روى ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: (استمتعوا من هذا البيت، فإنه هُدم مرتين، ويُرفع في الثالثة) قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
وفي "سنن ابن ماجه" عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (من طاف بالبيت، وصلى ركعتين، كان كعتق رقبة) قال الشيخ الألباني: حديث صحيح.
وروى عبد الرزاق في "المصنف" من حديث علي رضي الله عنه قال: (استكثروا من هذا الطواف بالبيت، قبل أن يحالَ بينكم وبينه، فإني به أصمع أصعل، يعلوها يهدمها بمسحاته).
وعند أبي عبيد في "غريب الحديث" من حديث علي رضي الله عنه أيضاً، أنه قال: (استكثروا من الطواف بهذا البيت، قبل أن يحال بينكم وبينه، فكأني برجل من الحبشة أصلع، أو قال: أصمع، حمش الساقين، قاعد عليها، وهي تُهدم).
وقد دلَّ على مجمل هذه الآثار، ما ورد من أحاديث في هدم الكعبة وتخريبها على يد ذي السويقتين؛ ففي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يخرّب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة) وقد جاء في تخريب الكعبة أحاديث، ليس هذا مكان سوقها. وقد بوَّب البخاري في "صحيحه" بابًا بعنوان: باب هدم الكعبة.
شرح مفردات الأحاديث
قوله في حديث عليٍّ: أصلع، أو أصعل، أو أصمع؛ الأصلع: من ذهب شعر مقدم رأسه؛ والأصعل: الصغير الرأس؛ والأصمع: الصغير الأذنين. وقوله: حمش الساقين، أي: دقيق الساقين. والمسحاة: المجرفة التي يجرف فيها الطين والتراب ونحوهما.
و(السويقتان) هما تصغير ساقي الإنسان لرقتهما.
قال أهل العلم: يستحب لقاصد البيت الحرام الإكثار من الطواف ما استطاع؛ ورأى بعضهم أن طواف النفل أفضل من صلاة النافلة في البيت الحرام.
وقد قال ابن تيمية: والطواف أيضاً هو أكثر المناسك عملاً فى الحج؛ فإنه يُشرع للقادم طواف القدوم، ويُشرع للحاج طواف الوداع، وذلك غير الطواف المفروض، طواف الإفاضة الذى يكون بعد وقوف عرفة. قال: ويُستحب أيضاً الطواف في أثناء المقام بمنى، ويُستحب في جميع الحول عموماً.
وقال في موضع آخر: وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي فى غير شيء.
وعلى ضوء ما تقدم، يظهر أن الطواف بالبيت الحرام من أفضل الأعمال والقربات، وآكدها لقاصد البيت الحرام، سواء أكان القاصد حاجاً أم معتمراً أم زائراً؛ لكن ينبغي أن يراعي الطائف المتنفل أن لا يجعل طوافه في الأوقات التي هي مظنة ازدحام الناس، كيوم النحر، وأيام التشريق، كي لا يزاحم إخوانه الطائفين لغير النفل، وهو في قصده ذلك مأجور إن شاء الله.