يحيى بن معين ( خ ، م ، د )
هو الإمام الحافظ الجهبذ ، شيخ المحدثين ، أبو زكريا ، يحيى بن معين [ ص: 72 ] بن عون بن زياد بن بسطام . وقيل : اسم جده غياث بن زياد بن عون بن بسطام الغطفاني ثم المري ، مولاهم البغدادي ، أحد الأعلام .
ولد سنة ثمان وخمسين ومائة .
وسمع من : ابن المبارك ، وهشيم ، ، وإسماعيل بن عياش ، وعباد بن عباد وإسماعيل بن مجالد بن سعيد ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ، ومعتمر بن سليمان ، وسفيان بن عيينة وغندر ، ، وأبي معاوية ، وحاتم بن إسماعيل ، وحفص بن غياث ، وجرير بن عبد الحميد وعبد الرزاق ، ، ومروان بن معاوية وهشام بن يوسف ، ، وعيسى بن يونس ، ووكيع ومعن ، وأبي حفص الأبار ، وعمر بن عبيد ، ، وعلي بن هاشم ، ويحيى القطان وابن مهدي ، وعفان ، وخلق كثير بالعراق والحجاز والجزيرة والشام ومصر .
روى عنه : ، أحمد بن حنبل ومحمد بن سعد ، ، وأبو خيثمة ، وعدة من أقرانه ، وهناد بن السري ، والبخاري ومسلم ، وأبو داود ، ، وعباس الدوري وأبو بكر الصاغاني ، وعبد الخالق بن منصور ، ، وعثمان بن سعيد الدارمي وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وإسحاق الكوسج ، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد ، ، ومعاوية بن صالح الأشعري ، وحنبل بن إسحاق وصالح بن محمد جزرة ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي ، وأبو معين الحسين بن الحسن الرازي ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ومطين ، ومضر بن محمد الأسدي ، والمفضل بن غسان الغلابي ، وأبو زرعة النصري ، وأحمد بن محمد بن عبيد الله التمار ، وعبد الله بن أحمد ، ومحمد بن صالح كيلجة ، وعلي بن [ ص: 73 ] الحسن ماغمة وعبيد العجل حسين بن محمد ، ، ومحمد بن وضاح ، وجعفر الفريابي ، وموسى بن هارون ، وأبو يعلى الموصلي وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وخلائق .
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الزاهد ، أخبرنا أحمد بن يوسف الدقاق ، والفتح بن عبد السلام ببغداد ( ح ) وأخبرنا عمر بن عبد المنعم ، عن أبي اليمن الكندي ، قالوا : أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي ، وقرأت على أحمد بن هبة الله ، عن عبد المعز بن محمد ، أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد ، قالا : أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور ، حدثنا علي بن عمر السكري ، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي ، حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين سنة سبع وعشرين ومائتين ، حدثنا إسماعيل بن مجالد ، عن بيان ، عن وبرة ، عن همام قال : قال : عمار بن ياسر رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان ، وأبو بكر ، رضي الله عنهم . أخرجه عن البخاري عبد الله ، عن ابن معين . [ ص: 74 ] وبالإسناد إلى قال : حدثنا يحيى بن معين يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الأنصاري ، سمعت طلحة بن خراش ، يحدث عن ، جابر بن عبد الله أن رجلا قام فركع ركعتي الفجر ، فقرأ في الركعة الأولى : قل يا أيها الكافرون حتى انقضت السورة . فقال - صلى الله عليه وسلم - : هذا عبد عرف ربه . وقرأ في الآخرة : قل هو الله أحد حتى انقضت السورة . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا عبد آمن بربه قال طلحة : فأنا أستحب أن أقرأهما في هاتين الركعتين .
وبالإسناد إلى ابن معين قال : حدثنا ابن عيينة ، عن حميد الأعرج ، عن سليمان بن عتيق ، عن : جابر بن عبد الله . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح ، ونهى عن بيع السنين
أخرجه أبو داود عن يحيى فوافقناه .
وبالإسناد حدثنا ، عن حفص بن غياث الأعمش ، عن أبي صالح ، عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة . [ ص: 75 ] أخرجه من أقال مسلما عثرته ، أقاله الله يوم القيامة أبو داود عن يحيى ، وقد رواه عبد الله بن أحمد في زيادات " المسند " عن يحيى وهو معدود في أفراده .
وروينا في : حدثنا البخاري عبد الله بن محمد ، حدثني ، حدثنا يحيى بن معين حجاج ، قال ، قال ابن جريج : وكان بينهما شيء ، فغدوت على ابن أبي مليكة ابن عباس ، فقلت : أتريد أن تقاتل ابن الزبير ، فتحل ما حرم الله ؟ قال : معاذ الله . وذكر باقي الأثر ، وهو في تفسير براءة . فعبد الله أظنه المسندي .
قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله ، عن أبي روح الهروي ، أخبرنا تميم بن أبي سعيد في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن النحوي ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي ، حدثنا ، حدثنا يحيى بن معين غندر ، عن شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله والنازعات غرقا قال : الملائكة [ ص: 76 ] قال : سمعت ابن عدي عبدان الأهوازي يقول : سمعت حسين بن حميد بن الربيع ، سمعت يتكلم في أبا بكر بن أبي شيبة يقول : من أين له حديث يحيى بن معين ، عن حفص بن غياث الأعمش يعني : ؟ وقال : هو ذا كتب من أقال مسلما عندنا ، وهو ذا كتب ابنه حفص بن غياث عمر عندنا ، وليس فيها شيء من هذا .
قال : قد روى الحديث ابن عدي مالك بن سعير عن الأعمش ، وقد رواه أبو عوف البزوري عن زكريا بن عدي ، عن . حفص بن غياث
قال : ابن عدي الحسين بن حميد لا يعتمد على روايته ، هو متهم في هذه الحكاية ، ويحيى أوثق وأجل من أن ينسب إليه شيء من ذلك ، وبه يسبر أحوال الضعفاء .
قلت : فحاصل الأمر أن مع إمامته لم ينفرد بالحديث . يحيى بن معين
ولله الحمد .
قال أحمد بن زهير : ولد يحيى في سنة ثمان وخمسين ومائة قلت : وكتب [ ص: 77 ] العلم وهو ابن عشرين سنة .
قال : سئل أبي عن عبد الرحمن بن أبي حاتم يحيى ، فقال : إمام .
وقال النسائي : أبو زكريا أحد الأئمة في الحديث ثقة مأمون .
قال الكلاباذي : روى عنه ، ثم روى عن البخاري عبد الله بن محمد عن يحيى في تفسير براءة وروى عن عبد الله غير منسوب عنه في ذكر أيام الجاهلية .
قال ابن المرزبان : حدثنا أبو العباس المروزي ، سمعت يذكر أن والد داود بن رشيد ابن معين كان مشعبذا من قرية نحو الأنبار ، يقال لها " نقيا " ويقال : إن فرعون كان من أهل نقيا . قال العجلي : كان أبوه معين كاتبا لعبد الله بن مالك .
وقال : حدثني شيخ كاتب ذكر أنه قرابة ابن عدي قال : كان يحيى بن معين معين على خراج الري ، فمات ، فخلف ليحيى ابنه ألف ألف درهم ، فأنفقه كله على الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه .
أخبرنا أبو الغنائم القيسي إجازة ، أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ، أخبرنا أبو بكر الحرشي وأبو سعيد الصيرفي ، قالا : أخبرنا أبو العباس الأصم سمعت العباس بن محمد ، سمعت ، وسأله يحيى بن معين ، يا عباس العنبري أبا زكريا ، من أي العرب أنت ؟ قال : أنا مولى للعرب . [ ص: 78 ] قيل : أصل ابن معين من الأنبار ، ونشأ ببغداد ، وهو أسن الجماعة الكبار الذين هم : علي ابن المديني ، ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، فكانوا يتأدبون معه ، ويعترفون له ، وكان له هيبة وجلالة ، يركب البغلة ، ويتجمل في لباسه ، رحمه الله تعالى . وأبو خيثمة
وقال أحمد بن زهير : سمعت يحيى يقول : أنا مولى للجنيد .
ابن عبد الرحمن المري : قال أحمد بن يحيى الجارود : قال ابن المديني : انتهى العلم بالبصرة إلى يحيى بن أبي كثير وقتادة ، وعلم الكوفة إلى أبي إسحاق ، وعلم والأعمش الحجاز إلى ابن شهاب ، وصار علم هؤلاء الستة إلى اثني عشر رجلا : وعمرو بن دينار ابن أبي عروبة ، ومعمر ، وشعبة ، ، وحماد بن سلمة والسفيانين ، ، ومالك ، والأوزاعي ، وابن إسحاق وهشيم ، وأبي عوانة ، ويحيى بن سعيد ، ويحيى بن أبي زائدة إلى أن ذكر ابن المبارك ، وابن مهدي ، ويحيي بن آدم . فصار علم هؤلاء جميعهم إلى . يحيى بن معين
قلت : نعم ، وإلى ، أحمد بن حنبل ، وأبي بكر بن أبي شيبة وعلي ، وعدة .
ثم من بعد هؤلاء إلى ، أبي عبد الله البخاري وأبي زرعة ، وأبي حاتم ، وأبي داود ، وطائفة .
ثم إلى ، أبي عبد الرحمن النسائي ، ومحمد بن نصر المروزي وابن خزيمة ، . وابن جرير
ثم شرع العلم ينقص قليلا قليلا فلا قوة إلا بالله .
وبإسنادي إلى الخطيب : أخبرنا محمد بن علي المقرئ ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران ، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف ، سمعت صالح بن محمد ، [ ص: 79 ] أخبرنا علي يقول : سمعت علي ابن المديني يقول : انتهى علم الحجاز إلى الزهري ، وعمرو ، إلى أن قال : فانتهى علم هؤلاء إلى ابن معين .
علي بن أحمد بن النضر ، قال ابن المديني : انتهى العلم إلى ، وبعده إلى يحيى بن آدم ، رحمه الله . يحيى بن معين
عبد الخالق بن منصور ، قلت لابن الرومي : سمعت أبا سعيد الحداد يقول : لولا ، ما كتبت الحديث . قال : وما تعجب ! ! فوالله لقد نفعنا الله به ، ولقد كان المحدث يحدثنا لكرامته ما لم نكن نحدث به أنفسنا . يحيى بن معين
ولقد كنت عند أحمد فجاءه رجل ، فقال : يا أبا عبد الله ، انظر في هذه الأحاديث ، فإن فيها خطأ . فقال : عليك بأبي زكريا ، فإنه يعرف الخطأ .
قال عبد الخالق : فقلت لابن الرومي : حدثني أبو عمرو أنه سمع يقول : السماع مع أحمد بن حنبل ، شفاء لما في الصدور . يحيى بن معين
علي بن سهل : سمعت أحمد في دهليز عفان ، يقول لعبد الله بن الرومي : ليت أن أبا زكريا قدم ، فقال : ما تصنع به ؟ قال أحمد : اسكت هو يعرف خطأ الحديث .
وبه إلى الخطيب : أخبرنا الصيرفي ، حدثنا الأصم ، سمعت الدوري يقول : رأيت في مجلس روح سنة خمس ومائتين ، فيسأل أحمد بن حنبل عن أشياء ، يقول : يا يحيى بن معين أبا زكريا ، ما تقول في حديث كذا ؟ وكيف حديث كذا ؟ فيستثبته في أحاديث قد سمعوها . فما قال يحيى : كتبه أحمد . وقلما سمعه يسمي يحيى باسمه ، بل يكنيه .
وبه : أخبرنا أبو سعد الماليني كتابة ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الإدريسي ، حدثني محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البخاري ، سمعت [ ص: 80 ] الحسين بن إسماعيل الفارسي ، سمعت أبا مقاتل سليمان بن عبد الله ، سمعت يقول : هاهنا رجل خلقه الله لهذا الشأن ، يظهر كذب الكذابين ، يعني : أحمد بن حنبل ابن معين .
وبه : حدثنا التنوخي ، ومحمد بن طلحة النعالي ، قالا : حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن إبراهيم البخاري ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حريث ، سمعت أحمد بن سلمة ، سمعت محمد بن رافع ، سمعت يقول : كل حديث لا يعرفه أحمد بن حنبل ، فليس هو بحديث . يحيى بن معين
: حدثنا ابن عدي يحيى بن زكريا بن حيويه ، حدثنا العباس بن إسحاق ، سمعت هارون بن معروف يقول : قدم علينا شيخ فبكرت عليه ، فسألناه أن يملي علينا ، فأخذ الكتاب ، وإذا الباب يدق ، فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : فأذن له ، والشيخ على حالته لم يتحرك . فإذا آخر يدق الباب ، فقال : من ذا ؟ قال : أحمد بن حنبل أحمد الدورقي فأذن له ، ولم يتحرك ، ثم ابن الرومي فكذلك ، ثم أبو خيثمة فكذلك ، ثم دق الباب ، فقال : من ذا ؟ قال : . فرأيت الشيخ ارتعدت يده ، وسقط منه الكتاب . يحيى بن معين
جعفر الطيالسي : سمعت ابن معين يقول : لما قدم عبد الوهاب بن عطاء ، أتيته ، فكتبت عنه ، فبينا أنا عنده ، إذ أتاه كتاب من أهله ، فقرأه ، وأجابهم ، فرأيته ، وقد كتب على ظهره : قدمت بغداد ، وقبلني . والحمد لله رب العالمين . يحيى بن معين
قال أبو عبيد الآجري : قلت : أيما أعلم بالرجال لأبي داود يحيى أو علي ؟ قال : يحيى ، وليس عندي من خبر أهل الشام شيء .
قال عبد المؤمن النسفي : سألت أبا علي صالح بن محمد : من أعلم بالحديث أو يحيى بن معين ؟ فقال : أحمد بن حنبل أحمد أعلم بالفقه ، [ ص: 81 ] والاختلاف ، وأما يحيى ، فأعلم بالرجال والكنى .
محمد بن عثمان بن أبي شيبة : سمعت علي ابن المديني يقول : كنت إذا قدمت إلى بغداد منذ أربعين سنة ، كان الذي يذاكرني أحمد ، فربما اختلفنا في الشيء ، فنسأل أبا زكريا ، فيقوم فيخرجه ، ما كان أعرفه بموضع حديثه .
وقال أبو الحسن بن البراء : سمعت ابن المديني يقول : ما رأيت يحيى استفهم حديثا قط ولا رده .
بكر بن سهل : حدثنا عبد الخالق بن منصور ، قلت لابن الرومي : سمعت بعض أصحاب الحديث يحدث بأحاديث يحيى ، ويقول : حدثني من لم تطلع الشمس على أكبر منه . فقال : وما تعجب ؟ سمعت علي ابن المديني يقول : ما رأيت في الناس مثله .
وعن ابن المديني قال : ما أعلم أحدا كتب ما كتب . يحيى بن معين
وقال أبو الحسن بن البراء ، سمعت عليا يقول : لا نعلم أحدا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى .
قال أحمد بن عقبة ، سألت : كم كتبت من الحديث ؟ قال : كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث - قلت : يعني بالمكرر . يحيى بن معين
قال صالح بن أحمد الحافظ : سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله ، سمعت أبي ، يقول : خلف يحيى من الكتب مائة قمطر ، وأربعة عشر قمطرا ، وأربعة حباب شرابية مملوءة كتبا .
وقال عبد المؤمن : سمعت صالحا جزرة يقول : ذكر لي أن يحيى بن [ ص: 82 ] معين خلف من الكتب ثلاثين قمطرا وعشرين حبا ، فطلب كتبه بمائتي دينار ، فلم يدع يحيى بن أكثم أبو خيثمة أن تباع .
وبإسنادي إلى الخطيب : أخبرنا الماليني ، أخبرنا ، حدثنا ابن عدي موسى بن القاسم بن الأشيب عن بعض شيوخه ، قال : كان أحمد ويحيى وعلي عند عفان أو عند سليمان بن حرب ، فأتى بصك ، فشهدوا فيه ، وكتب يحيى فيه . فقال عفان : أما أنت يا أحمد ، فضعيف في إبراهيم بن سعد ، وأما أنت يا علي ، فضعيف في حماد بن زيد ، وأما أنت يا يحيى ، فضعيف في ابن المبارك . فقال يحيى : وأنت يا عفان فضعيف في شعبة . ثم قال الخطيب : لم يكن واحد منهم ضعيفا وإنما هذا مزاح .
قلت : كل منهم صغير في شيخه ذلك ، ومقل عنه .
عبد الخالق بن منصور : سمعت ابن الرومي يقول : ما رأيت أحدا قط يقول الحق في المشايخ غير يحيى ، وغيره كان يتحامل بالقول .
قلت : هذا القول من عبد الله بن الرومي غير مقبول ، وإنما قاله باجتهاده ، ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل ، لكن هم أكثر الناس صوابا ، وأندرهم خطأ ، وأشدهم إنصافا ، وأبعدهم عن التحامل . وإذا اتفقوا على تعديل أو جرح ، فتمسك به ، واعضض عليه بناجذيك ، ولا تتجاوزه ، فتندم . ومن شذ منهم ، فلا عبرة به . فخل عنك العناء ، وأعط القوس باريها ، فوالله لولا الحفاظ الأكابر ، لخطبت الزنادقة على المنابر ، ولئن خطب خاطب من أهل البدع ، فإنما هو بسيف الإسلام وبلسان الشريعة ، وبجاه السنة وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول ، فنعوذ بالله من الخذلان .
ومن نادر ما شذ به ابن معين ، رحمه الله ، كلامه في أحمد بن صالح حافظ [ ص: 83 ] مصر ، فإنه تكلم فيه باجتهاده ، وشاهد منه ما يلينه باعتبار عدالته لا باعتبار إتقانه ، فإنه متقن ثبت ، ولكن عليه مأخذ في تيه وبأو كان يتعاطاه ، والله لا يحب كل مختال فخور ، ولعله اطلع منه على حال في أيام شبيبة ابن صالح ، فتاب منه أو من بعضه ، ثم شاخ ، ولزم الخير ، فلقيه والكبار ، واحتجوا به . وأما كلام البخاري فيه ، فكلام موتور ; لأنه آذى النسائي ، وطرده من مجلسه ، فقال فيه : ليس بثقة . النسائي
قال الحسن بن عليل : حدثنا قال : أخطأ يحيى بن معين عفان في نيف وعشرين حديثا ، ما أعلمت بها أحدا ; وأعلمته سرا ، ولقد طلب إلي خلف بن سالم أن أخبره بها فما عرفته ، وكان يحب أن يجد عليه .
قال يحيى : ما رأيت على رجل خطأ إلا سترته ، وأحببت أن أزين أمره ، وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه ، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه ، فإن قبل ذلك ، وإلا تركته .
وقال ابن الغلابي : قال يحيى : إني لأحدث بالحديث فأسهر له مخافة أن أكون قد أخطأت فيه .
وبإسنادي إلى الخطيب : حدثنا علي بن طلحة ، أخبرنا صالح بن أحمد الهمذاني ، حدثنا عبد الرحمن بن حمدان بن المرزبان قال : قال لي : إذا رأيت أبو حاتم الرازي البغدادي يحب ، فاعلم أنه صاحب سنة ، وإذا رأيته يبغض أحمد بن حنبل ، فاعلم أنه كذاب . يحيى بن معين
وقال محمد بن هارون الفلاس : إذا رأيت الرجل يقع في ، فاعلم أنه كذاب ، يضع الحديث ، وإنما يبغضه لما يبين من أمر الكذابين . يحيى بن معين
قال الأبار في " تاريخه " : قال ابن معين : كتبنا عن الكذابين ، وسجرنا [ ص: 84 ] به التنور ، وأخرجنا به خبزا نضيجا .
قال أبو داود : سمعت يحيى يقول : أكلت عجينة خبز ، وأنا ناقه من علة .
قال الدوري : سئل عن الرءوس فقال : ثلاثة بين اثنين صالح . يحيى بن معين