الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسفر زميلة زوجكِ على الهيئة المذكورة دون مَحْرَم، يُنهَى عنه، ففي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا، وكذا، وامرأتي تريد الحج، فقال: اخرج معها.
ثم إنه لا يخفى أن تكرار سفر المرأة مع رجلين معينين، يزيل غالبا ما بينهم من الحشمة والكلفة، وهذا يجر غالبا إلى ما هو أكبر منه، ولا يؤمن معه اتباع خطوات الشيطان، ولو روعي مع ذلك كثرة الفساد وشيوعه، وتساهل الناس في أسبابه -كما أشار إليه الزوج نفسه بقوله: الناس كلهم هكذا- فهنا لابد من سد الذرائع، والاحتياط، والحذر، والبعد عن أسباب الفتن.
قال أبو العباس القرطبي في شرح صحيح مسلم -المفهم- عند قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا يدخلن رجل على مغيبة إلا ومعه رجل، أو اثنان. قال: سدًّا لذريعة الخلوة، ودفعًا لما يؤدي إلى التهمة، وإنما اقتصر على ذكر الرجل والرجلين لصلاحية أولئك القوم؛ لأن التهمة كانت ترتفع بذلك القدر، فأما اليوم: فلا يكتفى بذلك القدر، بل بالجماعة الكثيرة، لعموم المفاسد، وخبث المقاصد، ورحم الله مالكا، لقد بالغ في هذا الباب حتى منع فيه ما يجر إلى بعيد التهم، والارتياب؛ حتى منع خلوة المرأة بابن زوجها، والسفر معه، وإن كانت محرمة عليه؛ لأنه ليس كل أحد يمتنع بالمانع الشرعي؛ إذا لم يقارنه مانع عادي، فإنه من المعلوم الذي لا شك فيه: أن موقع امتناع الرجل من النظر بالشهوة لامرأة أبيه ليس كموقعه منه لأمه، وأخته، هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية، وذلك قد أنست به النفس الشهوانية، فلا بد مع المانع الشرعي في هذا من مراعاة الذرائع الحالية، ومن باب اجتناب التهم، وما يجر إليها. اهـ.
قال ذلك -رحمه الله- وهو من علماء القرن السابع الهجري، فماذا عساه أن يقول في زماننا هذا؟!
والخلاصة أن سفر زوجكِ بالطريقة المذكورة منهي عنه شرعا، وتحفه مخاطر كبيرة، فبيني له ذلك.
والله أعلم.