الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال في نفسه: إنه لا يريد الإيمان من أجل الاستمرار في رؤية المناظر الإباحية

السؤال

منذ سنوات كنت مدمنا على المناظر الإباحية وأصبت باليأس من تركها، وتذكرت أن هذه الأفعال منافية للإيمان، فقلت في نفسي ـ ولا أعلم أهو عزم أم لا ـ لا أريد الإيمان حتى لا أواجه هذه المعصية وأتألم في المجاهدة، ثم ذات يوم عندما أردت أن أشاهد هذه الأفلام تذكرت مرة أخرى الإيمان، فقلت كما قلت سابقا وأكملت مشاهدتي، وكنت جلسا ذات يوم ففكرت في التوبة والرجوع إلى الله عز وجل، وأنه يجب علي أن أختار ثم قلت في نفسي يأسا أيضا: سأختار أن أكمل في هذا الطريق حتى أموت، فهل هذان الفعلان يعدان كفرا؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يؤاخذ المسلم على مثل هذه الوساوس التي يجدها في صدره، بل إن في كراهيته لها دليل على صحة إيمانه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وكثيراً ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق ثم يتوب الله عليه، وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق ويدفعه الله عنه، والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قال الصحابة: يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان ـ وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ـ أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه، فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان صريحاً، ولابد لعامة الخلق من هذه الوساوس، فمن الناس من يجيبها فيصير كافراً ومنافقاً، ومنهم من غمرت قلبه الشهوات والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمنا، وإما أن يصير منافقاً. انتهى.

وأيضا قد تقرر في الشريعة أن من ثبت إسلامه بيقين، فلا يزول إسلامه بالشك، وبمثل هذه الوساوس التي يفتحها الشيطان على الناس ليشغلهم عما ينفعهم، ويقنطهم من رحمة الله بهم، فاتق الله في نفسك، وأشغلها بما ينفعك عند الله تعالى، ولا تتبع خطوات الشيطان، وننصحك بالكف عن هذه الوساوس وعدم التفكير فيها لسوء عاقبتها عليك، وكان الأولى بك أن تسأل عن المخرج من وقوعك في مشاهدة الحرام، فإن مشاهدة هذه المناظر الإباحية لها من الأضرار الدينية والدنيوية على الشخص ما لا يخفى، فهي تؤدي إلى ارتكاب الفاحشة وتميت القلب وتقسيه، وتؤثر على نفسية المشاهد، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بغض البصر عن الحرام، قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}.

وعلى كلٍ، فننصح السائل الكريم بالابتعاد عن مشاهدة هذه الأفلام التي تدمر الأخلاق وتفسد الشباب، وبالمبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إلى ما يجده من الأوهام
وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 27224، 2862، 51601، 70476، 147101.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني