الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مرض الفطام والاضطراب الوجداني وإمكانية الزواج من المصاب بهما

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
جزاكم الله خيراً عني وعن المسلمين أجمعين، وأعانكم على إسداء الرأي النافع.

كنت قد سألتكم في استشارة سابقة برقم 24772 عن ذلك الشاب الذي تقدم لخطبتي وهو يقول: إنه مصاب بمرض الاكتئاب، ونصحتموني أن أقبل؛ لأن مرضه كما طرحته عليكم ليس خطيراً، وقد قبلت به، وتمت خطبتنا منذ فترة ليست بالبعيدة.

المشكلة -يا إخوة- أنه مر أسبوع ولم يكلمني فيه، والأغرب من ذلك وما جعل الشكوك تدور في رأسي أن أخي قد التقى به في المسجد وفوجئ أخي ومن معه بخطيبي يتكلم كلاماً غير مفهوم، ولم يستطع أخي أن ينقله لي؛ لأنه كما يقول: قال كلاماً عبثاً، وبينما الآخرون يتناقشون في أمر من أمور المسجد مع الإمام، قام بينهم ليتكلم بكلام لا طائل منه ولا علاقة له بما يتحدثون به، مما أدهش كل أصدقائه ومن كان جالساً.

كما بدأ يتجنب الحديث مع الناس في نهاية الصلاة في ذلك الأسبوع بالذات، وقد لاحظ عليه كثيرون أنه ينهي صلاته ويذهب بسرعة حتى لو لم يكن أخي موجوداً، وبعد ذلك الأسبوع عاد لطبيعته ولكلامه ولمكالمته لي وللناس.

في الحقيقة، ذلك الأسبوع الذي كان فيه غير طبيعي وبشهادة كل الموجودين أثار مخاوفي، وأنا لا أدري ماذا أفعل، أخشى إن تزوجته ألا يكون على قدر المسؤولية ليدير بيتنا ويربي أولادنا، ومن ناحيةٍ أخرى أخشى أن أدعه فيصاب بشيء وألوم نفسي عليه مدى عمري، خاصة أنه تعلق بي كثيراً.

بماذا تنصحونني؟ أنا لا أستطيع أن ألومكم، فلقد أجبتموني على ما شرحته لكم عنه، لكن ما أسمعه عنه وما أراه من تصرفاته يخيفني.

هل المصاب بالاكتئاب تحدث له أشياء أخرى غير الانطواء على نفسه؟ وما تفسيركم لكلامه العشوائي الذي قاله في المسجد؟ وهل أستطيع أن أعيش معه وأتحمل مرضه هذا؟ وهل يكتئب المريض بلا سبب؟ وكم تدوم حالة اكتئابه إن لم تكن شديدة؟

أرجو أن تجيبوني بما يريحني، فأنا لا أستطيع أن أكمل معه إن لم يكن لمرضه نهاية، وبصراحة أستطيع أن أتحمل انطواءه على نفسه وانعزاله عن الناس لكني لا أتحمل أن يقال عنه: مجنون أو أنه يهذي.

أرجو ألا أكون قد أزعجتكم بأسئلتي، ولكنها مسألة حياة بأكملها، علماً أن الكثير يرغب فيَّ إن تركته، ولكني لا أريد أن أكسر خاطره.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجد حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله ألف خير على هذه المعلومات القيمة بخصوص الأخ المذكور.

بعد المعلومات الإضافية التي تم تزويدنا بها والتي لم يتم ذكرها في الرسالة الأولى يؤسفني أن أقول لكِ: إن تشخيص هذا الأخ ليس اكتئاباً نفسياً كما تصورنا، والصفات والسمات الإكلينكية التي ذكرت تدل على أنه إما مصاب بمرض الفصام، وهو مرض عقلي أساسي تضطرب فيه أفكار الإنسان وتصرفاته من حين لآخر، وهذا يعرف بالفصام المتقطع وفي حالات أخرى يكون المرض من النوع المطبق (أي مزمن).

الاحتمال والتشخيص الثاني: هو أنه مصاب بما يعرف بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وهو أيضاً مرض عقلي ولكنه أقل صعوبة من مرض الفصام، وفي هذا المرض تنتاب الإنسان فترات من الاكتئاب الشديد يكون فيها منزوياً ومنقطعاً إلى درجة كبيرة عن التواصل مع العالم الخارجي، وفي فترات أخرى يكون على العكس تماماً حيث يكثر نشاطه وحركته وكلامه مع تطاير في الأفكار وافتقاد الترابط في كلامه وفكره.

الشيء الذي أود أن أنصح به هو إقناع هذا الأخ بأن يذهب معه أحد إلى الطبيب النفسي المعالج، ويكون هنالك نوع من الصراحة لمعرفة حقيقة تشخيصه.

إذا كان التشخيص هو مرض الفصام قطعاً لا أنصحك بالزواج به، وإذا كان التشخيص هو مرض الاضطراب الوجداني ثناني القطبية يمكن الزواج به إذا كان مرضه من الدرجة البسيطة أو المتوسطة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً