الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توجس المرأة خيفة من غلظة خطيبها وأثر ذلك على الحياة الزوجية مستقبلاً

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في السنة النهائية بكلية عملية، تقدم لخطبتي شاب منذ عام تقريباً، ولقد وافقت عليه عملاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)).

والحمد لله نحن متدينون أنا والشاب، ونخاف الله، ولكن في بداية الأمر كان الحديث على النت، فكان كلامه قاسياً غليظاً جداً، رغم أن والدتي توفت قريباً جداً، ووالدي متوفى أيضاً، وكانت حساسيتي شديدة، لم أكن أريد كلمات حب ولا هذا معاذ الله، فهذا ليس من حقي دون أن أكون زوجته، ولكن كنت أود أن يترفق في اختيار الألفاظ والكلمات (لا ميوعة ولا خروجاً عن الأدب) ولكن للأسف كان كلامه حاداً غليظاً، فحزنت جداً وأصبحت أخاف الحديث حتى لا تفاجئني كلماته التي لا تراعي الحالة النفسية لي أبداً، وكانت أشبه بالقذف بالحجارة، رغم أن معاملته أصبحت أكثر رفقاً الآن (معاملة طيبة جداً).

إلا أنني لا زلت أخاف منه بشدة، وأنفر من التعامل معه أو حتى الكلام في وجود الأهل طبعاً، وأشعر بأنني لن أكون زوجة جيدة عطوفة حنونة كما كنت أحلم، وأنا أريد أن أترك هذه الخطبة، ولكنني في نفس الوقت لا أريد أن أظلم شاباً كان قد علق علي آمالاً لأنه يقول لي دوماً بأنني سآخذ بيديه وأوقظه للفجر ولو فرط في صلاة سأتضايق منه بشدة ولن أتهاون، ويتوقع مستقبل إيماني باهر معي بأمر الله ويتوقع مني أطفالاً حفظة للقرآن و... و..

وكذلك كنت أتمنى أن أكون زوجة له أنجب أطفالاً مسلمين بحق، وأعفه وأحفظ بصره وأريح نفسه، فما أكثر الفتن الآن، وكذلك لا أحب أن أقابل معاملة أهله الشديدة الطيبة والحنان بالإساءة بأن أهدم فرحة ولدهم.. فماذا أفعل؟ أخاف أن أتزوج فأظل خائفة منه ومن قسوته، ولا أستطيع أن أحنو وأعطف، وأخاف أن أجد عدم اهتمام و... و...

أريد أن أتركه ولكن أفكر في الأمور التي ذكرتها بالأعلى، فما رأي حضرتكم هل أكمل وأخلص نيتي لله سبحانه وتعالى وأترك الهواجس فربما يكون الشيطان يوسوس لي لأنه يعلم أننا سنكون بيتاً مسلماً بحق بإذن الله؟ أم أتركه خشية أن أكون زوجةً غير صالحة بمعنى (غير حنونة أو عطوفة)؟

أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة محمد .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:


فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمن عليك بالزوج الصالح الذي يحسن معاملتك ويكون عوناً لك على طاعته .

وبخصوص ما ورد بسؤالك: فأرى أن الأمر يحتاج إلى مزيدٍ من التأني وعدم العجلة؛ لأن المرأة في حاجة ماسة إلى زوج صاحب أخلاق أكثر من حاجتها إلى الطعام والشراب؛ لأن الزواج شركة طويلة الأمد قوية التلاحم تحتاج -نظراً لطبيعتها- إلى قائد على قدر كبير من الأخلاق حتى يتمكن من قيادة أسرته، هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه ...)).

فالأصل أن الدين وحده كاف، ولكن نظراً لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بما علمه الله إياه أنه سيأتي زمان يظهر في المسلمين من يهتم بالدين ولا يهتم بالخلق قرن بين الدين والخلق وجعلهما كاليدين تغسل إحداهما الأخرى، وللأسف نجد فعلاً في دنيا الناس من هو صوام قوام إلا أن نصيبه من الأخلاق قليل، لذا أنصح بضرورة التريث وعدم إتمام الزواج إلا بعد التأكد فعلاً من أن هذا الشاب يجمع بجوار الدين خلق الإسلام الراقي؛ لأنك في أمس الحاجة إلى ذلك، إذ إن المرأة عادة تكون الجانب الضعيف الذي يحتاج إلى العطف والحنان.

فأرجو أن تناقشي معه هذا الموضوع بقوة، ولا مانع أن تجري له بعض الاختبارات للتأكد فعلاً من تحسن خلقه، وليكن ذلك على فترات حتى تقفي على حقيقة أخلاقه، وهل هو يحاول التجمل الآن حتى يدخل بك أم أنه فعلاً تحسنت أخلاقه وأصبح أهلاً لأن يكون زوجاً لك؟ ورجائي أن تتأكدي من هذا قبل الدخول؛ حتى لا تندمي بعد ذلك، ولا تشغلي بالك به أو بأهله وكسر قلوبهم؛ لأنك بذلك تساعدينهم على الفرح بولدهم فعلاً.

أما المجاملة فأرى أنك ستدفعين ثمنها وحدك، وعليك بالدعاء وسؤال الله الخير وصلاح هذا الشاب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً