الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب طلب المسامحة ممن كان على علاقة عاطفية معهن؟

السؤال

أنا شاب، عمري الآن 29 سنة، وباختصار: كنت على علاقة ببنات كثر، خطبت، ولم يتم الزواج عدة مرات، مع العلم أنها كانت بعض التجاوزات، ليست زنا صريحًا، بل ملامسات، وقبل ارتباطي بالفتاة الأولى، كنت على علاقة ببنات كثر، وكان هنالك بعض التجاوزات -أيضًا-، ولكن أثناء الخطوبة لم أقم بخيانتها، أو التعرف على أي فتاة، ثم بعد ذلك رجعت مرة أخرى للعلاقات والبنات، ثم تعرفت على فتاة وأحببتها جدًا، ولم يكن لدينا تجاوزات، لأني أحترمها، وهي محترمة، وتمت الخطبة، ولكن لم تكتمل.
أشعر بأن ذلك بسبب العلاقات القديمة، فالتزمت مؤخرًا بالصلاة، واستغفرت كثيرًا، وحاولت أن أصل لبعض البنات القديمات، وطلبت منهن المسامحة، لأن بعضهن كن بانتظاري للزواج، ولكن بعضهن لم أصل إليهن، فما العمل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس عليك غير التوبة إلى الله تعالى من هذه العلاقات، فالوعد بالخطبة ليس ملزمًا، وإذا كنت تعمدت فيه الكذب؛ فعليك التوبة من الكذب؛ ولا نرى عليك استحلال هؤلاء الفتيات اللاتي كذبت عليهن؛ فإنّ الوعد بالخطبة لا يبيح للمرأة إقامة علاقة مع من وعدها، وقد بينا كيفية التوبة من الكذب في الفتوى: 434176.

وما حصل بينك وبين الفتيات من الكلام واللمس المحرم؛ لا يوجب عليك استحلالهن؛ فهذا ذنب بينك وبين ربك.

قال النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين وعمدة المفتين: قال الأصحاب: التوبة تنقسم إلى توبة بين العبد وبين الله -تعالى- وهي التي يسقط بها الإثم، وإلى توبة في الظاهر، وهي تتعلق بها عود الشهادة والولايات، أما الأولى، فهي أن يندم على فعل، ويترك فعله في الحال، ويعزم أن لا يعود إليه، ثم إن كانت المعصية لا يتعلق بها حق مالي لله -تعالى- ولا للعباد، كقبلة الأجنبية ومباشرتها فيما دون الفرج، فلا شيء عليه سوى ذلك. انتهى.

فاثبت على توبتك، ولا تتواصل مع هؤلاء الفتيات حتى لا تفتح بابًا للفتنة، واحرص على تحصين نفسك بالتقوى، وبادر بالزواج متى قدرت عليه، واعلم أنّ التوبة الصحيحة مقبولة بإذن الله تعالى، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25].

والتائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ فلا يعاقب التائب على ذنبه في الدنيا ولا في الآخرة.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: ونحن حقيقة قولنا إن التائب لا يعذب لا في الدنيا ولا في الآخرة لا شرعًا ولا قدراً. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني