ابن يزيد بن عبد الرحمن ، الإمام الحافظ المقرئ القدوة ، شيخ الإسلام أبو محمد الأودي الكوفي . ولد سنة عشرين ومائة
وحدث عن أبيه ، وحصين بن عبد الرحمن ، ، [ ص: 43 ] وسهيل بن أبي صالح ، وهشام بن عروة وأبي إسحاق الشيباني ، وسليمان الأعمش ، ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وابن جريج ومسعر ، وسفيان ، والحسن بن عبيد الله ، ، وأبي مالك الأشجعي والمختار بن فلفل ، ، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة وعاصم بن كليب ، ، وليث بن أبي سليم ، ويزيد بن أبي زياد وابن عجلان ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ، وخلق . وابن إسحاق
وتلا على نافع ، وكان من أئمة الدين .
حدث عنه : مالك ، وهو من مشايخه ، ، وابن المبارك ويحيى بن آدم ، ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة ، وهناد ، وأبو كريب ، ، وأبو سعيد الأشج ، والحسن بن عرفة وأحمد بن عبد الجبار العطاردي ، وخلق كثير .
وقد أقدمه الرشيد بغداد ليوليه قضاء الكوفة ، فامتنع .
قال بشر بن الحارث : ما شرب أحد ماء الفرات فسلم إلا عبد الله بن إدريس .
وقال : كان أحمد بن حنبل ابن إدريس نسيج وحده .
قال يعقوب بن شيبة : كان عابدا فاضلا ، كان يسلك في كثير من فتياه ومذاهبه مسالك أهل المدينة ، يخالف الكوفيين ، وكان بينه وبين مالك صداقة ، ثم قال : وقد قيل : إن جميع ما يرويه مالك في [ ص: 44 ] " الموطأ " فيقول : بلغني عن علي - رضي الله عنه - أنه سمعه من ابن إدريس .
قال أبو حاتم : هو حجة إمام من أئمة المسلمين .
وقيل : لم يكن بالكوفة أحد أعبد لله من ابن إدريس .
قال ابن عرفة : لم أر بالكوفة أفضل منه .
أبو داود ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن الكسائي قال : قال لي : من أقرأ الناس ؟ فقلت : هارون الرشيد عبد الله بن إدريس . قال : ثم من ؟ قلت : ثم . قال : ثم من ؟ قلت : رجل آخر . حسين الجعفي
وعن حسين العنقزي قال : لما نزل بابن إدريس الموت ، بكت بنته ، فقال : لا تبكي يا بنية ، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة .
قال : كان محمد بن عبد الله بن عمار ابن إدريس إذا لحن أحد في كلامه ، لم يحدثه .
قال : سمعت يحيى بن معين ابن إدريس يقول : عندي قوصرة [ ص: 45 ] ملكاية ، وراوية من حوض الربابين ، ودبة زيت ، ما أحد أغنى مني .
وكان ابن إدريس يحرم النبيذ ، وقال : قلت لحفص بن غياث : اترك الجلوس في المسجد ، فقال : أنت قد تركت ذلك ولم تترك
قلت : لأن يأتيني البلاء وأنا فار أحب إلي من أن يأتيني وأنا متعرض له .
قال أبو خيثمة : سمعت ابن إدريس يقول :
كل شراب مسكر كثيره فإنه محرم يسيره إني لكم من شره نذيره
قال أبو بكر بن أبي شيبة : سمعت ابن إدريس يقول : كتبت حديث أبي الحوراء ، فكتبت تحته : " حور عين " .
قلت : لم يكن لهم في ذلك الوقت شكل بعد .
قال يعقوب بن شيبة : حدثنا عبيد بن نعيم ، حدثنا الحسن بن الربيع البوراني قال : قرئ كتاب الخليفة إلى ابن إدريس ، وأنا [ ص: 46 ] حاضر : من عبد الله هارون أمير المؤمنين إلى عبد الله بن إدريس ، قال : فشهق ابن إدريس شهقة ، وسقط بعد الظهر ، فقمنا إلى العصر ، وهو على حاله ، وانتبه قبيل المغرب ، وقد صببنا عليه الماء فلا شيء ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، صار يعرفني حتى يكتب إلي ! أي ذنب بلغ بي هذا ؟ ! .
قلت : قد وثقه يحيى بن معين وعبد الرحمن بن خراش ، والناس .
وقيل : بل كان مولده سنة خمس عشرة ومائة ومات بالكوفة في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين ومائة .
قال ابن عمار الموصلي : كان ابن إدريس من عباد الله الصالحين ، من الزهاد ، وكان ابنه أعبد منه ، ولم أر بالكوفة أحدا أفضل من عبد الله بن إدريس ، . وعبدة بن سليمان
وقال : ثقة ثبت . النسائي
وقال : سمعت أحمد بن جواس ابن إدريس يقول : ولدت سنة خمس عشرة وكذا قال وجماعة في مولده ، وهو المحفوظ . أحمد بن حنبل
وروى العباس بن الوليد الخلال ، عن عرفة بن إسماعيل ، عن ابن إدريس ، قال : سمعت شعبة يقول : مات سنة عشرين ومائة ، ثم قال حماد بن أبي سليمان ابن إدريس : وفيها مولدي ، فهذا قول شاذ . [ ص: 47 ]
وتوفي سنة 92 قاله أحمد ، وابن مثنى ، والأشج ، وابن سعد ، وزاد : في عشر ذي الحجة .
وقد غلط بعض القراء ، وزعم أن ابن إدريس تلا على ابن كثير ، ما لحقه ولا قارب .
وروي عن رجل عن أن وكيع عبد الله بن إدريس امتنع من القضاء ، وقال للرشيد : لا أصلح ، فقال الرشيد : وددت أني لم أكن رأيتك ، فقال : وأنا وددت أني لم أكن رأيتك ، فخرج ، ثم ولى ، وبعث حفص بن غياث الرشيد بخمسة آلاف إلى ابن إدريس ، فقال للرسول - وصاح به - : مر من هنا ، فبعث إليه الرشيد : لم تل لنا ، ولم تقبل صلتنا ، فإذا جاءك ابني المأمون ، فحدثه ، فقال : إن جاء مع الجماعة ، حدثناه ، وحلف ألا يكلم حتى يموت . حفص بن غياث
أبو سعيد الأشج : حدثنا ابن إدريس : قال لي الأعمش : والله لا حدثتك شهرا . فقلت : والله لا أتيتك سنة . قال : ثم أتيته بعد سنة ، فقال : ابن إدريس ؟ قلت : نعم . قال : أحب أن يكون للعربي مرارة .
قال حسين بن عمرو العنقزي : لما نزل بعبد الله بن إدريس الموت ، بكت بنته ، فقال : لا تبكي ، قد ختمت في هذا البيت أربعة آلاف ختمة .
قال يعقوب بن شيبة : سمعت ، وجعل يذم قراءة [ ص: 48 ] علي بن المديني حمزة ، وقال : إنما نزل القرآن بلغة قريش ، وهي التفخيم ، فقال له بشر بن موسى : حدثنا نوفل . فقال ابن المديني : نوفل ثقة . قال : سمعت عبد الله بن إدريس يقول لحمزة : اتق الله ، فإنك رجل تتأله ، وهذه القراءة ليست قراءة عبد الله ، ولا قراءة غيره . فقال حمزة : أما إني أتحرج أن أقرأ بها في المحراب . قلت : لم ؟ قال : لأنها لم تكن قراءة القوم . قلت : فما تصنع بها إذا ؟ قال : إن رجعت من سفري لأتركنها . ثم قال ابن إدريس : ما أستجيز أن أقول لمن يقرأ لحمزة : إنه صاحب سنة .
قلت : اشتهر تحذير ابن إدريس من ذلك ، والله يغفر له ، وقد تلقى المسلمون حروفه بالقبول ، وأجمعوا اليوم عليها .
وأعلى ما يقع حديث ابن إدريس في جزء ابن عرفة .
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر ، أخبرنا سعيد بن البناء ، أخبرنا علي بن البسري ، أخبرنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة عبد الله بن إدريس ، وجرير ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : . إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله - تعالى - فيها خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه ، وذلك كل ليلة
أخرجه مسلم عن عثمان ، عن جرير وحده .