الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أستطع تقبل شكل خاطبي وأخاف أن أظلمه.. ماذا أصنع؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

لا أعرف من أين أبدأ مشكلتي، وإن كان لها حل أم لا؟

أنا فتاة مخطوبة، عمري ٢٦ عامًا، وتم العقد منذ ٨ أشهر، خاطبي ذو خلق ودين، وطبيب، ويحبني كثيرًا، ومن أول لحظة رآني فيها أحبني، وأنا على العكس تمامًا، أول ما رأيته لم أشعر بأي انجذاب تجاهه؛ لأنه ليس لديه بعض الصفات الشخصية والجسدية التي أريدها.

حاولت إقناع أمي أني لم أحبه، لكنها أخبرتني أني لن أحبه إلا بعد الزواج، المهم وافقت وقتها على الخطبة، واستخرت الله، وتيسرت كل الأمور، وقلت: لعل الله يضع في قلبي محبة له.

ثم سافر هو عني منذ شهرين تقريبًا، وأنا لا أراه، لكنه يرسل لي صوره أحيانًا، ووالله إني لأحذف تلك الصور؛ لأني لا أستطيع تقبل شكله، لا أحب فيه بروده، ولا شخصيته الانطوائية، ولا شكله، لكني ضغطت على نفسي، وقلت: لعلِّي أحبه من أفعاله الجيدة معي، فهو يحبني، ويحترمني جدًا، وهو سعيد جدًا معي.

حالتي النفسية سيئة جدًا، وأحاول تعكير مزاجه كل يوم، وهذا كله لأني لا أحبه، ولا أحب شكله، وعندما أرى صديقاتي المخطوبات، أحسدهن على سعادتهن التي لم أشعر بها.

أنا حزينة جدًا؛ لأني أكاد أختنق حرفيًا، فلم يتبق للزواج والسفر إليه سوى ٣ أشهر، وأنا كما أنا بشعوري الأول، وهو عدم حبه وتقبل شكله، ولم أعتد عليه، حتى أني أختلق المشكلات معه؛ وهذا كله لأني لم أحبه.

البارحة حاولت أن أقول له كلامًا جميلاً ورومانسيًا، ولكن والله كتبت الكلام، وأنا لا أشعر بشيء تجاهه مما كتبت، وأنا أعرف نفسي أني إذا أحببت أحدًا لا أمل منه، ولا من حديثه، وأشعر بفرح، أنا أستخير الله يوميًا، لكن لا شيء يتغير، ولا أستطيع أن أحدث أهلي عن الموضوع؛ لأنهم يرونه جيدًا جدًا، ويعرفون أهله أنهم عائلة مثقفة، وذات أخلاق عالية جدًا.

أنا في حيرة شديدة من أمري، والله أني أخاف أن أظلمه، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ghala حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلَّات والذنوب.

بدايةً: سَعدنا بأنك حاولت أن تكتبي كلامًا جميلًا، وهذه المحاولات هي التي نريد أن تركزي عليها، فإن الإنسان في مثل هذه الأمور عليه بالكلام الطيب، ومحاولة إظهار النوايا الجميلة، مع الاستمرار في التوجه إلى مصرف ومقلب القلوب -سبحانه وتعالى-.

واعلمي أن رأي الأسرة في الشاب أو في أسرته، وأنهم أصحاب أخلاق وثقافة وخير، هذه كلها مؤهلات، فإن أحرص الناس على الفتاة هم أهلها، والرجال أعرف بالرجال، والرجل لا يعيبه الشكل الخارجي، وأعتقد أن هذه لن تكون مشكلة؛ لأن نجاحات الرجال مختلفة، فجمال الشكل مطلوب في النساء بالدرجة الأولى بلا شك، وهذا الجمال -جمال الجسد- عمره محدود، لكنَّ جمال الروح بلا حدود.

وعليه: نحن لا نرى سببًا لهذا الرفض، ونوصيك بكثرة الأذكار، والمحافظة على الرقية الشرعية صباحًا ومسًاء، وأذكار الصباح والمساء، أيضًا محاولة إظهار الكلام الجميل، وتقبُّل مشاعره الجميلة، وشكره عليها، والإنسان -بإذن الله تبارك وتعالى- يحاول بهذه الطريقة تغيير هذا الوضع.

أيضًا: ما أشارت إليه الوالدة أن الحب الحقيقي يبدأ بالرباط الشرعي، ويبدأ بالزواج، ويبدأ بأن تكونوا في مكان واحد بينكم، وبحسن التعامل، فلعل فتاة تتزوج من رجل شكله جميل، ولكنه يسيء معاملتها، فماذا تصنع بشكله؟!

ثالثًا: ندعوك إلى عدم المقارنة بينك وبين الأُخريات، فإنك لا تعلمين من أحوال الأُخريات إلَّا ما ظهر، ولا تعلمين من أحوال أزواجهنَّ أو مَن تقدَّم إليهنَّ إلَّا ما ظهر، أمَّا هذا الرجل فأنت تعرفين عنه الكثير والكثير، ومن الإنصاف دائمًا عند تقييمنا لأي شخص أن نضع إيجابياته، ثم نكتب بجوارها ما عنده من السلبيات، ثم نقارن بين ذلك، وأعتقد أن إيجابيات هذا الرجل كثيرة، طالما كانت أخلاقه جميلة، وعالية، والأخلاق مع الدين هي أهم ما نبني عليه، وهي أهم ما نطلبه فيمن يتقدَّم لبناتنا وأخواتنا.

وأنت في مقام بناتنا وأخواتنا، ونحن نرى ما يراه والداك، وندعوك إلى السير في الطريق الذي بدأت فيه بكتابة الكلام الجميل، وتوقفي عن أي مقارنة مع الأُخريات، واعلمي أن كثيرًا من البنات لا يذكرن إلَّا الجانب المشرق، وهذا طبعٌ في معظم النساء، أنها تذكر الأشياء الجميلة فقط، وتُخفي الجانب الآخر، وإلَّا فالجانب الآخر موجود، فنحن بشر:

ومن الذي ترضى سجاياه كلها ** كفى المرء نُبلًا أن تُعدُّ معايبه

فلا تنخدعي بما تسمعي منهنَّ، فنحن بشر، والزوجات أيضًا لا بد أن يكون فيهن النقائص، فنحن بشر والنقص يطاردنا.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً