالك حاجة فلا مانع أبداً من تناوله، حيث إنه علاج بسيط جدّاً.
أخي الكريم: التفكير الإيجابي مطلوب ومطلوب جدّاً، ومن أسوأ ما يوقعنا فيه الاكتئاب هو التفكير السلبي، والتفكير السلبي نفسه قد يكون هو سبب الاكتئاب، فأنت - الحمد لله تعالى - لك إيجابيات كثيرة، فأنت رجل منظم ونشيط وتقوم بواجباتك الدينية والوظيفية بصورة ممتازة، ومن الواضح أنك سعيد في أسرتك، هذه كلها إيجابيات ممتازة ومحفزة جدّاً، أرجو أن تتذكرها وتسعى دائماً لتنميتها وتطويرها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً