الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من الوساوس المتعلقة بنطق بعض الحروف؟

السؤال

السلام عليكم.

سؤالي جزاكم الله خيراً، أنني أعاني من تردد في نطق الحروف أثناء قراءتي للقرآن، خاصة عند اللام والضاد في كلمة ولا الضالين، وأشعر أن لساني ثقيل جداً، رغم أني أعد من المتقنين - بفضل الله - بشهادة من يسمعونني أقرأ، ويأتيني إحساس بأني أنطق خطأ.

كذلك عندما أغلق السيارة، أشك بعدها هل أغلقتها أم لا، فأرجع للسيارة مرة أخرى فأجدها مغلقة، فهل هذا مرض؟ وما العلاج؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو الحسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبعد أن تدارستُ مشكلتك في التردد في النطق لبعض الحروف أثناء قراءتك للقرآن الكريم، وكذلك ما يأتيك من شك عند إغلاقك لباب السيارة، أستطيع أن أقول لك: إن هذا الذي تعاني منه يمثل درجة بسيطة من الوسواس القهري، وبالنسبة لنطقك لبعض الأحرف، أو شعورك بأنك لا تنطقها على الطريق الصواب، هذا منشؤه وسواسي وليس حقيقياً، والإنسان حتى يتخلص من الأفكار الوسواسية، وكذلك الأفعال أو النزعات أو الاجترارات أو الطقوس الوسواسية، لابد أن تصيغ فكرة بصورة جديدة.

يعرف أن هذه وساوس قهرية، بمعنى أنها متسلطة عليه، ولكن يمكن أن يردها ويمكن أن يرفضها، وذلك بتحقيرها، بتجاهلها، نعم حين يشرع في هذه المقاومة لهذه الأفكار أو الأفعال سوف يحس الإنسان بتوتر وقلق داخلي، ولكن بالإصرار على التجاهل، وبالإصرار على الدفع، وبناء أفكار جديدة، وأفعال مخالفة - إن شاء الله تعالى - ينتهي مستوى القلق وترجع الأمور إلى طبيعتها.

فيا أخي الكريم: أريدك أن تحقر هذه الفكرة، أي فكرة أن قراءتك ونطقك لبعض الأحرف حين تقرأ القرآن الكريم ليست سليمة، وكذلك موضوع إغلاق السيارة، أيضاً هذا الفعل يجب أن تتوقف عنه، وتحتم على ذلك، وسوف تجد في نهاية الأمر أنك قد تخلصت من هذه العلل الوسواسية.

بالنسبة للعلة الأولى - أي التردد في نطق بعض حروف القرآن الكريم - أريدك أن تقوم بتسجيل ما تتلوه من القرآن الكريم، ثم بعد ذلك قم بالاستماع إلى ما قمت بتسجيله وركز في استماعك على الحروف التي تحس وبصورة وسواسية أنك تعاني من نطقها، وسوف تجد - إن شاء الله - أن نطقك لها صحيح، وبتكرارك مثل هذا التمرين سوف تجد أنك قد تحسنت كثيراً.

بالنسبة لإغلاق باب السيارة، حاول بقدر المستطاع أن لا تعيد التأكيد على أنك أغلقت، ويمكنك أن تطبق التمارين السلوكية مباشرة، وذلك بأن تغلق باب السيارة ثم تأتي بعد دقيقتين وتفتح باب السيارة ثم تغلقه، ثم تنصرف، ثم تأتي بعد خمس دقائق وتفتح باب السيارة ثم تغلقه ولمرة واحدة، وهكذا، قم بهذا التمرين عشر مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام، سوف تجد أنك قد تخلصت من هذا الوسواس لدرجة كبيرة.

هذا هو العلاج السلوكي، والجانب الآخر في العلاج هو العلاج الدوائي، وأبشرك أنه توجد الآن أدوية فعالة جدّاً لعلاج هذا النوع من وساوس التردد البسيطة، الدواء الذي نفضل استعماله يعرف تجارياً باسم (بروزاك)، واسمه العلمي هو (فلوكستين)، ويمكنك الحصول عليه بدون أي وصفة طبية من الصيدليات، ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناولها بعد الأكل، استمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك توقف عن تناول الدواء، والدواء من الأدوية السليمة والفعالة والتي يعرف أنها تصرف عنك هذه الوساوس القهرية.

جرعة البروزاك التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة جدّاً؛ لأن الجرعة الكلية قد تصل إلى أربع كبسولات في اليوم، ولكن لا أرى هنالك سبباً لنصف لك هذه الجرعة الكبيرة، ابدأ في تناول هذه الجرعة الصغيرة التي وصفناها لك على بركة الله، ونسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وعليك بالتطبيقات السلوكية مع تناول الدواء بانتظام.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً